نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً؛ سلطت فيه الضوء على موضوع مسكوت عنه وهو أن أغلب سجناء
فرنسا هم من أصول مغاربية، ومن بين هؤلاء السجناء أشخاص متهمون بالإرهاب، ما أثار المخاوف من إمكانية تحول
السجون إلى بؤر للخطابات المتشددة.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن نسبة السجناء المسلمين من مجموع السجناء ككل يتراوح بين 40 في المئة و60 في المئة، وهي إحصائية أكدتها المراقبة العامة للسجون الفرنسية، أديلين هازان، التي أفادت أن "نسبة المعتقلين من أصول مهاجرة تضاعف مرتين خلال 30 سنة".
وأضاف التقرير أن كريم، أحد الشباب
المغاربة، كان قد اقتيد إلى سيارة الشرطة بعد اتهامه بسرقة ساعتين، واحدة يبلغ سعرها 35 يورو والثانية 20 يورو، من أحد المحلات وهو في حالة سكر. أصدر القاضي في شأنه حكما مباشرا بالسجن لمدة شهرين مع النفاذ بتهمة السرقة وتعاطي مادة الحشيش. وهذا الرجل البالغ من العمر 35 سنة؛ هو من أصحاب السوابق في العنف والسرقة وتعاطي المخدرات، وهو يعيش بلا مسكن ثابت، ويقتات من إعانة حكومية تقدر بـ430 يورو.
وتحدث التقرير عن إحصائية قامت بها إدارة السجون الفرنسية عن "التاريخ العائلي للمعتقلين". وأفادت هذه الإحصائية بأن اجتماع سجن إنسان يتحدر من عائلة متكونة من خمسة أبناء ترتفع أربع مرات مقارنة بعائلة تتكون من أخ واحد أو أخت واحدة. وأضافت الإحصائية أن 30 في المئة من المعتقلين لم يحدثهم آباؤهم باللغة الفرنسية خلال طفولتهم.
وأكدت الصحيفة أن القضاء الفرنسي يمارس سياسة التمييز التلقائي في قضايا كتعاطي المخدرات، حيث قال مروان محمد، وهو أحد المغاربة المقيمين في فرنسا، معلقا على هذه السياسة، أنه "لو فرضنا وجود كاميرتين للمراقبة، الأولى تراقب مجموعة من الشبان المغاربة وهم يتعاطون المخدرات والثانية تراقب مجموعة من الطلبة البيض يفعلون الشيء ذاته، فحسب رأيك على أي كاميرا سيركزون؟".
وأضافت الصحيفة أن إمكانية إصدار حكم مباشر لمتهم من أصول مغاربية وهو ماز ال تحت التحقيقات؛ ترتفع بنسبة ثلاث مرات عن مواطن فرنسي الأصل.
هذه السياسة التي يمارسها القضاء الفرنسي ساهمت في اكتظاظ السجون في مدن الجنوب الفرنسي، وتحديدا مدينتي مرسيليا وتولوز، ما يرفع نسبة اختلاط السجناء بالمتطرفين. وقد أكدت أديلين هازان "أن السجن أصبح مرحلة عمرية لا بد من المرور بها بالنسبة لهؤلاء الشباب".
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المتهمين ليس لديهم محام. وقال عمر، وهو أحد المارين بهذه التجربة: "لا أعلم لماذا تغيب المحامي خلال استجوابي". وقال عمر ذلك لأنه لا يعلم أنه خلال التحفظ عليه من قبل الشرطة أو خلال إصدار تهمة مباشرة مع سير التحقيقات؛ لا فائدة من حضور المحامي، وعليه انتظار المثول أمام القضاء ليتقدم بتوكيل من يدافع عنه.
ونقلت الصحيفة على لسان قاضي تنفيذ العقوبة، جان كلود بوفيي، قوله: "في الأغلب لا نرى المتهمين حاضرين في قاعة المحكمة". وبلا مفاجآت، فإن الغائبين عن الحضور هم في العادة المتهمون بارتكاب جرائم لا تتعدى عقوبتها الستة أشهر أو السنة، ومعظمهم يعانون من مشاكل اجتماعية أو فاقدين للسند العائلي.
هذه الأسباب تفسر لنا لماذا أغلب المعتقلين هم من أصول مغاربية، ولكن ليس في فرنسا فقط، بل ترتفع النسبة لتبلغ 30 في المائة في ألمانيا و41 في المائة في بلجيكا، بحسب مصادر من البرلمان الأوروبي.
وأضافت الصحيفة أن هنالك رابطا بين ارتفاع نسبة المغاربة في السجون الفرنسية والإسلام، حيث يقبع الكثير من المغاربة في السجون بسبب أفكارهم الدينية. ويعتبر البعض أنفسهم أنهم ليسوا عربا ولا فرنسيين، لكن يمثل الإسلام أساس نشأتهم الاجتماعية، وأنهم ينتمون لهذا الدين الكوني. كذلك فإن الظروف الاجتماعية للسجناء مرتبطة بثقافتهم ومعتقداتهم وبآرائهم الشخصية، حيث أن الميول الدينية للمعتقلين في السجون تختلف عمن هم خارجها، وهذا ما أثبتته دراسة قامت بها الباحثة في علم الأديان كلار كالومبار، والتي قالت إن "الدين سيملأ الفراغ الذي يعيشه المعتقل داخل السجن وسيساعده على تخطي العنف الذي يولد بين الزنازين"، مشيرة إلى أن "الإنسان المتدين يمكن أن ينجح في أن يجمع حوله عددا كبيرا من السجناء".