نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا تبحث فيه أبعاد التقارب التركي الروسي، والتغيرات المرتقبة في سياسات البلدين، بعد عودة العلاقات بينهما إلى سابق عهدها، قبل أزمة إسقاط الجيش التركي لمقاتلة روسية.
ويكشف التقرير عن أن كلا من
تركيا وروسيا تتطلعان "للتنسيق" في إدارة الأزمة السورية، واصفا هذا التنسيق بالتحول المهم، الذي قد يكون ضربة للجهود الغربية الرامية للإطاحة بنظام بشار
الأسد.
وتشير الصحيفة إلى أن الإعلان عن التنسيق الجديد، جاء بعد تحول آخر في السياسة الأمريكية، التي قبلت التعاون مع
روسيا في القتال ضد الجهاديين في
سوريا.
ويذكر التقرير أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال بعد اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف: "يمكننا الحديث مع الروس في أي شيء سلبا أو إيجابا؛ لأن الحوار الذي انقطع قد عاد إلى ما كان عليه سابقا"، وقال لافروف إن كلا الطرفين يريد "تعديل النبرة من أجل تطبيع العلاقات"، وذلك بعد اجتماع عقد بين المسؤولين الروسي والتركي في منتجع سوتشي على البحر الأسود.
وتنقل الصحيفة عن لافروف، قوله إن الطرفين سيستأنفان التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، بعد ظهور أدلة تشير إلى وصول منفذي الهجمات على مطار اسطنبول من مناطق القوقاز في روسيا.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن الشرطة التركية قولها إن المهاجمين الثلاثة جاؤوا من روسيا وقيرغستان وأوزبكستان، مشيرا إلى أن الهجوم أدى إلى مقتل 44 شخصا، حيث ذكرت الشرطة أن العقل المدبر للعملية هو أحمد تشاتاييف، الذي شارك في الحرب الشيشانية الثانية ضد روسيا، وتعتقد السلطات الأمنية الروسية أنه يتولى منصبا بارزا داخل تنظيم الدولة.
وتلفت الصحيفة إلى أن محادثات يوم الجمعة كانت أول لقاء رفيع المستوى، بعد تعهد الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين والرئيس التركي رجب طيب
أردوغان بإعادة العلاقات التجارية، والتعاون في عمليات مكافحة الإرهاب، بعد انقطاع دام تسعة أشهر.
وينوه التقرير إلى أن توتر العلاقات بين البلدين كان في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، عقب إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية من نوع "سوخوي-25"، دخلت الأجواء التركية أثناء قيامها بغارات داخل سوريا، ما أدى إلى مقتل طياريين كانا على متنها، وجرح آخر، مشيرا إلى أن روسيا ردت بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية، ومنع الرحلات التجارية من السفر إلى تركيا، وحظر استيراد الخضار والفاكهة التركية، حيث يتوقع رفع الحظر في الأسابيع المقبلة.
وتفيد الصحيفة بأن روسيا وتركيا دعمتا الأطراف المتضادة في الحرب، حيث دعمت أنقرة بشكل مفتوح المعارضة التي تقاتل للإطاحة بنظام بشار الأسد، فيما دعمت موسكو النظام السوري، مستدركة بأن مخاوف تركيا من ولادة دويلة كردية على حدودها جعلها تغير مواقفها تجاه النظام السوري.
وينقل التقرير ما تحدث به أحد مسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم لوكالة أنباء "رويترز"، قائلا: "في نهاية المطاف، فإن الأسد قاتل، ويقوم بتعذيب شعبه، ولن نغير موقفنا منه، لكنه لا يدعم الحكم الذاتي الكردي، فقد لا نحب بعضنا، لكننا في هذا الموضوع نتبنى السياسة ذاتها".
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من ذلك، فإن مسؤولا حكوميا أخبر "ديلي تلغراف" أنه "لا تغيير في السياسة التركية تجاه سوريا"، وقال: "نعتقد أن تعاونا وثيقا بين تركيا وروسيا قد يساعد في معالجة الوضع في سوريا"، وأضاف المسؤول: "لا توجد خطط حقيقية للتعاون في الوقت الحالي".
وبحسب التقرير، فإن قوات حماية الشعب، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، حظيت بدعم عسكري من الولايات المتحدة ومن روسيا أيضا، حيث سمحت السلطات الروسية لممثلين عن "روجوفا"، وهو الاسم الذي يطلقه الأكراد على منطقة شمال سوريا، بافتتاح مكتب لهم في العاصمة الروسية موسكو.
وتجد الصحيفة أنه بالرغم من أن الروس لم يعبروا صراحة عن تغيير في سياستهم تجاه الأكراد، إلا أن ذوبان الجليد في العلاقات مع تركيا سيكون أخبارا سيئة لحزب الاتحاد الديمقراطي، مشيرة إلى قول لافروف: "لسنا مختلفين بالضرورة حول من نطلق عليهم إرهابيين، ومن لا نطلق عليهم ذلك".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة اقترحت على روسيا خطة للتعاون الأمني في سوريا ضد تنظيم جبهة النصرة، الذي يعد الفرع السوري لتنظيم القاعدة، حيث كان التحالف هو ما ترغب روسيا بتحقيقه، لكن الولايات المتحدة رفضت في السابق عروض موسكو المتكررة للتعاون ضد الجهاديين.