نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحررة في الصحيفة رولا خلف، تتحدث فيه عن سعي الأطراف المختلفة في
الشرق الأوسط لخطب ود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب.
وتبدأ خلف مقالها بنصيحة لمن يرغب بخطب وده، تقول فيها: "ابحث عنه مبكرا، وأمطره بالمديح، واطرح ما لديك من صفقات سياسية، وعده بأن تساعد في جعل أمريكا عظيمة، وتسلح بحقائق ثابتة، والأهم من ذلك كله تجنب مضايقته؛ لأنه سهل الإثارة".
وتقول الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "هذه النصائح هي ما سمعت الأمريكيين يتشاركونها مع أصدقائهم في الشرق الأوسط، حيث بدأت المعركة لكسب عقل ترامب وقلبه، ولا تزال سياسات الرئيس المنتخب غامضة، لكن شخصيته وحبه في التوصل إلى صفقات أمر موثق توثيقا جيدا".
وتضيف خلف أن "الشرق الأوسط، كبقية العالم، أصيب بالصدمة نتيجة انتخاب شخص مبتدئ، لا خبرة له في السياسة الخارجية، ولا علاقة له بالمؤسسة القائمة في واشنطن، التي اعتادوا التعامل معها لعقود، وأكدت ندوة حول السياسة الخارجية حضرتها في أبو ظبي، كم كان المسؤولون في المنطقة واثقين من فوز هيلاري كلينتون، وقام مستشاروها قبيل الانتخابات بعقد محادثات في الخليج ليرسموا استراتيجيتها في الشرق الأوسط".
وتستدرك الكاتبة بأن "المنطقة، التي خبرت جيدا مخاطر الشعبوية والاستقطاب وتناقل أنصاف الحقائق، راقبت بفزع انتخابات أمريكا لرئيس تقوم سياسته تجاه الشرق الأوسط على بعض الشعارات، حيث وعد بأن يتعامل بحزم مع
إيران، وبحزم أكبر مع الإسلاميين".
وتقول خلف إنه "في هذه المرحلة المبكرة يبدو أن هناك رابحين إقليميين: الأول هو اليمين الإسرائيلي، الذي رحب بانتخاب ترامب، ويتوقع منه أن يتنازل عن فكرة إقامة دولة للفلسطينيين، والثاني هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي جعل همه القضاء على الإخوان المسلمين، وقد مدحه ترامب قائلا إنه (شخص رائع)".
وتشير الكاتبة إلى أن "بعض المحللين يقولون بسخرية إن الإمارات أيضا يمكن أن تستفيد من انتخاب ترامب، ولو لمجرد خبرته في دبي، حيث يقوم ببناء ملعب غولف هناك".
وتعلق خلف قائلة إن "المسؤولين في
دول الخليج لا يعرفون كيف ينظرون إلى ترامب، رغم الشعور بخيبة الأمل من إدارة باراك أوباما وميله لإيران، إلا أن بعض الدول السنية تأمل بأن يعيد الرئيس المنتخب العلاقة الرومانسية مع أمريكا، ويتحدث المسؤولون بحذر عن فرص كبيرة إن تخلت أمريكا عن غزلها مع طهران".
وتلفت خلف إلى أن "الرئيس المنتخب قد يثبت بأنه متحمس جدا، حتى بالنسبة للمعارضين المتشددين ضد إيران، فمثلا الاتفاقية النووية، التي وقف ترامب ضدها طيلة الوقت، ومهما اختلفت دول الخليج مع الاتفاقية النووية، إلا أنه لا أحد يدعو إلى إلغائها، ويقول المسؤولون الخليجيون إنه يجب على إدارة ترامب أن تسعى للتطبيق القوي لها، والتنبيه عند وقوع تجاوزات، بالإضافة إلى أنه يجب على تلك الإدارة أن تعاقب إيران إن هي تدخلت في الشؤون العربية، من سوريا إلى العراق إلى البحرين إلى اليمن".
وتجد الكاتبة أن "قائمة التمنيات هذه ستتصادم مع صفتين من طبائع ترامب، وهما الميل نحو الانفصال، والتشكك في قيمة التحالفات".
وتنوه خلف إلى أن "أحد المخاطر التي تواجه رئاسة ترامب هو أن زيادة الضغط على إيران قد يجعلها تنسحب من الاتفاقية النووية، وتسرّع من محاولاتها لتصنيع القنبلة الذرية، وفي الوقت ذاته سيترك الحلفاء السنة التقليديون ليواجهوا التوتر الناجم عن ذلك وحدهم".
وتبين الكاتبة أن "ترامب سيجد أن أي حركة على رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط لها تفاعلات، فمثلا في سوريا: يفضل ترامب تعاونا أكبر مع روسيا، وهذا سيقوي نظام الأسد وحليفه الأساسي إيران، في وقت يهدف فيه إلى إضعاف طهران، بالإضافة إلى أن التحالف مع موسكو سيبعد السعودية، وهي أحد الداعمين الرئيسيين لثوار سوريا، والعدو اللدود لإيران".
وتفيد خلف بأن "الخطر الآخر في المنطقة هو أنه حتى لو عدّل ترامب من مواقفه المتطرفة، فإن خطابه وخطاب فريقه قد يتسببان بأضرار لا محدودة -دافعا بالمزيد من المسلمين نحو التطرف، ومغذيا صفوف المجموعات المتطرفة، التي وعد الرئيس المنتخب بأن يحاربها، فمثلا قال مايكل فلين، الذي اختاره ترامب ليكون مستشارا أمنيا، إن الإسلام ليس دينا بقدر ما هو عقيدة سياسية، وقارنه بـ(السرطان)، ويبدو أنه لا هو ولا ترامب يميزان بين الأشكال المختلفة من الإسلاميين -السياسيين والمتطرفين".
وتخلص الكاتبة إلى القول: "لن يمر وقت طويل قبل أن يكتشف ترامب بأنه في الرمال السريعة في الشرق الأوسط، فإن أصغر الخطوات في الاتجاه الخطأ قد تتحول إلى أزمة كبيرة".