بعد انهيار أسعار
النفط على مدى العامين الماضيين وتراجع أرباح الشركات وخفض عشرات الآلاف من الوظائف، أثبتت كبرى الشركات النفطية براعة في إعادة تحقيق الأرباح وكذلك إنتاج النفط على حد سواء.
ومع تداول النفط بين 40 دولاراً و50 دولاراً للبرميل خلال أغلب الأوقات هذا العام، يرى محللون أن كبار منتجي الطاقة سيتعافون بشكل كامل إذا ظلت الأسعار مستقرة.
ووفقا لتقرير لـ"نيويورك تايمز"، قال محلل الأسهم لدى "مورجان ستانلي" "إيفان كاليو" إن الشركات العاملة في قطاع الطاقة تعلمت كيف تصبح أكثر كفاءة، إذ لم يكن يتوقع أحد قبل عامين أن تنخفض التكاليف بهذه السرعة.
وعلى مدار الأشهر الـ12 الماضية، تم إلغاء 20 ألف وظيفة عبر منصات التنقيب في الولايات المتحدة، ويتوقع بنك "مورجان ستانلي" تراجع مستوى إنتاج النفط الأمريكي بمقدار نصف مليون برميل نهاية هذا العام مقارنة ببدايته.
وهدأت الأعمال فجأة في بعض الأماكن التي شهدت طفرة في عمليات التكسير بالولايات المتحدة، وتعثرت الشركات التي كانت متحمسة بشدة للعثور على اكتشافات جديدة.
وأجبرت الشركات على تقليص توزيعات الأرباح، ومثلا خفضت شركة "كونوكو فيليبس" الميزانية الرأسمالية للتنقيب والإنتاج بأكثر من 10 مليارات دولار أو ما يقرب من الثلثين، وانخفضت أسهمها من 70 دولاراً إلى 40 دولارا.
إذا استقرت أسعار الخام عند 40 دولارا للبرميل، ستضمن الشركات الكبرى أرباحها وأسعار الأسهم، بينما إذا بلغت مستوى 50 دولاراً أو 60 دولارا ستغدو هذه الشركات أقوى من أي وقت مضى بعد السنوات العجاف.
أما كل الشركات التي تمكنت من البقاء على قيد الحياة بعد كل ذلك فإنها سوف تفوز وتنتعش، والأكثر من ذلك أن تراجع عمليات التنقيب تسبب في انخفاض تكاليف المشاريع التي لازالت تحت التطوير.
في الوقت الحالي وبعد استثمار عشرات المليارات من الدولارات، العديد من هذه المشاريع الكبيرة تستعد لدخول حيز الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة، مع توقعات بتحول الشركات الكبرى من وضع الاستثمار إلى وضع "الحصاد".
على سبيل المثال، ارتفعت تكاليف مشروع
الغاز الطبيعي "جورجون" المملوك لشركة "شيفرون" إلى 50 مليار دولار من 37 مليار دولار تكاليف متوقعة، لكن مع تزايد الإنتاج ستحقق الشركة عوائد كبيرة.
يقول محللون لدى "جي بي مورجان" إن العام القادم سيشكل نقطة تحول كبرى لشركة "شيفرون"، فمع اللمسات الأخيرة لمشروع "جورجون" ستتزايد التدفقات النقدية وتزيد توزيعات الأرباح بنسبة 4.2%.
وعلى الرغم من الدفع للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري في العديد من البلدان لمواجهة تغيرات المناخ، فضلا عن ازدياد شعبية السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، لا يزال من المتوقع ارتفاع الطلب على النفط.
وتشير تقديرات المحللين إلى أن النفط سيتداول بين 50 دولارا و60 دولارا خلال الفترة من العام القادم وحتى عام 2020، تزامنا مع ارتفاع الطلب العالمي كل سنة بمقدار مليون برميل يوميا.
وحتى مع تباطؤ النمو خلال السنوات الماضية، واصلت الصين استهلاك المزيد من النفط مع تزايد امتلاك السيارات، وارتفع الطلب في الهند أيضاً مع نمو الطبقة الوسطى لديها.
يضاف لكل هذا أن المنتجين في الشروق الأوسط وروسيا أبدوا استعداد أكبر قليلا للعمل معا للحفاظ على استقرار الأسعار بعد تقلبات العامين الماضيين، لكن حتى الآن لا دليل على ارتفاع أو انخفاض الأسعار.
وقبل أكثر من عامين عندما تخطى النفط مستوى 100 دولارا، لم يكن لدى أي من المحللين أو التنفيذيين أدنى فكرة عن انهيار قادم، ومع ارتفاع الأسعار آنذاك زادت عمليات الاقتراض لتسيرع وتيرة الحفر.
-حتى لو انخفضت أسعار النفط مجدداً، ستتمكن الشركات الكبرى التي تملك أعمال استكشاف وتنقيب واستخراج بالإضافة إلى أعمال تكرير وكيماويات ومنافذ تجزئة من المنافسة بشكل أفضل من الشركات الصغيرة.