نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتب سايمون كير، حول التغيرات
الاقتصادية التي تمر بها دولة
الإمارات؛ بسبب الانخفاض في أسعار
النفط، الذي جعل أبو ظبي تطبق عددا من الإجراءات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن العاملين في سلطة استثمار أبو ظبي، التي تعد أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، بدأوا يشعرون بأثر تلك الإجراءات، حيث أصبحوا، هم وغيرهم من الموظفين الحكوميين، يضطرون لدفع فواتير الخدمات، التي قد تصل إلى 20 ألف دولار في العام، بالإضافة إلى تغطية المزيد من تكاليف العناية الصحية.
وينقل الكاتب عن مصرفي كبير في الإمارات، قوله: "إن خيط المحفظة بدأ يضيق شيئا فشيئا".
وتلفت الصحيفة إلى أن أبو ظبي، التي تعد أكبر منتج للنفط في الإمارات، وأغنى الإمارات السبع، كانت تجسد الثراء البترولي للخليج، حيث يدير صندوقها السيادي حوالي 8 مليارات دولار، مستدركة بأن سياسة شد الأحزمة التي انتهجتها الحكومة تظهر كيف اضطر زعماء المنطقة إلى اللجوء إلى إجراءات راديكالية، كرد فعل لانخفاض أسعار النفط لمدة طويلة، وتطبيق خطط سياسية حساسة، كانت تعد في وقت ما ممنوعة في مجتمعات اعتادت على سخاء الحكومات.
ويفيد التقرير بأن تكاليف الحياة ارتفعت بشكل كبير في وقت تم فيه تقليص الرزم الخاصة بالموظفين الحكوميين، وارتفعت أسعار الكهرباء؛ بسبب رفع الدعم الحكومي عنها، لافتا إلى أن التأخر في مشاريع بمليارات الدولارات، وتقليص النفقة تسببا بفقدان للوظائف، ليس أقلها أهمية في قطاع النفط والغاز، حيث قامت شركة "أدنوك"، وهي شركة النفط الحكومية، بالاستغناء عن خمسة آلاف وظيفة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وينوه كير إلى أن النتيجة هي هروب الوافدين الذين قدموا إلى أبو ظبي منذ بداية الألفية الثانية، عندما بدأت أبو ظبي بتسويق نفسها على أنها مركز تجاري وسياحي، مشيرا إلى قول أحد العاملين في التوظيف والمتخصص في المناصب العليا: "كان عام 2016 هو الأسوأ منذ ثلاثة عقود.. الوافدون في الوظائف العليا والدنيا يغادرون، ولم يبق سوى الوسط مثل ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي"، وأضاف أن المديرين العامين الأوروبيين ذوي الرواتب العالية بدأوا بالمغادرة، حيث يتم استبدالهم بموظفين برواتب أقل.
وتكشف الصحيفة عن أنه تم تجميد مشاريع بقيمة 81 مليار دولار، في الوقت الذي استمرت فيه مشاريع أخرى قيمتها 69 مليار دولار، بحسب مجلة "ميدل إيست إكونوميك دايجست"، المتخصصة في المعلومات التجارية، لافتة إلى أن المشاريع المؤجلة تتضمن مشاريع استعراضية، مثل متحف اللوفر وجزيرة سعديات، التي كان من المفترض أن تبدأ في استقبال الزوار عام 2012، بالإضافة إلى أن العقود لمتحف زايد الوطني وغوغينهايم، التي هي جزء من تحويل أبو ظبي إلى مركز ثقافي إقليمي، لم يتم طرحها للمناقصات بعد.
وينقل التقرير عن كبيرة متخصصي الاقتصاد في بنك أبو ظبي التجاري مونيكا مالك، قولها: "ما يحرك الاقتصاد هنا هو الحكومة ونفقات المؤسسات الحكومية، وكان التركيز على ضبط أوضاع المالية العامة، والتأقلم مع أسعار النفط المنخفضة.. وكان هناك تباطؤ ملحوظ في الأنشطة الاقتصادية، وربما يبقى التركيز على مزيد من التعديل، وقد يكون بوتيرة أضعف خلال 2017".
ويورد الكاتب نقلا عن مؤسسة "فيتش"، قولها إن نفقات حكومة أبو ظبي تقلصت بنسبة 10% العام الماضي، و18% عام 2015، ما أبطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 3.5% عام 2015.
وتبين الصحيفة أن الحكومة سعت إلى زيادة الإيرادات، ورفعت سعر الكهرباء للوافدين بمعدل 30% هذا العام، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الوقود والماء للإماراتيين، التي كانت أقل في الأصل، بنسبة 34%، حيث كانت هذه هي السنة الثالثة التي يتم فيها رفع الأسعار، مشيرة إلى أن هناك توجها لفرض ضريبة مبيعات في الإمارات وغيرها من دول الخليج في عام 2018.
وبحسب التقرير، فإن الوافدين تأثروا بضرائب البلديات الجديدة، وقيمتها 3% من إيجار البيت، ابتداء من شهر شباط/ فبراير 2016، ويقول مصرفي مقيم في أبو ظبي: "تشعر بأثر تباطؤ الاقتصاد وارتفاع التكاليف، حيث يغادر أناس، أو يرسلون عائلاتهم إلى بلدانهم، فهناك بيوت فارغة في المجمع السكني الذي أعيش فيه، وهذا لم يحصل منذ سنوات كثيرة جدا".
ويرجح الكاتب حدوث خسائر أكثر في الوظائف عندما تقوم الحكومة بترشيد النطاق المتباين للشركات المرتبطة بها، منوها إلى أن المصرفيين يقدرون خسارة أكثر من ألفي وظيفة عندما يتم دمج بنك أبو ظبي الوطني مع "فيرست غولف بانك"، بما في ذلك استهداف للمواقع الإدارية العليا على مستوى جميع فروع البنك، بالإضافة إلى أنه سيتم دمج شركتي الاستثمار "مبادلة" و"إي بيك" كإجراء لتوفير المصاريف.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الناس يشعرون بآثار تلك الإجراءات في الإمارة كلها، حيث يشكو أطباء الأسنان مثلا من أن العائلات لم تعد تحرص على العلاجات المكلفة، مثل تركيب تقويم الأسنان للأطفال.