نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها كيم سينغوبتا، يتحدث فيه عن الوضع الراهن لتنظيم الدولة، واستعداده لمعركة
الموصل، التي تخضع لسيطرة التنظيم منذ عامين.
وتكشف الصحيفة عن أن
تنظيم الدولة، الذي يواجه معركة شديدة في آخر معقل له في
العراق، يعاني من الانقسام، وهروب مقاتليه، والخوف من أنه تعرض لعملية اختراق من المخابرات الأجنبية، وفي مقدمتها المخابرات البريطانية.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الجهادي البلجيكي رشيد، قوله: "إن مقاتلي التنظيم خائفون من أشياء كثيرة الآن، وهم خائفون من القصف، وخائفون من الهجوم القادم، وخائفون حقيقة من الجواسيس الأجانب بينهم"، ويضيف رشيد أن أكثر مؤسسة استخباراتية استطاعت اختراق الجهاديين كانت المخابرات البريطانية.
ويصف الكاتب رشيد بأنه واحد من آلاف الجهاديين الذين ذهبوا إلى
سوريا للقتال مع التنظيم، وتخرج من معسكراتهم، وعمل معهم مدة عامين، قبل أن يبدأ بالشعور بخيبة الأمل منهم، والخوف من القادم، ولهذا فرّ عبر الحدود إلى تركيا، مشيرا إلى أن رشيد كان يعمل ميكانيكيا قبل سفره إلى سوريا.
وتشير الصحيفة إلى أن سينغوبتا اتصل برشيد عبر وسيط في تركيا، عندما نشر الشهر الماضي تقريرا، تحدث فيه عن آلاف الجهاديين مع تنظيم الدولة، الذين يواجهون الهزيمة، ويحاولون الهروب.
وبحسب التقرير، فإن "الصورة التي رسمها رشيد عن التنظيم، الذي كان خارقا في بداية خروجه عام 2014، والعصي على الهزيمة، حلت محلها صورة الخوف والانقسامات والهروب، بالإضافة إلى جنون العظمة والعنف والانتقام ممن اعتبروا خونة".
ويقول سينغوبتا إن "رشيد، الذي كان قصر لحيته، وحرق ملابسه ووثائقه، التي كانت معه عندما وصل إلى سوريا، حريص على مغادرة مدينة أورفة؛ لأنها أصبحت ملجأ للمتشددين، بمن فيهم عناصر تنظيم الدولة، وتم فيها اغتيال عدد من الناشطين المعتدلين، منهم إبراهيم عبد القادر، وفارس الحمادي، وهما ناشطان من مجموعة (الرقة تذبح بصمت)، ونشر تنظيم الدولة شريط فيديو، قال إنه عن قتل أشخاص (تآمروا مع الصليبيين)، ولا يوجد أي دليل يربط هؤلاء مع المخابرات البريطانية أو أي مخابرات أجنبية".
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك عددا كبيرا ممن قتلوا وهم يعبرون الحدود اتهموا بالعمالة مع المخابرات الأجنبية، وكان من أشهر هؤلاء مدير مخابرات تنظيم الدولة في حلب أبو عبيدة المغربي، الذي أشرف على احتجاز الصحافي الأمريكي جيمس فولي، وغيره من الرهائن الغربيين، مشيرة إلى أن المغربي، الهولندي من أصول مغربية، قتل مع ثلاثة بعد اتهامهم بالتعامل مع المخابرات البريطانية "إم آي6"، وكانوا يقدمون أسرارا إليها.
ويفيد التقرير بأن تنظيم الدولة قام بعقد تحقيق داخلي بعد مقتل محمد إموازي،الملقب بالجهادي جون، الذي ظهر في شريط إعدام فولي والبريطانيين ديفيد هينز وآلان هيننغ، واعتقد التنظيم أن معلومات عن مكان إقامة إموازي قدمها عملاء من داخله للمخابرات البريطانية، لافتا إلى أن رشيد وغيره من الجهاديين يواجهون احتمالا بصدور أحكام بقضاء فترات سجن طويلة في بلادهم، في حال عودتهم، باستثناء الدانمارك، التي تقوم بنقل هؤلاء إلى مراكز إعادة تأهيل.
