في حضرة عيد الفطر، يتذكر
اليمنيون جيدا، ما قاله شاعرهم الشهير "عبد الله البردوني"، عن مناسبة كهذه، يقولون: "جئت. فماذا جرى؟ وماذا تجلى؟ وماذا اعترى؟".
يحتفل اليمنيون للمرة الثالثة على التوالي، بأجواء عيدية تسيطر عليها حرب مدمرة؛ لم تتوقف نيرانها البتة، وكالعادة تجددت المعارك بين قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي والمتمردين
الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح في أكثر من مكان، لتتوالى مشاهد الحرمان تباعا على سكان هذا البلد الغارق في الفوضى والعنف منذ فترة ليست بالقصيرة.
مقتل 7 أطفال في مأرب
ففي محافظة مأرب (شمال شرق) اختطف هجوم صاروخي للحوثيين على حي سكني، عشية عيد الفطر، سبعة أطفال من أهاليهم بينهم طفلة، بينما كانوا على موعد مع فرحة العيد، فكان الموت أسرع من ذلك، أظهره مشهد تلك الطفلة التي اختلطت دماؤها بـ"الحناء" التي تزينت بها احتفاء بالعيد، فكان الحرمان وتعميق الأوجاع، عنوانا عريضا في حياة اليمنيين حتى في أعيادهم.
عيدنا جبهاتنا
أما في محافظة الجوف، فرفع المقاومون المرابطون في جبهات القتال شعار "عيدنا جبهاتنا" جسدته الوقائع على الأرض، حيث دارت مواجهات عنيفة في بلدة الغيل (غربا) مع الحوثيين وقوات صالح في اليوم الأول لعيد الفطر.
الناشط في المركز الإعلامي لمقاومة الجوف، علي جراد، أكد أن العيد في قاموس المقاومة والجيش الوطني، يعني التحرير وتطهير الجوف (أكبر محافظات الشمال) من قوى التمرد.
وأضاف في تصريح خاص لـ"
عربي21" أن أجواء العيد في المحافظة، بدت مميزة، في ظل عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها، على الرغم من المعارك التي اندلعت في بعض الجبهات بين القوات الحكومية والحوثيين والقوات الموالية لها.
وأشار إلى أن قتالا شرسا اندلع في بلدة الغيل بين الطرفين، أسفر عن سقوط خمسة قتلى من الحوثيين، في الوقت الذي شن فيه سلاح الجو التابع للتحالف بقيادة السعودية، غارات على سيارتين تابعتين لهم في بلدة المتون.
آلات الموت تسيطر على أجواء تعز
وفي مدينة تعز (جنوبا) استيقظ السكان على وقع أصوات آلات الموت التابعة للمتمردين وحلفائهم، فمشاهد الدماء التي لوثت ملابسهم الجديدة العام الماضي، ما زالت صورها عالقة في أذهانهم، بل حضرت من جديد في هذا العيد. حسبما وصفته الصحفية، وئام عبد الملك لـ"
عربي21".
تقول وئام إنه "مع كل صوت انفجار في تعز، يتوقع السكان المحليون سقوط مزيدا من الضحايا بين قتيل وجريح، إن لم يكونوا هم ضحايا تلك المعارك التي أشعلتها اليوم ميليشيا الحوثي وصالح".
ولفتت الصحفية وئام عبد الملك، إلى أن أجواء العيد، غيبتها نيران الحرب، فلم تعد هناك أماكن للترفيه والبهجة، بعدما تحولت إلى ثكنات عسكرية، وأخرى طالها الدمار.
وذكرت "عبد الملك" أن الناس في تعز يرسمون لوحات الفرح والبهجة في مشهد تحد لهذا الوضع، لكن هذه الأجواء لم تدم طويلا، جراء تجدد المعارك فيها، لتسرق منهم ملامح ابتسامة لم تكتمل. مشيرة إلى أن شوارع المدينة لم تعد مزدحمة كما هو المعتاد في فترات سابقة، بسبب النزوح الكبير، وعدم وصول العيد إلى الكثير من الأسر الفقيرة والمعدمة.
وأوضحت وئام أن الكثير من الأسر لم تتمكن من الالتقاء مع بعضها، فكان حديثها مليئا بالبكاء إما على "عائلات شردتها نحو مناطق النزوح، أو نعي قتيل سقط في معركة، أو حنين للأهل الذين أجبرتهم الحرب على ترك البلد، بسبب مطاردة المليشيات الانقلابية لمناوئيها، وكذا الالتحاق بجبهات القتال".
8 قتلى و17 جريحا في عدن
وفي شأن متصل، أسفر هجوم انتحاري شنه مسلحون تابعون لتنظيم
القاعدة في الساعات الأولى من عيد الفطر (الأول من شهر شوال)، على قاعدة عسكرية لقوات "الأمن الخاصة" في مدينة عدن جنوبي البلاد، عن سقوط ثمانية قتلى 17 جريحا من أفراد
الجيش.
وقال بيان صادر عن قوات الأمن، إن قواتها وبمساندة من الجيش الوطني تمكنت من استعادة السيطرة على "مجمع الصولبان العسكري" بمدينة خورمكسر بالعاصمة عدن، وذلك عقب هجوم إرهابي شنه مسلحون من عناصر تنظيم القاعدة الأربعاء، بسيارة مفخخة تم تفجيرها أمام بوابة المعسكر قبل اقتحامه بسيارة أخرى فيها عدد من المسلحين والتمركز فيه.
وأشار البيان إلى أن القوات الحكومية بإسناد من طيران الأباتشي، تمكنت من استعادة المعسكر وتصفية خلية الهجوم المكونة من ستة عناصر.