كرر قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، في مقابلاته مع وسائل الإعلام الأوربية، التهديد بفتح سواحل
مصر للمهاجرين غير الشرعيين عبر البحر، في حال انجرت البلاد إلى فوضى داخلية تهدد بتقويض نظامه.
وفي أحدث حوار له، مع التلفزيون البرتغالي مطلع الأسبوع الجاري، حذر السيسي من وقوع فوضى، لافتا إلى "أن تعداد سكان مصر 92 مليون نسمة، وهو تعداد يفوق سكان سوريا والعراق وليبيا مجتمعين"، مضيفا: "تخيّل لو خرجت الأمور عن نطاق السيطرة كم سيكون حجم
الهجرة غير الشرعية وعدد الضحايا الذين سيعانون نتيجة ذلك محليا وعالميا؟"، وفق قوله.
المصريون "رهينة" لدى نظام السيسي
وعلق الحقوقي المختص بشؤون الهجرة غير الشرعية، نور خليل، بالقول لـ"
عربي21": "إن أزمة الهجرة من مصر إلى أوروربا ليست وليدة اليوم، بل هي منذ بداية الألفية الثالثة، ولم تتوقف يوما ولن تتوقف".
وأضاف: "التلويح بتصدير ملايين المهاجرين الشباب المصريين وكأنهم رهينة لحدث ما، أمر غير مقبول"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن معدل الهجرة ارتفعت وتيرته بعد أحداث 3 تموز/ يوليو، وأن "النظام المصري يسوّق نفسه على أنه حائط صد للهجرة، ومحاربة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط".
واعتبر أن سعي السيسي الحثيث للتلويح بورقة المهاجرين "بمثابة ورقة ضغط من أجل وضع الغرب بين خيارين: إما دعم نظامه، أو فتح الباب أمام مهاجرين لا طاقة لهم بهم"، لافتا إلى أن الغرب يقبل مساومة السيسي، "فهناك مفاوضات مع ألمانيا يجري الحديث عنها؛ تقضي بترحيل المهاجرين إلى
أوروبا عبر البحر إلى مصر، مقابل حوافز مادية ومالية"، وفق قوله.
السيسي يهدد شعبه وقتما يشاء
بدوره؛ قال المتحدث الرسمي باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، إن "السيسي يعلم جيدا مدى تخوف الغرب من عملية الهجرة، ولذا يستخدم ذلك في مواجهة الغرب للمحافظة على بقائه. وقد سبق له أن هدد الشعب بهذا حين قال: إن الجيش سينتشر في مصر خلال ست ساعات".
وأردف قائلا لـ"
عربي21": "باختصار هو يمتثل قول الشاعر:
"إذا أنت لم تنفع فضر فإنما ** يراد الفتى كيما يضر وينفع"
وأضاف: "ما يعتبره السيسي مصدر قوته ومحل مساومته هو أيضا مصدر ضعفه، فحين يعجز السيسي عن منع الهجرة غير الشرعية - على حد قولهم - من مصر تجاه الغرب، يصبح من الضرورة بالنسبة لهم التخلص منه".
ورأى أن "المناوئين لنظام السيسي يمكنهم أيضا التهديد بنفس الشيء، على اعتبار أن الغرب هو من تآمر على الحرية في مصر وساهم بشكل أساسي في صنع انقلابه، ومن ثم فالهجرة من معسكر الاعتقال الكبير (مصر) عمل أخلاقي وتحمل الغرب للمهاجرين هو جزاء فعلهم، بعكس تهديد السيسي فهو لا أخلاقي"، على حد وصفه.
ثنائية الفوضى والهجرة
من جهته، انتقد الأمين العام لمؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، تصريحات السيسي المستمرة بشأن ثنائية الفوضى والهجرة، قائلا لـ"
عربي21": "المتابع لتصريحات السيسي في خطاباته مع الغرب يجد أنه يلوح بالفوضى والهجرة، من أجل كسب تأييد سياسي أو على الأقل لغض الطرف عن جرائمه وانتهاكاته".
وأضاف: "تارة يُصدر أنه يُحارب الإرهاب، وتارة يواجه الفكر الديني المُتطرف، وأخيرا بدأ يلوّح بملف اللاجئين، وتخويف الغرب القريب من أن أي اضطرابات داخل مصر سيكون له تأثير سلبي على الدول الأوربية، في مسألة تدفق الهجرة غير الشرعية له".
واستدرك قائلا: "لكن، الغرب يهمه مصلحته الشخصية في المقام الأول والأخير، ومن ثم عندما يتأكد أن هذا النظام يمشي في خطى مُتسارعة نحو تفجير الوضع في المنطقة، فإنه سيساعد على إزاحته من المشهد"، وفق تقديره.
تحالف اليمين الغربي مع السيسي
أما الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، فقال لـ"
عربي21" إن أزمة الهجرة تؤرق الغرب، "خاصة في أعقاب فشل الربيع العربي"، مضيفا: "مع نمو التيار اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين، بات التحالف بينه وبين الديكتاتوريات العربية السبيل الوحيد لبقائها، لذلك يضغط السيسي بتلك الورقة للحصول على المزيد من الدعم الغربي لقمع شعبه، والحفاظ على كرسيه"، وفق تعبيره.
ولم يستبعد أبو زيد أن يكرر السيسي تجربة رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أن "السيسي دأب على التلويح بورقة الانقسام والفوضى والحرب الأهلية، وهو خطر قائم من اللحظة الأولى لانقلابه، لكن الإسلاميين رفضوا الانسياق خلفه".
واستشهد: "ما أورده تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حول سياسة التغريب خلال الماضية، حيث رصدت نموا كبيرا في أعداد المنفيين قسرا أو اختيارا في عهد السيسي من كافة التيارات السياسية، بسبب ملاحقات أمنية وقضائية أو أحكام سياسية جائره، حيث تجاوز ضحايا عمليات التهجير عشرات الآلاف"، كما قال.