نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لرئيس مكتبها في برلين أنتوني فايولا، حول مقاطعة الليبراليين الألمان لمطعم
بيرغر أمريكي؛ لأن مالكه قال إنه يحب الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، مشيرا إلى أن اليمين قام بإنقاذ
المطعم من الإفلاس، ما يعكس حالة الاستقطاب التي تسبب بها ترامب على مستوى العالم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن نيكولاس سميث، البالغ من العمر 29 عاما من كاليفورينا، يملك مطعم بيرغر في مدينة إسين، وكان المطعم يكتظ بالزبائن حتى ظهر سميث على التلفزيون الوطني، وقال إنه من مؤيدي ترامب، ويعلق سميث قائلا: "كنت أحاول أن تكون لدي تجارة ناجحة.. لكن بعدها تحول كل شيء إلى ما هي ميولي السياسية".
ويذكر فايولا أن الرئيس ترامب برز خارج أمريكا على أنه رمز للانقسام الأيديولوجي، ففي دوائر اليمين على مستوى العالم أصبح ترامب محبوبا، كما هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن في أماكن مثل أوروبا، حيث هناك شيء من الكراهية الخفية للأمركة، فإن صعود ترامب حرك العداء الدفين، بالإضافة إلى القلق البالغ.
وتلفت الصحيفة إلى أن حوالي مليوني مواطن وقعوا على عريضة لمنع زيارة ترامب إلى بريطانيا في زيارة رسمية؛ بحجة أن اللقاء مع الملكة سيتسبب لها بإحراج، مشيرة إلى أنه في أنتويرب في بلجيكا، قام مقهى "زيزخت" الشهير، باستبدال الكوكا كولا وشرائح بطاطا "ليز" الأمريكية بمشروب غازي ومقبلات محلية الصنع.
ويورد التقرير أن مرشحة الرئاسة اليمينية المتطرفة في فرنسا مارين لوبين مدحت ترامب، وقالت: "اليوم في الولايات المتحدة، وغدا في فرنسا"، في الوقت الذي أطلق فيه ناشط يميني في ألمانيا صفحة على الإنترنت، سماها "نادي المعجبين بترامب في ألمانيا"، مستدركا بأنه مع ذلك فإن الاستطلاعات في ألمانيا تظهر أن الأغلبية العظمى غير مرتاحة لرئاسة ترامب، حيث تظهر تجربة سميث أن لديهم استعدادا لأن يصوتوا بأفعالهم.
ويفيد الكاتب بأن الأمر بالنسبة لسميث بدأ عندما وافق في فترة احتفالات "هالاويين" على أن يستضيف في مطعمه "غرينغوز كاليفورنيا كيتشن" ندوة حول الانتخابات الأمريكية يبثها التلفزيون الألماني "زد دي أف"، حيث كان هو المؤيد الوحيد لترامب من بين سبعة أشخاص في الندوة، وقال: "قلت ما أشعر به، بأن تجربتي، كوني مالكا لعمل صغير يجعلني أعتقد أن الضوابط والضرائب تؤثر في خلق وظائف جديدة، وأن ترامب سوف يقوم بعلاج ذلك".
وتنوه الصحيفة إلى أن سميث حظي باهتمام شديد من الصحف والإذاعات والتلفزيون بعد بث الندوة، حتى وجد نفسه في برامج مثل "ميبرت إلنر شو" يتحاور مع أعضاء من حكومة المستشارة أنجيلا ميركيل والبرلمان الأوروبي، مشيرة إلى أنه طرح في أحد تلك النقاشات مقولة ترامب بأن الحلفاء يجب أن يدفعوا المزيد مقابل حماية بلدانهم، ويقول: "قلت لديكم تعليم مجاني، وقطارات سريعة، وطرق سريعة رائعة؛ لأننا دفعنا للدفاع عنكم.. حاولت أن أوضح بأن ذلك عامل مهم لحصول ترامب على ذلك الكم من الدعم؛ لأن الأمريكيين يشعرون بأنهم يدعمون حلفاءهم، فانفجر الحضور بالضحك، لم يفهموا القصد".
وبحسب التقرير، فإنه بعد ظهور سميث في تشرين الثاني/ نوفمبر، فإنه بدأ يحصل على تعليقات سيئة على صفحة المطعم على "فيسبوك"، مستدركا بأن عمل المطعم الموجود في منطقة ليبرالية من المدينة لم يتأثر كثيرا، إلا أنه بعد فوز ترامب المفاجئ بدأ زبائنه الدائمون يختفون شيئا فشيئا.
