افتتحت صناديق الاقتراع اليوم منذ الساعة السابعة صباحا، في
استفتاء تاريخي على بقاء
بريطانيا في
الاتحاد الأوروبي، وسط استطلاعات للرأي، جاءت بنتائج متقاربة بين معسكري الخروج والبقاء.
وتشير الاستطلاعات، بحسب ما ترجمته "
عربي21"، إلى أن البريطانيين منقسمون إلى نصفين بشأن الاستفتاء، الذي سيحدد مصير بريطانيا والاتحاد الأوروبي ومصير رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون، الذي خاطر وأعلن عن استفتاء مصيري، حيث إنه بعد أربعة أشهر من الحملات الانتخابية الشرسة لا يفصل بين معسكري الخروج والبقاء سوى نقطتين، 51% للبقاء و49% للخروج، وذلك بحسب استطلاع مؤسسة "يوغف"، فيما أظهر استطلاعان آخران لكل من مؤسسة "أوبونيوم" و"تي أن سي"، أن معسكر الخروج في المقدمة، وبفارق نقطتين عن الداعين للبقاء.
وأعطى استطلاع لـ"كومريس" يوم أمس معسكر البقاء ثماني نقاط، مع أن النسبة ليست كبيرة، أي 54% إلى 46%.
ويعول الفريقان على النسبة التي لم تحدد رأيها، حيث إنه من المتوقع أن ترجح هذه نسبة الاستفتاء، فبحسب استطلاع "يوغف"، الذي أجرته المؤسسة لصالح صحيفة "التايمز"، فإن نسبة 27%، التي لم تحسم أمرها، قالت إنها قد تصوت لصالح البقاء عندما تذهب إلى صناديق الاقتراع، وتركز النقاش في معظم حملات الاستفتاء على قضيتي الهجرة والاقتصاد، وتبادل كل طرف الاتهامات.
وتركز الحديث في المناظرة التي نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في ميدان ويمبلي يوم الثلاثاء، وشارك فيها عمدة لندن الحالي صادق خان والعمدة السابق بوريس جونسون، الذي يقود معسكر الخروج، وحضرها 6 آلاف شخص، على الهجرة.
وتشير الاستطلاعات إلى أن معظم الرجال يميلون للتصويت لمعسكر الخروج، أما النساء فيملن لمعسكر البقاء، حيث كشفت الاستطلاعات أيضا عن دعم كبير في شمال إيرلندا واسكتلندا ولندن لمعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي، وكشفت حملات الاستفتاء عن فجوة جيلية، حيث يميل الشباب لصالح البقاء في أوروبا، أما الكبار، خاصة من الفئة العمرية من 65 عاما وفوق، فيميلون لصالح الخروج.
وكان كاميرون أعلن في عام 2013 عن فكرة الاستفتاء، لمواجهة سخط الناخبين الفقراء من تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى بريطانيا، وارتبط تدفق المهاجرين بحرية الحركة داخل دول الاتحاد الأوروبي والجمود الاقتصادي، الذي شهدته منطقة اليورو، حيث كان قرار كاميرون مدفوعا لتوحيد حزبه، الذي يعاني من وجود معسكر يشك بأوروبا، ويدعو للخروج منها، لكن الحزب انقسم عشية الاستفتاء بين تيار يقوده جونسون وآخر يقوده وزير العدل مايكل غوف.
وأنهى جونسون حملته قبل وقف الحملات في حانة في دارلينغتون، وانتقد مفوض الاتحاد الأوروبي جون كلود يونكر، الذي قال إن بريطانيا منحت في المفاوضات صفقة جيدة، وحذر من انهيار الاتحاد الأوروبي، ودعا الناخب البريطاني لاختيار الأمل على الخوف.
وقال العمدة السابق إن معسكره على بوابة النصر، وإن الفرصة لن تتكرر أبدا، ودعا البريطانيين للتصويت من أجل استعادة بلدهم وديمقراطيتهم، أما رئيس الوزراء فقد استعان بسلفيه جون ميجر وغوردون براون، وحث الثلاثة الناخب البريطاني على التفكير قبل التصويت بالثمن الأمني والاقتصادي، وموقع بريطانيا في العالم إن اختارت الخروج.
وختم كاميرون حملته في مدينة بيرمنغهام، حيث شمر عن ساعديه، وقال: "لا توجد مشكلة واجهت بلدنا وتواجه العالم لم تحل دون العمل معا، كيف يمكننا بناء اقتصاد كبير وضخم، هل سنقوم به بأنفسنا؟ لا، سنحققه معا ومع الآخرين".
ويرى معظم المعلقين أن نتائج الانتخابات، أيا كانت مع أو ضد، فهي مؤشر على ضرورة تغير أوروبا، واعترف وزير المالية الألماني ولفانغ شوبل يوم الثلاثاء بأن الاستفتاء هو "صرخة تحذير" للاتحاد الأوروبي من أن مؤسساته فقدت الصلة مع المواطنين الأوروبيين، وقال وزير المالية الهولندي إن البريطانيين ليسوا وحدهم من يشكون في قدرة الاتحاد الأوروبي، وحذر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك زملاءه، من أن "منظور الانهيار" يلاحق أوروبا، وسيمزقها إن ظل معسكر البقاء مهووسا بفكرة "الاندماج الشامل".
وتقول صحيفة "التايمز"، التي وقفت مع معسكر البقاء، في افتتاحيتها إنه "في حالة كانت النتيجة لصالح الخروج، فإنه يمكن عندها التكهن بثلاثة تداعيات، الأول هو رد الأسواق المالية بسرعة على النتيجة، والثاني هو انشغال الأجندة الأوروبية، وعلى مدار العامين المقبلين، بمسألة خروج بريطانيا من أوروبا، وستستلهم دول ترغب بالخروج، مثل فرنسا وإيطاليا وهولندا وهنغاريا، التجربة، وحتى لو فاز معسكر البقاء بفارق ضئيل، فإنه من (الحمق) بمكان الضغط باتجاه اندماج واسع".
وتضيف الافتتاحية أنه "لو فاز معسكر البقاء فإن كاميرون سيحصل على تنازلات من الاتحاد الأوروبي حول المعونات المالية للمهاجرين، ولن تكون كافية، وعلى بروكسل التخلي عن حلم الدولة الفيدرالية (سوبر)، والتركيز على استكمال السوق الموحد في مجال الخدمات، التي تعد مهمة بالنسبة لبريطانيا، ويجب أن يحضر نفسه لإعادة كتابة قواعد حرية الحركة والعمالة؛ حتى تتمكن الدول من السيطرة عليها، إن رغبت بذلك".
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول: "كانت حملة مليئة بالكدمات، لكن فيها علاج، فقد تم بث قضايا مهمة ونشرها للقارة كلها، وتم فحص حقائق غير صحيحة ومبالغ فيها وتعريتها، وتمت تصفية قضايا معقدة وعابرة للأقطار، وتأكيد ما هو مهم فيها، وقدم كل معسكر أرقاما جديدة، ويجب أن نثني على (بي بي سي)، التي تحركت على حبل رقيق للحفاظ على النزاهة والحوار البناء، بحلول العاشرة والنصف غدا، تكون بريطانيا قد تكلمت، والأمر بيد أوروبا للرد".