نشرت صحيف "الغارديان" مقالا للصحفي المعروف مهدي حسن، وصف فيه كيف سألته ابنته البالغة من العمر 9 سنوات في صباح اليوم التالي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، عما إذا كانت هيلاري كلينتون قد فازت في الانتخابات.
ويقول حسن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21": "اضطررت أن أقول لها بالرغم من أن ولايتها فيرجينيا صوتت لها بهامش بسيط، إلا أن الولايات المتأرجحة، مثل أوهايو وبنسلفانيا وميتشيغان، صوتت لدونالد ترامب، فقالت محبطة: (يعني لن يكون هناك امرأة في منصب الرئاسة)".
ويضيف الكاتب: "لم أستطع أن أخبرها بأنها، ونحن الأقليات جميعا، لدينا أكثر من ذلك ليقلقنا، كأن تكون
العنصرية أمرا عاديا، وكذلك معاداة السامية، وكراهية النساء، وفوق هذا كله
الإسلاموفوبيا".
ويتساءل حسن قائلا: "كيف أكشف لابنتي المسلمة بأن النساء اللواتي يلبسن مثل أمها يتم الاعتداء عليهن، ويمزق الحجاب عن رؤوسهن، كجزء من موجة اعتداءات على المسلمين منذ يوم الانتخابات؟ أو أن أطفال المدارس، مثلها أيضا، معرضون لهذا النوع من الكراهية العنيفة أيضا؟ أو أن معلمة في مدرسة ثانوية في جورجيا وجدت مذكرة على مكتبها، تقول لها إن عليها شنق نفسها بحجابها؛ لأنه (لم يعد مسموحا به)، وكانت المذكرة موقعة بـ(أمريكا)".
ويواصل الكاتب تساؤلاته قائلا: "كيف أشرح لابنتي، المواطنة الأمريكية التي تعتز بأمريكيتها، وتردد قسم الولاء كل يوم في صفها، أن ملايين مواطنيها الأمريكيين اختاروا شخصا ليكون رئيسهم القادم، الذي يدعي أن دينها (يكره) أمريكا، ويتهم المسلمين الأمريكيين بهتانا بأنهم احتفلوا بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وبعدم إخبار السلطات عن الإرهابيين؟ وكشف مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن الجريمة ضد المسلمين في أمريكا زادت بنسبة 67% عام 2015، لتصل إلى مستوى لم يسجل منذ ما بعد هجمات 11/9".
ويقول حسن: "كيف أشرح لها أن إحدى الخطط التي يتبناها (
ترامب) هي منع أجدادها وأبناء عمها وأعمامها وعماتها -وأي قريب مسلم لها يعيش في الخارج- من دخول الولايات المتحدة بسبب دينهم فقط؟ (لا يزال مقترحه بمنع المسلمين من دخول أمريكا موجودا على موقعه، بعد أن اختفى بشكل مؤقت في اليوم التالي لفوزه بالانتخابات)".
ويواصل الكاتب تساؤلاته، قائلا: "كيف يمكن لي أن أخبرها بأن (الحظر) ليس الاقتراح الوحيد لترامب، الذي يميز ضد المسلمين المسالمين والملتزمين بالقانون؟ وبأن الرئيس المنتخب قال إن ابنتي وغيرها من المسلمين الأمريكيين يجب أن يسجلوا في قاعدة بيانات، وعندما سأله صحفي ما الفرق بين ما تقترحه وسجلات ألمانيا النازية لليهود، أجابه بالقول: (قل لي أنت)".
ويمضي حسن قائلا: "كيف أتحدث معها عن مستشار ترامب للسياسة الخارجية وليد فارس، الذي هو موضوع تحقيق لمجلة (ماذر جون)، وليست هناك أي إشارة إلى أنه قام بأي أعمال عنف، لكن المجلة تدعي أنه كان مسؤولا في (مليشيا مسيحية متهمة بارتكاب مذابح) ضد المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي في لبنان، وهو مرشح الآن لأن يكون مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض؟ أم عن رئيس الكونغرس السابق نيويت غنغريتش، الذي يريد أن (يختبر) المسلمين الأمريكيين، و(يطرد) من يعتقد منهم بتطبيق الشريعة، ودعا إلى تشكيل لجنة في الكونغرس (لجنة الأنشطة غير الأمريكية)، تقوم بالتحقيق في (العنصريين الإسلاميين) –وهو الذي ينتظر وظيفة كبيرة في حكومة ترامب؟ أم عن الجنرال المتقاعد مايكل فلين، الذي غرد على (تويتر)، قائلا: (الخوف من المسلمين منطقي)، وهو الآن مرشح لأن يكون وزيرا للدفاع، أو مستشارا للأمن القومي".
ويتابع الكاتب قائلا: "أم عن عمدة نيويورك السابق رودي جولياني، الذي تبجح بإرساله شرطة سرية إلى مساجد نيويورك ونيوجيرسي، الذي يتوقع أن يكون وزير الخارجية القادم؟ أم المسؤول السابق في إدارة ريغان، فرانك غافني، الذي أطلق على باراك أوباما (أول رئيس مسلم لأمريكا)، الذي يصفه مركز (سوذرن بوفيرتي لو)، بأنه (أحد أسوأ المتخوفين من الإسلام في أمريكا)، الذي قيل إنه تم تعيينه في الفريق الانتقالي لترامب يوم الثلاثاء، وإن كان أنكر ذلك بعدها".
ويتساءل حسن: "كيف أشرح لها بأن أفضل طريقة للتعرف على مؤيدي ترامب في أمريكا، بحسب دراسة حديثة لأستاذ العلوم السياسية فيليب كلينكنر في كلية هاميلتون، هو أن تسأل (سؤالا واحدا بسيطا: هل باراك أوباما مسلم؟ فإن كانوا بيضا وجوابهم نعم، ففي 89% من الحالات سيكون رأيه في ترامب أفضل من كلينتون)، وهذا أدق من سؤالهم عن رأيهم في الاقتصاد أو إن كانوا جمهوريين".
ويقول الكاتب: كيف أخبرها عن (كو كلاكس كلان)، منظمة محلية قائمة على الكراهية، معروفة بقوميتها البيضاء، وعنصريتها ضد السود، لكنهم الآن يجندون أعضاء جددا (لمحاربة انتشار الإسلام) ودعمت هذه المنظمة ترشيح ترامب للرئاسة رسميا، وتبجح قائدها السابق ديفيد ديوك قائلا: ("أدى" شعبنا دورا كبيرا) في انتخابه للمكتب البيضاوي، وتخطط هذه المنظمة لاستعراض احتفالي في شوارع نورث كارولاينا، كيف سأعرض صور ذلك الاستعراض؟"
ويضيف حسن: "لا أستطيع تأجيل ذلك طويلا، فعليّ أن أجلس مع ابنتي قريبا، وأتحدث إليها في موضوع يكره الآباء
المسلمون الخوض فيه، (حديث الإسلاموفوبيا)، النقاش الذي على الآباء أن يخبروا أبناءهم خلاله بأن عليهم أن يضبطوا أنفسهم، وأن يكونوا حذرين عند الحديث عن دينهم ومعتقداتهم في المساحات العامة؛ لأن الأمر الذي لا يعرفونه هو أن هناك أشخاصا في المجتمع ينظرون إليهم على أنهم خطر، ويخافون من المسلمين، ويكرهون الإسلام
ويختم الكاتب مقاله بالتساؤل: "كيف أخبر ابنتي بأن أحد هؤلاء الناس الآن هو رئيسها المنتخب؟".