نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافيين حنا لوسيندا سميث من اسطنبول ومايكل سميث من موسكو، حول مطالب روسية للحكومة التركية باستخدام قاعدة جوية تنطلق منها الطائرات الأمريكية لضرب قوات تنظيم الدولة.
وجاء في التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن
روسيا تقوم بالضغط على
تركيا لاستخدام قاعدة إنجرليك، التي يستخدمها الأمريكيون، في محاولة من موسكو لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الأمريكيين بنوا القاعدة العسكرية، التي تبعد 65 ميلا عن الحدود السورية، وخزنوا فيها 50 رأسا نوويو، وتعد نقطة انطلاق لطيران الناتو.
وينقل الكاتبان عن مسؤول روسي قوله إن السماح للروس باستخدامها سيكون "استمرارا منطقيا" لجهود الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان في إعادة بناء العلاقات مع الكرملين، فيما قال عضو لجنة الشؤون الخارجية السيناتور إيغور موزوروف: "بقي أن نتوصل إلى اتفاق مع أردوغان للحصول على قاعدة إنجرليك؛ لتصبح القاعدة الجوية الرئيسة"، وهو ما سيسمح للطيران الروسي بتوجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة وبقية الجماعات الجهادية، ووضع حد سريع للحرب في سوريا، بحسب قول موزوروف.
وتورد الصحيفة نقلا عن موزوروف قوله لصحيفة "أزفستيا": "سترى أن القاعدة القادمة ستكون إنجرليك"، مشيرة إلى أن تصريحاته جاءت بعد الكشف عن الدور الروسي الجديد في إيران، واستخدام الطيران لقاعدة همدان الجوية غرب البلاد؛ لشن هجمات ضد المقاتلين السوريين من هناك.
ويذكر التقرير أن موزوروف وصف موافقة تركيا على الطلب الروسي بأنها "ستكون انتصارا"، لافتا إلى أن السيناتور فيكتور أوزيروف تحدث لوكالة أنباء "ريا نوفوسيتي" قائلا: "ليس من الواضح أنه كانت هناك حاجة لاستخدام قاعدة إنجرليك، لكن قرارا كهذا سيكون تعبيرا عن استعداد تركيا للتعاون مع روسيا في الحرب ضد الإرهاب".
ويعلق الكاتبان بأن هذا التطور سيهز الغرب، وسيعبر عن تحول جذري في علاقة تركيا مع حلفائها في الناتو منذ بداية الحرب الباردة، لافتين إلى أن الطائرات الأمريكية تستخدم القاعدة الواقعة في محافظة أضنة للقيام بطلعات جوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة، وهي مقر الجناح الجوي الـ 39 في البنتاغون، وتعد قاعدة مهمة لتظهر من خلالها الولايات المتحدة قوتها في المنطقة.
وتلفت الصحيفة إلى أن روسيا وتركيا تدعمان أطرافا مختلفة في الحرب الأهلية الجارية في سوريا، حيث إنه في الوقت الذي تدعم فيه روسيا نظام الأسد، فإن تركيا تقدم الدعم لجماعات المعارضة السياسية والعسكرية، مشيرة إلى أن التصالح الروسي التركي هو جزء من محاولات فك ارتباط يقوم به أردوغان للتخلص من مشكلات المنطقة.
ويفيد التقرير بأن القصف الروسي في سوريا تركز على المدنيين والجماعات المدعومة من الغرب، لافتا إلى صورة الطفل السوري عمران، البالغ من العمر خمسة أعوام، حيث بدا فيها مذهولا بعد إنقاذه من بين أنقاض بيته، وأثارت صورته اهتماما عالميا.
وينقل الكاتبان عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنه في حالة وفت روسيا بوعدها، والتزمت بوقف إطلاق النار في سوريا، فإنها قد تتعاون معها في مهام مشتركة ضد تنظيم الدولة، مستبعدين أن يشمل هذا التعاون مهام مشتركة من قاعدة إنجرليك.
وتنوه الصحيفة إلى أنه تم افتتاح القاعدة عام 1954، وتدار بطريقة مشتركة بين تركيا وأمريكا، ويتمركز فيها على الأقل 3 آلاف جندي، وتحتفظ تركيا بحق تقييد عدد الطائرات الأمريكية المتمركزة في القاعدة، ونوع المهام التي تتم من داخلها، مشيرة إلى أن تركيا وافقت بعد محادثات طويلة مع الولايات المتحدة على السماح للطيران الأمريكي في تموز/ يوليو العام الماضي، باستخدام القاعدة لضرب تنظيم الدولة، وتنطلق منها الآن مقاتلات "إف16" و"بي53" و"إي10".
وبحسب التقرير، فإن العلاقات بين تركيا والناتو، التي تعود إلى عام 1955، تعرضت لامتحان شديد؛ بسبب دعم الغرب لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، الذي تراه أنقرة فرعا لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، لافتا إلى أن المشاعر المعادية لأمريكا تصاعدت منذ الانقلاب الفاشل الشهر الماضي، الذي حملت أنقرة رجل الدين المقيم في بنسلفانيا منذ عام 1999، فتح الله غولن المسؤولية عنه، وطالبت واشنطن بتسليمه، ولم تظهر أمريكا إلا إشارات قليلة عن استعدادها لترحيل غولن، وفي سلسلة من الخطابات الجماهيرية، دعا أردوغان أمريكا إلى الاختيار بين غولن وصداقتها مع تركيا.
ويستدرك الكاتبان بأنه على خلاف هذا، فإن علاقة تركيا مع روسيا تطورت بعد إرسال أردوغان في حزيران/ يونيو رسالة للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، يعتذر فيها عن إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، منوهين إلى أن بوتين كان أول زعيم يعبر عن دعمه لأردوغان بعد الانقلاب الفاشل.
وتذكر الصحيفة أن الزعيمين التركي والروسي التقيا في 9 آب/ أغسطس في سانت بطرسبرغ، وبعد يومين أعلنت تركيا أنها وافقت على التعاون مع روسيا ضد تنظيم الدولة في سوريا.
وينقل التقرير عن المستشار الأمني أنتوني فرانكس، قوله إن الحديث عن إنجرليك يبدو محاولة لفحص استعداد أردوغان للتعاون، ويضيف أنه "على ما يبدو، فإن روسيا تقوم بغمس إصبع قدمها في الماء؛ لقراءة مدى الرد".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن أمريكا وتركيا لم تعلقا على التصريحات، مستدركة بأن مجرد طرحها سيزيد من الضغوط على أمريكا لتبحث عن بدائل.