تعقد الدول الـ68 المنضوية في إطار التحالف ضد تنظيم الدولة الذي تقوده الولايات المتحدة اجتماعا في واشنطن الأربعاء؛ من أجل تسريع جهود طرد الجهاديين من معاقلهم المتبقية في
سوريا والعراق.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، أمر جنرالاته بتقديم استراتيجية تسرع في "القضاء" على ما يسميه التنظيم "دولة الخلافة" التي أقامها، وهو ما يرغب وزراء دول التحالف بمعرفة المزيد بشأنه.
وسيشكل الاجتماع كذلك فرصة لوزير الخارجية الجديد، ريكس تيلرسون، الذي بقي في الظل منذ تسلمه منصبه قبل نحو شهرين؛ للبروز إلى الواجهة؛ من أجل إثبات سلطته على الجانب الدبلوماسي للتحالف.
إلا أن خطة ترامب لخفض ميزانية وزارة الخارجية للدبلوماسية والمساعدات الخارجية أثارت الدهشة، وأنذرت بتقليل الموارد المخصصة لإعادة الاستقرار في الدول التي تشهد نزاعات.
وأكد دبلوماسيون أوروبيون لوكالة فرانس برس أنهم ينتظرون الحصول على تطمينات من واشنطن بأنها ستبقى ملتزمة بخطة طويلة الأمد؛ لتأمين المنطقة بعد تحقيق نصر في أرض المعركة.
وكان رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي زار واشنطن قبيل المحادثات، وقال إن النصر ضد تنظيم الدولة ممكن، فقط في حال وقوف الحلفاء إلى جانب بعضهم البعض.
"نقتل التنظيم"
وفي حديث أدلى به خلال ندوة لمركز أبحاث "المعهد الأمريكي للسلام"، قال العبادي: "نحن نقتل داعش، ونؤكد على أنه يمكن قتلهم والقضاء عليهم".
وأضاف أنه "بإمكاننا القيام بذلك، ليس فقط في العراق، بل في المنطقة بأسرها. أشجع حلفاءنا وأصدقاءنا على التركيز" على هدفهم. "علينا ألّا نفقد التركيز، وألّا نعطي داعش فرصة ثانية" لإعادة لملمة صفوفه.
وبعد وقت قصير من تسلمه قيادة البيت الأبيض في أواخر كانون الثاني/ يناير، أمهل ترامب وزارة الدفاع 30 يوما، لإعادة النظر في التقدم الذي أحرزته الحرب على تنظيم الدولة، وتطوير خطة شاملة لـ"القضاء تماما" على المجموعة المتطرفة.
وكان ترامب اشتكى مرارا خلال حملته الانتخابية من الوقت الطويل الذي أخذه سلفه باراك أوباما لإتمام المهمة، وزعم أن لديه خطة سرية للقضاء على التنظيم. إلا أنه لم يقدم أبدا أي تفاصيل بشأن خطته، فيما اتبع حتى الآن بشكل كبير استراتيجية أوباما.
وتتمحور هذه الخطة على قيام القوات التي تقودها الولايات المتحدة أو ترشدها بمراقبة وشن غارات على الأهداف التابعة للجهاديين، فيما تقوم بتدريب وتقديم المعدات العسكرية لقوات محلية؛ لتقاتل على الأرض، وتتمكن من إبقاء الأراضي التي استعادتها تحت سيطرتها.
ومع ذلك، قام ترامب ببعض التعديلات، مثل منح القادة العسكريين سلطات أوسع لاتخاذ القرارات في أرض المعركة.
ولطالما اشتكى الضباط من التدخلات بالتفاصيل في عهد أوباما.
ولكن معارضي تعديل ترامب يعبّرون عن مخاوفهم من اتجاه الجيش الآن للقيام بأمر قد يعرّض حياة المدنيين إلى الخطر بشكل أكبر، على نمط الغارة في اليمن، التي جرت في كانون الثاني/ يناير، وأدت إلى مقتل جندي أمريكي وعدد من النساء والأطفال.
تعقيدات استعادة "عاصمة" الجهاديين
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الدفاع أنها تحقق في اتهامات بأن غارة جوية على هدف يعتقد أنه تابع لتنظيم القاعدة قرب مسجد في شمال سوريا أدت إلى مقتل عشرات المدنيين.
وقدم البنتاغون الشهر الماضي مسودة أولية لترامب بشأن مراجعة للخطة ضد تنظيم الدولة.
وأفاد المتحدث باسم البنتاغون، جيف دايفس، بأن الوثيقة ستضيف معلومات للمحادثات الدبلوماسية، وبأن ردود شركاء التحالف بشأنه ستضاف إلى الخطة.
وبدأت القوات العراقية، مدعومة جويا، وقوات خاصة، ومدفعية من التحالف، عملية عسكرية لاستعادة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في 17 تشرين الأول/ أكتوبر.
ومع حلول 19 شباط/ فبراير، استعادت جميع المناطق الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وتوجهت نحو معاقل الجهاديين في الغرب. واستمرت في التقدم، رغم تحملها خسائر بشرية كبيرة.
وفي هذه الأثناء، زادت عزلة الرقة "عاصمة" الجهاديين في سوريا، فيما عقد الوضع السياسي والدبلوماسي في البلد خطط استعادتها.
ويدعم البنتاغون تحالفا من المليشيات العربية والكردية؛ من أجل استعادة مدينة الرقة، إلا أن لتركيا قوة من فصائل المعارضة المسلحة تابعة لها في المنطقة، فيما تدعم روسيا نظام بشار الأسد.
وتنظر تركيا إلى وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل العنصر الكردي في قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن، على أنها ذراع لحزب العمال الكردستاني الانفصالي، الذي تعدّه "إرهابيا". وبذلك، تعارض أنقرة تسليح هذه القوات لخوض المعركة ضد تنظيم الدولة.
ومن ناحيتها، لا ترغب الولايات المتحدة بانخراط عدد كبير من قواتها في المعركة، رغم خططها لمضاعفة قواتها البالغ عددها 850 جنديا في سوريا وزيادة عدد مدفعياتها هناك.
وستتم مناقشة انعكاسات هذه الخطط خلال اجتماع واشنطن؛ حيث سيحاول تيلرسون المحافظة على الدعم الذي تحظى به الرؤية الأمريكية وسط شركاء الولايات المتحدة من الغربيين والعرب تحديدا.