غصت شوارع وبلدات
الغوطة الشرقية، التي يسيطر عليها الثوار، بمظاهرات الأحد، تحمل مطالب وصفها ناشطون بـ"المحقة"، بعد أيام من "نداء أخير" أطلقه وجهاء وناشطون لقادة الفصائل التي تبسط سيطرتها على المنطقة، لحثهم على إشعال جبهات ريف دمشق، وتشكيل غرفة عمليات تجمع أكبر فصيلين عاملين على تخوم العاصمة، وهما
جيش الإسلام وفيلق الرحمن.
ويأتي ذلك بهدف نجدة ما تبقى من مناطق بيد الثوار، قبل سقوطها بيد قوات النظام والمليشيات الشيعية المتحالفة معه، حيث يطالب المحتجون بإنهاء الاقتتال المستمر بين الفصائل على مدى عدة أشهر، والذي راح ضحيته مئات من شبان الغوطة، وخسرت خلاله الغوطة الشرقية قطاعها الجنوبي الذي يعتبر السلة الغذائية للريف الدمشقي.
وقال الناشط الإعلامي مضر سيف الدين، وهو من أبناء مدينة دوما: "انتفض المدنيون في كل من دوما والشيفونية والريحان ومسرابا وسقبا وحمورية وعربين؛ لوضع حد للأزمة الراهنة في غوطة دمشق الشرقية، والتي بدأت تدخل في طور التقلص والموت السريري، حيث تجمعت حشود ضخمة وبدأت بالتظاهر والزحف إلى مقرات
فيلق الرحمن سلميا، مع رفع لافتات وهتافات تطالب بالتوحد وتندد بالتخاذل، وتشكيل غرفة عمليات موحدة، واشعال الجبهات"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وكان الشعار الأبرز في هذه التظاهرات هو "الغوطة في خطر". لكن حين وصلت إلى معاقل فيلق الرحمن، قوبلت بالرصاص، "وكأنها مظاهرة ضد نظام الأسد، ما شكل احتقانا شديدا بين الناس وغضبا عارما وحزنا مريرا على وضع الغوطة المتشرذم"، بحسب قول سيف الدين.
وأوضح أن ما دفع الأهالي في الغوطة الشرقية للخروج بهذه الكثافة، "هو سوء أحوال قطاع دوما والشيفونية والريحان، بعد غياب الإمداد والسلاح الثقيل والمؤازرات عن الجبهات، وتقدم قوات النظام بشكل مخيف وكبير إلى تخوم الشيفونية، حيث حاصرت أجزاء من بلدة الريحان وأطراف تل كردي، كما سيطرت القوات المهاجمة، على نقاط عسكرية تابعة لجيش الإسلام على محور تل كردي – الريحان، الذي يبعد حوالي 2 كم فقط عن مدينة دوما".
وبرزت مبادرات عدة؛ ولجان ووساطات من المؤسسات والفعاليات المتواجدة في الغوطة، وكان آخرها "لجنة الستة" التي تفرغت لإقناع فيلق الرحمن بإمداد الجبهات بالمؤازرات، إلا أن أعضاء اللجنة تلقوا وعودا لم تنفذ إلا بشكل "رمزي".
ونشر الناشط الإعلامي يوسف البستاني، من الغوطة الشرقية، على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، أن ما وصفه بـ"الحراك الثوري" قد أمهل فصائل الغوطة جميعا 24 ساعة لإعلان موقفها من البنود الأربعة التي طالب بها المتظاهرون "من شباب وشيوخ وأحرار الغوطة في العديد من المدن والبلدات، والتي تتمثل بـإلغاء الحواجز، وإعادة الحقوق إلى أصحابها مهما كانت ولمن تكن، وإمداد الجبهات بالسلاح النوعي، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة".
وأوضح أن "جيش الإسلام قد حقق مطلب إلغاء الحواجز التابعة له بين مدن وبلدات الغوطة، وأعلن موافقته عن تسليم أي حق لفيلق الرحمن وجاهزيته لفتح معركة في حي جوبر الدمشقي بالتعاون مع إخوته في فيلق الرحمن إن قبلوا"، لكنه أكد أن الحراك الثوري مستمر حتى تلبية كل المطالب.
ويتخوف أهالي ريف دمشق الشرقي، بحسب مصادر أهلية، من إبقاء جبهاتهم "نائمة"، أو عقد اتفاق هدنة مع قوات النظام، الأمر الذي سيضعهم أمام سيناريو محتم، يحاكي مأساة من سبقوهم في الريف الغربي للعاصمة، ويعرضهم للتهجير القسري وترك ديارهم وأرضهم إلى الشمال السوري من غير رجعة.