ويورد الكاتب نقلا عن رشيد، قوله إنه وبقية المقاتلين الأجانب مقتنعون بملاحقة المخابرات الغربية لهم، بعدما زرعت عملاء داخل تنظيم الدولة، وهم مقتنعون أيضا بأن
بريطانيا تؤدي دورا مهما في هذه الجهود، ويضيف رشيد: "لا يشكل البريطانيون الجماعة الأكبر من المتطوعين، وبسبب بروز عدد منهم، بدأت مخابرات بلادهم بملاحقتهم، لكن الكثير من الإخوة سيقولون لك إن هذه المخابرات ناشطة، وقتل تنظيم الدولة نساء ورجالا بعدما اعترفوا أنهم عملاء أجانب، بعضهم جواسيس بريطانيون"، ويتابع رشيد قائلا: "كما تعلم، فقد طلب تنظيم الدولة الكثير من الناس، وليس مقاتلين فقط، وإنما طلب معلمين ومهندسين وأطباء لبناء الدولة، وهو يعتقد أن بعض هؤلاء جواسيس".
وتورد الصحيفة نقلا عن الأكاديمي التركي الذي يعد كتابا عن الثوار السوريين، أولوك أولتاس، قوله إن التنظيم واع "للاتصالات البريطانية"، ويضيف: "هناك شعور على نطاق واسع بأن بريطانيا استطاعت اختراق عدد من الجماعات، بما فيها تنظيم الدولة، وأن قادته واعون لهذا الأمر وخائفون، ودهشت عندما سمعت بهذا؛ لأنني شعرت أن الأمريكيين هم الذين يجب أن يأخذوا زمام المبادرة من بين الدول الغربية، ويبدو أن البريطانيين يعملون على هذا الأمر منذ وقت، ولا تنس أن تنظيم الدولة اعتقل المغربي قبل عامين".
وينوه التقرير إلى أن أولتاس يعمل مديرا لمركز "سيتا"، الذي أنشأه مستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين، وسيحتوي كتابه على مقابلة مع أبي فراس السوري، وهو أحد قادة جبهة النصرة، الذي قتل في غارة أمريكية، ويقول أولتاس: "ما هو مثير أن تنظيم الدولة، الذي كان يتشدد في فحص من يرغبون بالانضمام إليه، أصبح أقل تشددا"، ويضيف أن "التنظيم لم يكن ناجحا في منع اختراقه، ما سمح للمخابرات الغربية وغيرها من المخابرات التركية والأردنية باختراقه، وكان المغربي من أهم الشخصيات في تنظيم الدولة ممن أعدم لتعامله مع البريطانيين، لكنني تحدثت مع مقاتلين يقولون إن المغربي لم يقتل، وشوهد في بعض الأحيان، وربما احتجز ليكون ورقة مقايضة في حال سقوط الرقة، من يعلم؟".
ويذكر سينغوبتا أنه عرف عن المغربي من خلال الجهادي البلجيكي جيجون بونتيك، الذي قال إن جيمس فولي احتجز لدى مجموعة من الجهاديين البلجيكيين، الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "شريعة فور بيلجوم" (الشريعة من أجل بلجيكا) في حلب، وانتقلوا لاحقا إلى الرقة.
وتنقل الصحيفة عن فيليب بالبوني، الذي عمل مع فولي في المنظمة الإخبارية الأمريكية "غلوبال بوست"، قوله عن بونتيك: "صادق جهادي بلجيكي شاب سافر إلى سوريا للقتال فولي، وعندما عاد ذلك الجهادي إلى بلجيكا قدم معلومات ثرية عن المكان الذي اعتقل فيه فولي ومن احتجزه، وكانت هذه هي المرة الأولى التي علمنا فيها أن جيم حي يرزق".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن بونتيك كان عضوا في جماعة "شريعة فور بيلجوم"، وكان قائدها هو فؤاد بلقاسم، المتهم بالسرقة، وزار بريطانيا عام 2010، والتقى مع أنجم تشاودري، الناشط الذي سجن بتهمة الولاء لتنظيم الدولة، وطلب منه النصح، وقام عدد من أفراد هذه المجموعة بزيارة لندن لاحقا، وعملوا مع تشاودري