في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 عُقدت "تفاقية "كالاماتا" الثلاثية التي جمعت بين رأس السلطة العسكرية في
مصر عبد الفتاح
السيسي ورئيس وزراء
اليونان آنذاك (أنتونيس ساماراس) والرئيس القبرصي (نيكوس أناستاسيادس)، ودارت مجريات القمة حول إعادة ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط، حيث نص إعلان القاهرة الصادر عن القمة على "مسكونية تطبيق قانون البحار "، بمعنى انطباقه على كل الحالات.
وهذا الاتفاق يعطي اليونان، بحسب خبراء، حقا في شريط مائي يمتد بين مصر وتركيا، ويقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه تنازل تقدمه مصر في حقوقها البحرية من أجل تحقيق أهداف سياسية للسلطة العسكرية..
ويعني هذا الاتفاق، حال إنهائه وتوقيعه رسميا، أن المياه الإقليمية اليونانية سوف تمتد بين مصر وتركيا بشريط تبلغ مساحته ضعف مساحة دلتا مصر، كما ذكرت الصحف اليونانية في ذلك الوقت، وهي منطقة قد تكون غنية بحقول الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وتبدو اليونان هي أكبر المستفيدين من هذه الاتفاقية، حيث ستحصل بموجبها علي منطقة غنية بالثروات النفطية والمعدنية، ولكن بعض المحللين يروا أن الكيان الصهيوني ربما يكون أيضا أحد أكبر المستفيدين من هذه الاتفاقية؛ لأن عبد الفتاح السيسي منذ أن جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري دعمته إسرائيل بقوة، كما جاء على لسان قادتها، وهو يحرص على خطب ود الكيان الصهيوني وفعل المستحيل من أجل إرضائه وحمايته علنا، كما أن الكاتب الصهيوني دانييل بايبس هو أول من لفت الانتباه إلى أهمية دخول جزيرة كاستلوريزو ضمن المياه الإقليمية اليونانية لتسهيل مرور أنبوب الغاز الصهيوني في مياه قبرصية ويونانية، بدلا من مروره في مياه مصرية، وهو ذات الطلب الذي أكدت عليه إليانا روس ليتنن، رئيس لجنة الشرق الأوسط بالكونجرس الأمريكي، بعد الانقلاب العسكري في مصر مباشرة، كنوع من إستغلال سعي الانقلاب لتقديم
تنازلات مقابل الحصول علي الشرعية الدولية..
هذه القمة التي بدأت في العام 2014 وتبعتها قمتان أخريان؛ يبدو أنها ستُدخل الاتفاق حيز التنفيذ، حيث بدأت يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أعمال القمة الرابعة بين عبد الفتاح السيسي والرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس ورئيس وزراء اليونان (أليكسيس تسيبراس) بقصر الاتحادية، ومن المقرر، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام المصريةن أن تبحث القمة تفعيل ما تم الإتفاق عليه في القمم الثلاث الماضية. وأعلنت السفارة اليونانية في القاهرة أن القمة ستبحث التعاون البحري والتكامل بين الموانئ بهدف تطوير شبكة النقل البحري بين الدول الثلاث، وكذلك التعاون السياحي، بالإضافة إلي مناقشة التعاون في مجال الطاقة، ولا سيما إستخراج ونقل الغاز الطبيعي المُكتشف في المنطقة البحرية بين مصر وقبرص. وعلي المستوي الإقليمي ستتم مناقشة القضايا الأمنية وقضايا الهجرة مع التركيز على الوضع في ليبيا وسوريا.
يبدو أننا إذا أمام تنازل جديد تقدمه السلطة العسكرية بقيادة عبد الفتاح السيسي؛من مقدرات الوطن وثرواته، كما فعلت قبل ذلك بتفريطها المخزي في تيران وصنافير المصريتين، وتوقيعها على اتفاقية سد النهضة، وبيعها للقطاع الصحي في مصر وغيرها وغيرها بلا ثمن يعود على الوطن أو المواطن، ويبدو كذلك أن العسكر على استعداد تام لبيع الوطن بأي ثمن من أجل بقائهم أطول فترة ممكنة على قلب هذا الشعب..