نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، قالت فيه إن الشرطة البريطانية والإيطالية تحققان فيما إذا كان الشخص الذي تم
اعتقاله في عملية مكافحة تهريب المهاجرين هو الشخص المطلوب، بعد الادعاء بالقبض على أشد المطلوبين من
مهربي المهاجرين.
ويشير التقرير إلى أن المحققين من الطرفين أعلنوا يوم الأربعاء أنهم اعتقلوا ميدهاني يهديغو ميريد، أريتيري عمره 35 عاما، وسماه النائب العام الإيطالي "رئيس أهم المجموعات الإجرامية التي تعمل في وسط إفريقيا وليبيا"، لافتا إلى أن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة البريطانية "NCA" أشادت باعتقال "أحد أكثر المطلوبين في العالم في مجال تهريب البشر"، بعد أن تم تسليمه من السودان يوم الأربعاء إلى
إيطاليا، حيث تم اعتقاله.
وتستدرك الصحيفة بأنه بعد الإعلان بمجرد ساعات، اضطرت كل من بريطانيا وإيطاليا إلى
التحقيق في شخصية الرجل الذي أرسلته السودان، بعد أن قال ثلاثة أصدقاء مقربين منه بأن هناك خطأ بسبب تشابه بالأسماء.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن أصدقاء المعتقل المقربين قولهم، إن الشخص المعتقل في إيطاليا هو ميدهاني تسفامريم كيداني، وهو لاجئ عمره 27 عاما، تم اعتقاله في شوارع الخرطوم في نهاية الشهر الماضي، حيث إنه يشترك مع الشخص المطلوب بالاسم الأول فقط، لكنه لم يدخل
ليبيا في حياته، التي من المفروض أن تتمركز فيها عمليات التهريب التي يديرها ميريد، مشيرين إلى أنه ليست له علاقة بتهريب المهاجرين، وأن صور كيداني لا تشبه صور ميريد.
وتنقل الصحيفة عن فشاي تاسفاي، وهو لاجئ أريتيري يعيش في صيقلية، قوله إن كيداني ابن خاله، وإنه نشأ في أسمرة عاصمة أريتيريا، ولا علاقة له بتهريب البشر، وأضاف أن كيداني غادر أريتيريا عام 2014، وذهب إلى الخرطوم، حيث عاش هناك مع أخيه وأخته، مشيرا إلى أنه لم يكن عنده عمل، فكان يبعث له بعض المال.
وتأكدت "الغارديان" من صحة كلام تاسفاي، من أصدقاء كيداني في الخرطوم، حيث قال أحدهم: "إنه أقرب أصدقائي وهو بريء"، وأضاف أن كيداني اعتقل أواخر آيار/ مايو، وأنه تم جلبه للبيت لتفتيش غرفته، ثم اختفى بعد ذلك لعدة أيام، قبل أن يظهر في روما يوم الأربعاء، وقال صديق آخر: "لقد اعتقلوا الشخص الخطأ بكل تأكيد، إنه ليس مهرب بشر، بل هو مجرد لاجئ بسيط، كنا نشرب الشاي معا".
ويلفت التقرير إلى أن ميرون إستيفانوس، وهي مذيعة أريتيرية تعمل في السويد، ومعروفة لدى الأريتيريين في المهجر، كانت من أوائل من دق جرس الإنذار، وقالت: "وصلت إليّ رسائل من حوالي 400 شخص، تقول: أعرف هذا الشخص، لقد نشأت معه .. إنه الشخص الخطأ".
وتذكر الصحيفة أن السلطات الإيطالية والبريطانية أعلنت ليلة الأربعاء بأنها تنظر في هذه الادعاءات، مستدركة بأنه لم تعترف أي منهما بالوقوع في الخطأ علنا، حيث قال متحدث باسم "NCA": "أخذنا هذا التقرير بعين الاعتبار، هذه عملية يشارك فيها أكثر من طرف، ومن المبكر التخمين بخصوص هذه الادعاءات، و(NCA) واثقة من عملية جمع المعلومات التي تقوم بها".
وينوه التقرير إلى أنه في حال كان الشخص المعتقل هو الرجل الخاطئ، فإن هذا الخبر سيكون كالصاعقة للمحققين الأوروبيين، الذين كانوا يأملون بأنهم اصطادوا أحد أكثر المطلوبين، حيث وصل إلى إيطاليا أكثر من 320 ألف شخص قادمين من ليبيا عامي 2014 و 2015، بما في ذلك 70 ألف أريتيري، وبحسب ما يقول ميريد، الذي يقال إنه لا يزال حرا، فإن له يدا في حوالي 4% من هذه السوق.
وتنقل الصحيفة عن إستيفانوس، التي قابلت ميريد هاتفيا، وكان ذلك جزءا من بحثها في كيفية معاملة اللاجئين الأريتيريين في شمال إفريقيا، قولها: "اعترف بتهريب 13 ألف شخص"، مشيرة إلى أنها لم تر مهربا أريتيريا يصل إلى مكانته بهذه السرعة.
ويفيد التقرير بأن ميريد قال في مقابلته مع إستيفانوس، إنه لم يؤد دورا في نقل اللاجئين عبر الصحراء أو البحر الأبيض المتوسط، بل كان يعمل وسيطا تحت حماية المسؤولين الليبيين والسودانيين، الذين يمدهم بتدفق مستمر من المهاجرين، ويقومون بالترتيبات اللوجستية، مقابل نسبة كبيرة من أرباحه.
وبحسب مقابلات أجرتها "الغارديان" مع لاجئين أريتيريين، فإن سائقين سودانيين يقومون بنقل اللاجئين إلى الحدود الليبية، ويتولى سائقون ليبيون نقلهم في شاحنات مكتظة إلى شمال ليبيا، حيث يموت عدد منهم من العطش، والأسوأ أن بعضهم يترك في الصحراء ليمشي في رحلة أسوأ من رحلة البحر.
ويكشف التقرير عن أنه عندما يصل اللاجئون إلى شمال شرق ليبيا، يحتجزون هناك رهائن، حتى تدفع فدى من أقاربهم، أو من المتعاونين مع المهربين في أوروبا والخليج وأمريكا الشمالية، لافتا إلى أنه عندما تدفع هذه الفدى، فإن اللاجئين يكونون سددوا ثمن الرحلة الصحراوية، وينقلون غربا باتجاه بلدات بالقرب من طرابلس، حيث يتم احتجازهم مرة أخرى لدفع فدى تعد رسوما مقدمة لرحلة البحر.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك تسجيلات مكالمات لدى الإيطاليين، تظهر أن ميريد أدى دورا في الحصول على الفدى من أريتيريين في المنفى، كما توجد تسجيلات له يشرح فيها كيف يدفع للشرطة الليبية لإطلاق سراح المهاجرين من مراكز الاعتقال، ثم يحتفظ بهم رهائن؛ ليحصل على فدى مقابل إطلاق سراحهم من الشرطة الليبية.