أسبغ رؤساء تحرير الصحف القومية الثلاث (الأهرام والأخبار والجمهورية) على
رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي عبارات المديح والثناء في حديثهم عن حوارهم معه الذي نشروه على جزأين بصحفهم، يومي الاثنين والثلاثاء، فوصفوه بأنه رئيس مقاتل، وبأن وجهه طيب، وأن ضحكته صافية، وبأنه يسابق بخطاه الزمن.
وأضافوا أنه مهموم بتوفير الحماية الاجتماعية للبسطاء ومحدودي الدخل والطبقة المتوسطة، وبأنه يمتلك شجاعة أدبية، وصدقا مع النفس، واحتراما وتقديرا لذاته.
رزق.. علام.. عنبة
وبرغم أن رئيس مجلس إدارة "أخبار اليوم"، رئيس تحرير "الأخبار"، صاحب أول حوار مع السيسي بعد الانقلاب، ياسر رزق، قد أثنى على ما اعتبره "شفافية السيسي" خلال الحوار، إلا أنه كشف أن السيسي قال إن ترشحه لفترة ثانية للرئاسة سيكون بشروط، دون أن يفصح عنها، وأشار أيضا إلى قرار اتخذه وندم عليه، دون أن يحدد ما هو.
أما رئيس تحرير "الأهرام"، محمد عبد الهادي علام، الصادرة بعزله عن رئاسة الصحيفة القومية الأولى أحكام قضائية واجبة التنفيذ، فقد وصف السيسي بأنه رئيس مقاتل، وبأنه حريص على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لتجنيب الأجيال القادمة أعباء أكبر، وبأنه ينطلق في رؤيته للمستقبل من "المسؤولية الجماعية" للمصريين.
ومن جهته، حاول رئيس تحرير "الجمهورية"، فهمي عنبة، الأضعف مهنيا في تاريخ رؤساء تحرير الصحف بمصر، تعويض ضعفه هذا بإطلاق سلسلة من التصريحات التي حاول فيها تسويق السيسي شعبيا، وإعطاء هالة بأنه مقدم على إجراءات ستخفف المعاناة عن المواطنين، كما فعل نظيره رئيس تحرير "الأهرام".
وأجمع رؤساء تحرير الصحف الثلاث الكبرى، على إطلاق وصف "حوار الساعات السبع على الحوار (رزق)، و"حديث الصراحة والأمل" (علام)، والقول إن اللقاء استمر 420 دقيقة، وتناول الموضوعات الداخلية والخارجية (عنبة).
وخرجت "الأخبار"، الثلاثاء، بمانشيت يقول: "السيسي: الشعب هو سندي"، فيما قال مانشيت "الأهرام": "إجراءات جديدة لتحسين الأحوال المعيشية للبسطاء ومحدودي الدخل"، وقالت "الجمهورية": "الرئيس: ندرس زيادة إجراءات حماية محدودي الدخل".
هكذا وصف "رزق" السيسي
"يحسن الرئيس السيسي الإصغاء.. يستمع إلى الأسئلة في هدوء.. ويسمع المداخلات بإنصات.. لا يقاطعك حتى لو أخطأت في ذكر رقم أو سرد بيان.. ولا يحرجك حتى لو أطلت في حديث على غير هدى.. يتفرس في وجه محدثه.. يقرأ ما يريد حتى لو لم يفصح عنه.. قلما يشير بيديه وهو يتكلم.. لا يستخدمهما إلا حين الحسم".
هكذا وصف ياسر رزق، رئيس الانقلاب، في المقدمة التي كتبها للجزء الثاني من الحوار، بجريدة "الأخبار"، الثلاثاء.
وتابع رزق مديحه للسيسي: "نبرات صوته هادئة كما نعلم، عميقة مثلما نعرف.. ضحكته حين تنطلق صافية تنير ملامح وجهه الطيب.. لكن حذار أن يسمعه أحد كلاما فيه إقلال من كبرياء
مصر، أو تقليل من شأن البسطاء.. سيجد رجلا آخر، ويرى في عينيه نظرات مقاتل متوثب".
