قلل خبراء
اقتصاديون وماليون من جدوى دعوة سلطات الانقلاب بمصر وأذرعها الإعلامية إلى
التقشف، مؤكدين أنها "تدل على فشل الدولة في معالجة الأزمة الاقتصادية، ولا تعني كثيرا من
المصريين المتقشفين في الأصل".
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، إن "دعوات التقشف في الإعلام هي من أجل إظهار الولاء للسيسي، ومجاراة ما يقوله، وليست نابعة عن قناعة اقتصادية"، مضيفا أن "كلام الشبعان غير كلام الجوعان".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "الناتج المحلي في مصر قائم على الاستهلاك، وليس الإنتاج، ولولاه لكان النمو الاقتصادي بالسالب، فكيف يُدعى المواطنون للتقشف وهم متقشفون بالأصل؟"، مشيرا إلى أن "هناك نقصا في السلع، ونقصا في الإنتاج، وتراجعا في القدرة الشرائية بعد تعويم الجنيه".
وتابع الولي: "هناك سبب آخر لرفض دعوات التقشف، وهو أن الصحة البدنية للمصريين سوف تتضرر بشدة من تقليص نفقات الأسر، فلن يتعلم الطفل جيدا، ولن يتغذى العامل والفلاح والموظف بشكل صحي، ولن يغدو المواطن قادرا على العمل بشكل فعال، وسيترتب على ذلك خسائر مجتمعية أكبر مما سيتم توفيره".
مصداقية الحكومة معدومة
من جانبه؛ سخر رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، من الدعوة برمتها، وقال إن "الأسعار تضاعفت مرات ومرات في عهد هذه الحكومة الفاسدة التي لا تحسن إدارة البلاد"، مؤكدا أن "الشغل الشاغل لمحافظ البنك المركزي؛ هو إرضاء البنك الدولي، وليس مراعاة أحوال المصريين".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مصداقية الحكومة معدومة، فلا يستجيب أحد من الشعب إلى دعواتها، التي هي في الحقيقة دعوات من بعض المسؤولين والإعلاميين الذين أدمنوا إطلاق المبادرات بهدف الشهرة، مثل جهاز حماية المستهلك الذي ليس له عمل سوى تسخير الجهاز لشهرته من خلال مبادرات مزعومة".
الأسعار ستواصل الارتفاع
من جهته؛ وصف رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية، أحمد شيحة، دعوة التقشف بـ"الحمقاء"، مؤكدا أن هدفها "تبرير فشل الحكومة في توفير السلع الأساسية".
وقال لـ"
عربي21": "في كل فترة يخرج على الناس مسؤول أو إعلامي ليقول لهم لا داعي للحمة أو الفراخ أو الشاي أو الأرز أو السكر.. وهذا دليل على فشل الإدارة الاقتصادية للبلاد".
وأكد أن "الحكومة تعلق مسؤولية فشلها في وقف مسلسل
الغلاء برقبة التجار والمستوردين والمصنعين"، متوقعا أن يستمر ارتفاع أسعار السلع بكافة أنواعها ومكوناتها "في حال استمرت السياسات الخاطئة للدولة".
وتابع: "لا أتوقع حدوث أي سيطرة على الأسعار؛ لا هذا العام، ولا الذي يليه".
التسعيرة الجبرية
وفي المقابل؛ دعا الخبير الاقتصادي عبدالصمد الشرقاوي للعودة إلى "التسعيرة الجبرية، لحل أزمة الغلاء، وكبح جماح الأسعار".
وقال لـ"
عربي21": "إذا كنا نمر بأزمة اقتصادية؛ فعلينا أن نفعل ما يفعله الناس عندما تكون لديهم مشكلة، وهو فرض تسعيرة جبرية لمدة عام، على أن تشمل سعر السلعة، مضافا لها نسبة أرباح للتاجر، ونسبة أخرى لبائع التجزئة لا تزيد عن 10 بالمئة لحفظ الاستقرار في الأسواق، مع تغليظ العقوبة على المخالفين".
وأرجع الزيادات الكبرى في أسعار السلع إلى "جشع التجار، ورغبتهم في الحصول على أرباح مضاعفة، فهناك كم هائل من التجار الجشعين الذين يستغلون الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، ولا يحكمهم إلا المادة"، متوقعا أن تستمر الأسعار في الارتفاع "ما لم يتم تحديد تسعيرة جبرية من جهة، وكبح جماح جشع التجار من جهة أخرى".
وعن تأثر الأسواق بدعوات التقشف وتقليص النفقات؛ قال الشرقاوي إن "المصانع لن تتضرر من مثل تلك الدعوات؛ لأن الأسواق ستستوعب ما تنتجه".
وأوضح أنه "لا يوجد إنتاج حقيقي في مصر، فكل شيء يتم استيراده من الخارج"، لافتا إلى أن "مصر تحتوي على 500 مليون هاتف محمول، ولا يوجد فيها مصنع واحد لتصنيع أي نوع من أنواع الشواحن، بالرغم من أن ثمنه زهيد، وتكلفته قليلة، ومواده بسيطة".