نشر موقع "ذا هيل"، الذي يغطي شؤون الكونغرس، تقريرا أعده مايك ليليلز، يقول فيه إن النواب الديمقراطيين والجمهوريين عبروا عن دهشتهم لقرار النائبة الديمقراطية تولسي غابارد، القيام هذا الشهر بزيارة سرية إلى سوريا، ولقائها الديكتاتور بشار الأسد.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مساعد في الحزب الديمقراطي، قوله: "هناك شعور متفق عليه بالإجماع بالصدمة والاشمئزاز"، وأضاف: "كل من تحدثت معه من الحزبين، عبر كما أعتقد عن دهشته".
ويشير ليليلز إلى أن الجمهوريين كانوا أكثر استعدادا للتحدث علانية، وشجب النائبة الديمقراطية عن هاواي، وهي من المحاربين السابقين في العراق أثناء احتلال العراق في الفترة ما بين 2003 إلى 2011، والعضو البارز في لجنتي
الكونغرس لشؤون القوات المسلحة والشؤون الخارجية.
ويورد الموقع أن النائب الجمهوري عن إلينويز آدم كينزنغر انتقد الزيارة، قائلا: "ذهبت مسؤولة منتخبة وممثلة للولايات المتحدة في زيارة سرية للقاء ديكتاتور وحشي، قتل نصف شعبه، وما قامت به يستدعي التوبيخ ولا يمكن تبريره"، وأضاف كينزنغر، وهو محارب سابق في العراق، في رسالة إلكترونية للصحافي ليليلز: "عرضت تصرفات النائبة غابارد سمعة بلادنا وسياستنا الخارجية لخطر كبير، ولن أشعر باشمئزاز أكثر من هذا".
ويلفت التقرير إلى أن النائب الجمهوري عن كاليفورنيا، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية إد رويس، عبر عن غضبه، مشيرا إلى أن المتحدث باسم اللجنة قال يوم الخميس: "أباد
الأسد مئات الآلاف من السوريين"، وأضاف: "لم تصادق اللجنة على هذه الزيارة، وهي تصرف غير صائب".
ويذكر الكاتب أن النائب عن نيويورك والمسؤول الديمقراطي البارز في اللجنة إليوت إنغل، قدم شجبا مماثلا، وعنف الأسد في بيان لم يوبخ فيه صراحة النائبة غابارد، أو ينتقد قرارها مقابلة رئيس النظام السوري، ونقل عن المتحدث باسمه تيم مولفي، قوله إن "موقف إنغل من الأسد واضح، فهو يعده مجرم حرب وقاتلا، ودعم واستفاد من الإرهاب، ولديه علاقات قوية مع روسيا، ولن يكون له دور في مستقبل
سوريا".
وينوه الموقع إلى أن هناك من النواب من لم يعنف غابارد، التي دعمت المرشح الديمقراطي للرئاسة بيرني ساندرز، وانتقدت بشدة مواقف الرئيس السابق باراك أوباما حول سوريا، حيث إن النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا، وثاني أهم عضو من الحزب في لجنة الشؤون الخارجية براد شيرمان، دافع عن زيارة غابارد، وقال إن المشرعين لهم الحق بفحص السياسة الخارجية التي يؤثرون فيها، حتى لو اقتضى منهم ذلك مواجهة أناس كريهين، وأضاف شيرمان أن "الكونغرس لديه دور مساو في إدارة السياسة الخارجية، حتى لو لم يقم بالتفاوض مباشرة نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع شيرمان قائلا: "في بعض الأحيان يجب أن نستمع ونلتقي مع قادة لا يطاقون"، واستدرك قائلا: "أختلف مع تولسي بشأن السياسة من سوريا، لكن معرفتي بتولسي تجعلني واثقا أنها تصرفت بطريقة تدعو للإعجاب أثناء رحلتها".