وأردف: "حين يتكلم، يحدد العبارات والمقاصد، حتى يكون مستمعوه معه على الموجة نفسها.. يرسم السيسي بكلامه صورة شاملة للقضية التي يتحدث فيها، بألوانها وظلالها وأبعادها وأجوائها واتجاهات الحركة فيها.. يفضل السيسي في من يسأله أن يدلف مباشرة إلى جوهر المراد.. هو لا يرحب بالمناورة في الأحاديث، وإن كان يجيدها في ميادين القتال".
واستطرد: "يحب أيضا فيمن يحادثه أن يكون ملما بالموضوع الذي يتصدى له، عارفا بتفاصيله، وإلا كان الكلام مضيعة للوقت.. إذا وجد رأيا مخالفا لرأيه، واقتنع به، لا يرى غضاضة في أن يقول لصاحبه: معك حق.. يفتش السيسي فيما يسمع عن فكرة مفيدة، أو اقتراح مجد، فإذا وجد أحدهما أو كليهما، أضاء وجهه بالسعادة".
وأضاف رزق: "مفتاح شخصية السيسي هو الكبرياء الوطني.. يعطي لبلاده حق قدرها من إجلال، يحزنه ألا يرى فيها ما تستحق أن يوجد.. لذا تجده يسابق بخطاه الزمن، يريد أن يلحق بما فات، وأن يتجاوزه".
وتابع: "إشراقة الأمل في ملامح السيسي، تظللها أمارات هموم.. هو يحمل على عاتقيه أمانة مستقبل بلد على المحك، وآمال شعب يتطلع إليه ليرفع عن صدره ركام عقود.. وبين الحين والحين، يرجع إلى موسوعة "شخصية مصر" للدكتور جمال حمدان، يربط حقائق الجغرافيا بوقائع التاريخ، وإلى مؤلفات هيكل يأخذ منها عبرة الماضي، زادا ونورا، على درب المستقبل".
السيسي قال لنا: مرارة إجراءاتي مؤقتة
وبجانب هذه المقدمة التي كتبها رزق للحوار، فإنه ظهر في العديد من اللقاءات مع الفضائيات المختلفة، مسوقا للسيسي وسياساته، مقدما دعاية واسعة له كثيرا ما قام بها في حواراته السابقة معه، أو في حديثه عنه، دون نقد ولو لمرة واحدة.
فوصف رزق "السيسي" بأنه مهموم بتوفير الحماية الاجتماعية للبسطاء ومحدودي الدخل والطبقة المتوسطة، وبأنه يمتلك شجاعة أدبية، وصدقا مع النفس، واحتراما وتقديرا لذاته.
وأضاف: "الرئيس قال لنا: الإجراءات الاقتصادية مرة المذاق، لكنها مؤقتة".
وكشف أنه سأل السيسي سؤالا حول ما إذا كان سيترشح لفترة رئاسية ثانية أم لا؟ فأكد أن ترشحه سيكون بشروط، دون أن يحدد هذه الشروط.
وتابع أن السيسي اتخذ قرارا خلال فترته الرئاسية، وندم عليه، لكنه لم يرد الإفصاح عنه، ولم يحاول التهرب من السؤال.
وأردف: "الرئيس السيسي مستعد للإجابة عن أي سؤال في أي وقت لأنه ما عندوش حاجة يخبيها على أهله وناسه".
رئيس تحرير الأهرام: لماذا هذا الحوار؟
هكذا تساءل رئيس تحرير "الأهرام"، محمد عبد الهادي علام، في المقدمة التي كتبها للجزء الأول من حوار السيسي، الاثنين.
وأجاب: "بعد مرور أكثر من عامين من فترة رئاسته الأولى، قدم الرئيس
عبد الفتاح السيسي كشف حساب عما تم إنجازه وما سوف يقدمه إلى شعبه في الفترة المقبلة، وفي افتتاح مصنع البتروكيماويات بالإسكندرية في مطلع الأسبوع الماضي كان الرئيس مفعما بالأمل في غد أفضل مع إدراكه لصعوبة المرحلة الراهنة، حيث دفع المصريون الكثير من الأثمان السياسية والاقتصادية، ومن أوضاعهم المعيشية التي تأثرت كثيرا من جراء خمس سنوات من التقلبات سواء في الداخل والخارج".
وأضاف علام: "على مدى سبع ساعات، تمثل رقما قياسيا لحوارات الرئيس السيسي مع وسائل الإعلام، تطرق الرئيس إلى قضايا الشأن الخارجي قبل أن يخوض في تفاصيل الوضع الاقتصادي المحلي، وقضايا الشأن الداخلي".