ويقول فايولا إنه مع الوقت الذي قام فيه ترامب بإصدار حظره الأول لسفر رعايا سبع دول ذات غالبية إسلامية، فإن كثيرا من الألمان الناقدين احتجوا بأن توجهات سميث السياسية سبب جيد لعدم الشراء من مطعمه.
وتذكر الصحيفة أن زبونه السابق غريد ديلون- ستشودر كتب على صفحة "فيسبوك" الخاصة بالمطعم، أن سميث "كان ربما سيحب هتلر أيضا"، وأضاف موجها الكلام لسميث: "إن كنت تؤيد الجدران إلى هذه الدرجة فأستغرب ماذا تريد هنا في ألمانيا، نحن حاربنا لهدم الجدران.. لم أعد أحتمل رؤيتك، ولن أدخل مطعمك مرة أخرى"، أما بيتر كوتش (43 عاما)، وهو عامل عناية صحية، تحدث عن تردي المبيعات، قائلا: "إن كنت لا تفهم ما يحدث لماذا لا تفكر ثانية، إن كان مكانك لبيع البيرغر تحدث عن البيرغر، لكن لأنك مؤيد كبير لهذا الديكتاتوري، فلماذا لا تعود إلى أرض الميعاد؟".
وينقل التقرير عن سيمث، قوله إن رد الفعل وصل إلى حد أن يمر على بعض عملائه في الشارع ويرفضون مجرد الحديث معه، ويضيف: "نفتح فقط للعشاء، وكان المطعم سابقا يكون مكتظا في الليل.. لكن الآن إن كنا محظوظين فإننا نحصل على ثلاثة زبائن في الليلة".
ويقول سميث للصحيفة إنه حاول التفاعل مع ناقديه على المستوى الشخصي، ومن خلال الإعلام الألماني، لكن الكثير يتهمونه بمعاداة المثليين والعنصرية وتأييد ترامب، ورد على ذلك بالقول إنه بريء من تلك التهم كلها، واصفا نفسه بأنه مثلي، وأنه صوت مرتين لأوباما، وأضاف: "ليس من السهل تحديد الناس الذين يؤيدون ترامب.. لكن الناقدين لا يريدون سماع ذلك".
ويبين الكاتب أن سميث كان يفكر إن كان المطعم سيبقى قابلا للحياة من ناحية مالية عندما بدأت حركة مضادة بشكل مفاجئ، حيث إنه مع انتشار الأخبار حول تدهور وضع المطعم، فإن الشعبويين اليمينيين الألمان بدأوا بنشر الدعاية لمطعمه في صفوفهم، حيث أن بعض زبائنه الجدد يعيشون في إيسن وحولها، لكن البعض الآخر يقود سيارته لساعات ليعبر عن تأييده، لافتا إلى أنه مع دخول شهر شباط/ فبراير، فإن عمل المطعم عاد إلى الانتعاش مرة ثانية.
وتورد الصحيفة نقلا عن أندرياس هيلمان (28 عاما)، وهو ناشط ألماني محافظ، قوله: "ذهبت إلى المطعم مرتين، وذهبت ثالثة للغذاء، وطلبت من أصدقائي كلهم دعم نيكولاس"، مشيرة إلى أن هيلمان انتقل إلى واشنطن مؤخرا للعمل مع مؤسسة غير ربحية، لكنه زار المطعم خلال زيارة له إلى ألمانيا هذا الشهر، وقام أحد أصدقائه بقيادة سيارته 22 ميلا من داسلدوف للأكل معه في المطعم، وقال هيلمان: "أرى
الانقسام في أمريكا، وهناك هذه الكراهية، بحيث لم يعد الناس قادرين على الحوار بطريقة محترمة.. وأشعر بأن الشيء ذاته يحصل في ألمانيا اليوم".
ويكشف التقرير عن أن عددا جيدا من زبائن سميث الجدد هم من
حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني، بمن فيهم القاعدة الصغيرة من المؤيدين المثليين.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن سميث يخشى ألا يستمر هذا الازدهار، حيث سيجد الكثير ممن يأتون من أماكن بعيدة أنه من الصعب عليهم الاستمرار في السفر أميالا طويلة لدعم عمل المطعم، ويقول إنه لاحظ بدايات تراجع في العمل، وهو يفكر بعمل بديل، فيقول: "فكرت في طلب وظيفة في البيت الأبيض في حالة اضطررت لإغلاق المطعم".