وينقل التقرير عن غابارد، قولها إنها لم تكن تخطط للقاء الأسد عندما زارت سوريا للتعرف على آثار الحرب الأهلية الوحشية، لكنها انتهزت الفرصة للقائه كجزء من جهود التسريع للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع الذي مضى عليه ستة أعوام، وقالت في بيان أصدرته يوم الأربعاء: "أعتقد أنه من الواجب علينا أن نلتقي مع أي شخص لو اعتقدنا أن في لقائه فرصة لوقف الحرب، التي سببت المعاناة الكبيرة للشعب السوري".
ويقول ليليلز إن مصدر غضب قادة الكونغرس نابع من عدم إخبار غابارد لهم برحلتها مقدما، مشيرا إلى قول زعيمة الأقلية الديمقراطية وممثلة كاليفورنيا نانسي بولوسي: "لم يكن لدي علم بالزيارة"، وتضيف: "لم أطلع على التفاصيل، ولا أعرف سبب الدعوة، ولا من رعى تلك الزيارة".
ويفيد الموقع بأن مكتب غابارد دافع عن قرارها، قائلا في تصريح يوم الخميس، إن لجنة الأخلاقيات في الكونغرس أقرت الزيارة، حيث قالت متحدثة باسمها إن "هذا هو الشرط الوحيد المطلوب"، أما عن السرية فلم يتم الإعلان "لأسباب أمنية واضحة"، مشيرا إلى أن غابارد عادت من رحلتها، التي استمرت سبعة أيام، وغامرت أثناءها بزيارة مناطق من سوريا أو لبنان، تحمل تحذيرا من شقين: لا يساعد التدخل الأمريكي في الحرب الأهلية السورية المقاتلين من أجل الحرية "المعتدلين" في حربهم ضد الأسد، لكنه يعطي القوة للجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في العراق وسوريا، أما الشق الثاني فهو يدعو الولايات المتحدة إلى وقف "سياسة تغيير النظام" ضد الأسد، والتركيز على هزيمة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة.
وقالت غابارد في بيان لها: "من العراق إلى ليبيا، والآن في سوريا، شنت الولايات المتحدة حروبا لتغيير الأنظمة، وأدت كل واحدة منها إلى معاناة لم يتخيلها أحد، ودمار، وخسارة في الأرواح، وتقوية جماعات، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة".
ويستدرك التقرير بأن كلامها لم يلق الكثير من الترحيب في الكابيتال هيل، خاصة تأكيدها أن من يقاتلون الأسد كلهم إرهابيون، حيث بدا كلامها كأنه جاء دعاية للأسد، وقال مساعد ديمقراطي في مجال الأمن القومي: "النقاط التي تستخدمها، وهي أنه لا توجد معارضة معتدلة، وأن الأشخاص الذين نال منهم عنف الأسد كلهم إرهابيون، يبدو أنه مثل ما نسمعه من أشياء في (روسيا اليوم)".
وبحسب الكاتب، فإن قرار غابارد الجلوس مع الأسد أدى إلى غضب جماعات حقوق الإنسان، وقال مدير "قوة المهام الخاصة للعمليات الطارئة في سوريا" معاذ مصطفى: "لا أحد يعارض الحل السياسي"، ويضيف: "ما هو الضرر من مقابلة الأسد؟ هو أن يعزز قوته، فهذا الرجل يعتقد أنه يستطيع الانتصار عسكريا ولا يؤمن بالحل السياسي"، ويتابع مصطفى، الذي رافق غابارد قبل ذلك في زيارة إلى الحدود التركية السورية، قائلا إن اللقاء مع الأسد "مخجل".
ويبين الموقع أنه رافق غابارد في الرحلة زوجها، وعدد من دعاة السلام، والنائب الديمقراطي السابق دينيس كونشنتش وزوجته، لافتا إلى أن مجموعة تطلق على نفسها "مركز الجالية العربية الأمريكية للخدمات الاجتماعية والاقتصادية في أوهايو" دعمت الرحلة.
ويختم "ذا هيل" تقريره بالإشارة إلى أن ليليلز حاول الاتصال بالمركز، لكن الشخص الذي تحدث إليه أغلق الهاتف بعدما عرف أن المتصل هو صحافي، لافتا إلى أن وزارة الدفاع قالت إنها تعرف عن الزيارة لكن لا علاقة لها بها.