كتب مراسلا صحيفة "التايمز" البريطانية في كل من روما والقاهرة توم كينغتون وبيل ترو، تقريرا عن مأساة المهاجرين، الذين لا يستطيعون تأمين ثمن رحلة العبور من شواطئ المتوسط الجنوبية إلى أوروبا.
ويكشف التقرير عن أن هؤلاء المهاجرين يباعون للمصريين، الذين يقومون باستخراج أجزاء من أعضائهم، حيث يقول مهرب سابق إن كل مهاجر أفريقي يباع بقيمة 15 ألف دولار أمريكي.
وينقل الكاتبان عن نور الدين عطا، الذي جاء من أريتريا، وعمل في التهريب، وألقت الشرطة الإيطالية القبض عليه، وأصبح مخبرا لهم، قوله إن
المصريين كانوا يأخذون الأعضاء المستخرجة من المهاجرين في قوارير حرارية.
وتشير الصحيفة إلى أن تعاون عطا مع الشرطة أدى إلى اعتقال 23 شخصا، ومصادرة مبلغ 526 ألف يورو من محل بيع عطور استخدم واجهة للمهربين، حيث بدأ تعاون عطا مع الشرطة الإيطالية بعدما غرق 360 مهاجرا أمام شواطئ جزيرة لامبيدوزا، وزعم عطا قائلا: "كان هناك عدد كبير من الوفيات في البحر"، وأضاف: "قيل لي إن من لا يدفع ثمن الرحلة، فإنه يباع للمصريين لقتله، واستخراج أعضائه، التي تباع في مصر بقيمة 15 ألف دولار"، لافتة إلى أنه أخبر المحققين أن المصريين "كانوا يحضرون جاهزين لاستخراج الأعضاء، ونقلها في حقائب معزولة".
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن عملية حصاد الأعضاء البشرية، التي يزعم عطا حدوثها، تؤكدها الشواهد، حيث تم وضع صور أعضاء على مواقع التواصل الاجتماعي، واكتشاف جثث تسعة صوماليين قرب الشواطئ المصرية، تحمل آثار جراح، وتشير إلى أن أعضاءهم تم نزعها قبل قتلهم.
ويلفت الكاتبان إلى أن أبناء العشائر العربية في سيناء، كانوا في الماضي يتهمون بتخدير المهاجرين، وحقنهم بالمخدرات، ثم يقوم أطباء بنزع أعضائهم البشرية، التي تباع إلى أثرياء عرب، وبعد ذلك يترك
المهاجرون على حالهم، ويموتون، ثم يرمون في الآبار المهجورة، ويقول بدوي للصحافيين: "إنهم مثل قطع الغيار للسيارات".
وتنوه الصحيفة إلى أن عطا (30 عاما)، وصل من
ليبيا، وحصل على اللجوء السياسي في
إيطاليا قبل عقد من الزمان، بعد أن كان ينظم رحلات المهاجرين بعد وصولهم إلى الأراضي الإيطالية، وينقلهم مستخدما سائقين إيطاليين، ويوفر لهم السكن في صقلية، حيث اعتبر في هذه الحالة "محترفا"، وعمل مع المهرب الإثيوبي سيئ السمعة إرميس جيرمي، الذي لا يزال حرا، ويعتقد أنه في ليبيا.
وبحسب التقرير، فإنه تم الكشف عن هذه المعلومات أثناء جلسة استماع قبل المحاكمة، عقدها قضاة في مدينة باليرمو في قضية أريتري آخر اعتقل في السودان الشهر الماضي، في عملية مشتركة مع الشرطة البريطانية، ومتهم بأنه متعاون مع زعيم عصابة تهريب معروف يدعى ميهاندي يهديغو ميريد.
ويستدرك الكاتبان بأن أريتريين تم نقلهما من السويد؛ للشهادة أمام المحكمة، قالا إن الشرطة اعتقلت شخصا بريئا بالخطأ، واسمه ميدهاني تسيفامريام بيرهي، حيث قال أحد الشهود إنه يستطيع التعرف على المهرب الحقيقي؛ لأنه باعه في سيناء لبدوي قام بتعذيبه، مشيرين إلى أن محامي الشخص المعتقل، وهو ميشيل كالانتروبو، تحدث قائلا: "المهرب الحقيقي في ليبيا، وهو مسلح وسريع الغضب، ويدخن الحشيش"، وأضاف أنه "سيكون سعيدا الآن".
وتقول الصحيفة إن "المهاجرين، الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا، يواجهون التعذيب، ويجبرون على اعتناق الإسلام، والاغتصاب، والعبودية على يد المهربين والجهاديين، ومعظم هؤلاء المهاجرين جاءوا من دول الصحراء، ووصفوا في تقرير لمنظمة العفو الدولية عمليات اختطافهم من أجل الفدية، فيما قالت النساء إن العنف الجنسي منتشر، إلى درجة أنهن أخذن حبوب منع الحمل قبل سفرهن".
ويورد التقرير نقلا عن معدة تقرير المنظمة مجدلينا مغربي، قولها إن "التجربة التي يصفونها عن الظروف التي عانى منها من جاءوا إلى أوروبا مرعبة، حيث كانوا في حالة يائسة للهرب"، وأضافت: "على المجتمع الدولي أن يعمل ما بوسعه؛ من أجل منع هؤلاء من الفرار إلى ليبيا في المقام الأول".
ويفيد الكاتبان بأنه يعتقد أن هناك 264 ألف مهاجر غير شرعي يقيمون في ليبيا، التي مزقتها الحرب، بحسب أرقام منظمة الهجرة الدولية، حيث يدفع كل واحد من المهاجرين مبلغ 800 دولار تقريبا للمهربين؛ ليعبروا إلى المدن الجنوبية في ليبيا، مثل القطرون وسبها والكفرة، لافتين إلى أن الكثيرين يدفعون مبلغ 900 دولار؛ لمواصلة الرحلة غربا إلى الساحل، عبر قوارب قديمة، ليصلوا إلى أوروبا، حيث مات في البحر المتوسط هذا العام ثلاثة آلاف شخص، وبلغ عدد الذين وصلوا عبر البحر إلى ليبيا حوالي 63 ألف شخص.
وتذكر الصحيفة أن الكثير من المهاجرين يرغبون بمواصلة الرحلة إلى الدول الأوروبية الأخرى، التي شددت الرقابة على حدودها، لافتة إلى أن 750 مهاجرا في البلدة الإيطالية فينتميغليا احتجوا في نهاية الأسبوع على منعهم من العبور إلى فرنسا.
ويستدرك التقرير بأنه رغم صعوبة الرحلة، إلا أنه يتم تبادل المهاجرين بين المهربين والجماعات المسلحة، خاصة
تنظيم الدولة، الذي يدير طرقا للتهريب، مشيرا إلى أن تقرير منظمة العفو ينقل عن راميا التي وصلت من أريتريا إلى ليبيا، قولها إنها تعرضت للاغتصاب، وشاهدت أخرى تتعرض لاغتصاب جماعي؛ لأنها لم تدفع ثمن الرحلة.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن تنظيم الدولة يقوم باختطاف المهاجرين المسيحيين، وإجبارهم على اعتناق الإسلام، وتحويل النساء منهم إلى سبايا، حيث تقول أمل (21 عاما) إنها اختطفت مع 71 شخصا آخرين قرب مدينة بنغازي، وظلت تُضرب حتى اعتنقت الإسلام، واغتصبها عدد من الرجال، قبل أن تعطى لشخص معين اغتصبها هو الآخر.