أعطى محافظ البنك المركزي
المصري طارق عامر تلميحا قويا، بأنه سيتحرك لخفض سعر صرف الجنيه قائلا: "لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة"، وأوضح أن "انخفاض الجنيه له إيجابيات لتنمية الصادرات".
وفي مقابلات مع ثلاث صحف مصرية نشرت الأحد، شدد عامر على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها.
وتعاني مصر من أزمة عملة صعبة يعزوها الاقتصاديون لتقويم الجنيه بأعلى من قيمته الحقيقية. وكان البنك المركزي خفض سعر العملة إلى 8.85 جنيه مقابل
الدولار من 7.73 جنيه في آذار/ مارس وأعلن أنه سينتهج سياسة سعر صرف أكثر مرونة.
وفي وقت لاحق من آذار/ مارس رفع قيمة العملة إلى 8.78 جنيه مقابل الدولار. لكن اقتصاديين يقولون إن السعر الجديد ما زال أعلى من القيمة الفعلية للجنيه.
ويباع الدولار في البنوك مقابل 8.88 جنيه وفي السوق الموازية بأكثر من 11 جنيها وفقا لمتعاملين.
وقال عامر: "لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة. سآخذ القرارات الصحيحة من وجهة نظري وأتحمل نتائجها... استهداف سعر العملة بغرض الحفاظ عليه كان خطأ فادحا وكلف الدولة مليارات الدولارات في السنوات الخمس الماضية".
وتابع: "أسعار الصرف غير الحقيقية تعني تقديم دعم بشكل غير مباشر لكل إنسان يعيش في مصر بمن فيهم الأغنياء".
وأضاف أن البنك المركزي حصل على 22.5 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية "ضاع أغلبها على استهداف سعر الصرف وكان يجب استخدامها في إصلاح السياسة النقدية ومنظومة النقد الأجنبي".
وقال: "مثلما لانخفاض سعر الصرف إيجابياته فإن لارتفاعه إيجابيات على الاقتصاد أيضا حيث ترفع تنافسية المنتج المصري وتزيد قدرته على النفاذ للأسواق الخارجية وبالتالي زيادة الصادرات وتقليل الاستيراد".
وقد يدعم خفض محكوم في قيمة الجنيه الصادرات ويجتذب المزيد من الاستثمارات. لكنه سيزيد أيضا فاتورة واردات الوقود والغذاء المتضخمة بالفعل، وربما يرفع التضخم في بلد يعتمد على الواردات ويعيش فيه الملايين على حد الكفاف.
وأوضح أن البنك المركزي المصري لا يستهدف سعرا معينا للعملة ولا نخضع لإملاءات الخارج.
في المقابل وبمجرد إعلان تصريحات محافظ البنك المركزي المصري اشتعلت
المضاربات على الدولار وسجل أسعارا جديدة في تعاملات السوق السوداء ملامسا مستويات 11.25 جنيه مقابل 10.85 جنيه في تعاملات الخميس الماضي.
وقال المحلل المالي محمود عبد الوهاب في تصريحات لـ"
عربي21"، إن البنك المركزي المصري لا يملك سوى أن يقوم بخفض الجنيه في إطار تقريب الفرق بين سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية وبين سعره في السوق السوداء.
وأوضح أن خفض قيمة الجنيه لن يحل الأزمة ولن يدعم استقرار سوق الصرف، مؤكدا أن التضخم سوف يسجل مستويات جديدة ويرتفع من 12.3% في الوقت الحالي ليزحف صوب 15% بمجرد اتخاذ القرار.
وأشار إلى أن أي تحرك سوف يصاحبه ارتفاع شديد في الأسعار ولم يتحمل البسطاء والفقراء أية زيادات أو أعباء جديدة سوف تنتج عن ارتفاع أسعار السلع التي بدأت ترتفع منذ أكثر من عام وتجاوزت 100% في بعض السلع والأدوية.