واستطرد عبدالهادي: "تحدث الرئيس، كعادته، بقلب مفتوح عما يدور في أروقة السياسة الإقليمية والدولية، وتطرق إلى طبيعة العلاقات مع الدول الكبرى المؤثرة في حركة الأحداث والقرار الدولي".
وفي تقديمه للجزء الثاني من الحوار، الثلاثاء، قال علام: "في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الأوضاع الداخلية الكثير من الصراحة، والكثير من الشجون، عن ثقل المسؤولية والخيارات السياسية في ظل تحديات غير عادية تراكمت على مدى سنوات طويلة لتصبح ميراثا ثقيلا على عاتق الرئيس اليوم".
وأردف: "ينطلق الرئيس السيسي في رؤيته للمستقبل من "المسؤولية الجماعية" للمصريين جميعا في مواجهة تلك التحديات، ومن ضرورة بناء "كتلة وطنية" صلبة لو أردنا أن نبني مستقبلا مختلفا".
وتابع: "يؤمن الرئيس السيسي أن الشعب المصري يملك قدرات مذهلة على الفهم والفرز، وتلك هي رؤيته منذ أن وقف مساندا لخيار نزول الجماهير ضد الجماعة الإرهابية في 2013".
وأردف: "يؤمن الرئيس السيسي أيضا أن هناك "ظهيرا شعبيا" يساند السلطة، ويلقى توافقا جماهيريا واسعا؛ إلا أن هناك من يحاول بكل السبل النيل من هذا "الظهير"، وتحطيمه من خلال أسلحة الدعاية السوداء، ويرى أن قدرة الشعب على الفهم والفرز هي التي تحمي هذه الأمة من الوقوع في فخ الدعاية الشيطانية".
وأضاف علام: "حرص السيسي على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لتجنيب الأجيال القادمة أعباء أكبر في الإصلاح أمر يحسب لرئيس "مقاتل" من أجل هذا البلد، وقد قال في حواره اليوم إن التخوفات من القروض ليست في موضعها، ولكن التخوف الحقيقي هو في عدم تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي".
عنبة: السيسي طمأننا بكل شفافية
من جهته، أطلق رئيس تحرير "الجمهورية" سيلا من التصريحات عبر الفضائيات المختلفة تحدث فيها عن السيسي بأسلوب دعائي، فقال إنه تحدث بكل شفافية في العديد من الأمور، فأعلن لأول مرة عن ميزانية القوات المسلحة، إذ صرح بأنها لا تتعدى اثنين بالمئة من الناتج المحلي، وهذه أقل نسبة مقارنة بالدول المجاورة، وفق وصفه.
وأضاف أن السيسي يراهن على الإنجازات التي سيراها الشعب في المستقبل القريب، التي سوف تأتي من المشروعات العملاقة التي تقوم بها الدولة، والتي ستنعكس على المواطن.
وأردف أن السيسي شدد على عدم وجود ظهير سياسي للحكم، ولكنه يعتمد على ظهير شعبي يحقق الإجماع والتواصل بين أبناء الوطن كافة.
وأكد أن السيسي أوضح أن الأشقاء في السعودية يتفهمون ما يثار في مصر تجاه قضية جزيرتي تيران وصنافير، وأن هناك مراحل أخرى من التقاضي، وأن مصر دولة مؤسسات.
وأضاف أن السيسي سيقوم بالإفراج عن نحو 300 شاب بعفو رئاسي، بعضهم ممن قبض عليهم وفق قانون التظاهر، وبعضهم حالات إنسانية.
وأردف أن اللقاء تحدث عن رفع الأسعار لأنها الشغل الشاغل للمواطن، وأن السيسي طمأننا أن الحكومة لديها خطة لاحتواء الغلاء.
وأخيرا قال عنبة إن السيسي فاجأ الجميع بوعده للمواطنين بأن سعر الدولار سوف ينخفض مقابل الجنيه، وأنه سوف يخسر كثيرا من يدخر الدولار، عن طريق المضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يسير للنهوض بالاقتصاد، وأن ثمار المشرعات الكبرى التي دخلتها مصر سوف تؤتي ثمارها خلال عام على الأكثر، وفق نقله.