بروفيسور نرويجي: هذا ما نحتاجه في التعامل مع "الإخوان"
لندن- عربي21- بلال ياسين24-Mar-1711:33 PM
شارك
فورين أفيرز: حظر جماعة الإخوان المسلمين سيضر بالمصالح الأمريكية- أرشيفية
نشر موقع "فورين أفيرز" مقالا للبروفيسور في الشؤون الدولية ستيغ جارل هينسون، يتحدث فيه عن النقاش الأمريكي الحالي حول تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
ويبدأ الكاتب، وهو نرويجي، مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "شهدت السنوات الأخيرة نقاشا متزايدا في الغرب حول جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية ذات التأثير الواسع في الشرق الأوسط، وفيما إن كان يجب تصنيفها جماعة إرهابية".
ويقول هينسون: "كانت الجماعة المرتبطة بالإخوان في المملكة المتحدة حليفة للحكومة في مكافحة الإرهاب ذات مرة، إلا أن رئيس الوزراء في حينه ديفيد كاميرون غير موقفه عام 2014، وطلب مراجعة نقدية للجماعات المتعددة في بريطانيا وذات العلاقة بالإخوان، وفيما إن كانت تشكل تهديدا على الأمن القومي، وتوصل تقرير المراجعة إلى أن (عضوية جماعة مرتبطة بالإخوان أو تأثرت بهم يجب التعامل معها على أنها علامة محتملة للتطرف)، إلا أن التقرير لم يوص بتصنيف الجماعة إرهابية".
ويرى الكاتب أن "تحرك كاميرون تأثر على ما يبدو بقرارات حلفاء المملكة المتحدة في الشرق الأوسط، التي قررت التعامل مع المنظمة الإسلامية بطريقة قاسية، ففي عام 2013، وبعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين على يد الجنرال عبد الفتاح السيسي، تم حظر الجماعة، وفي عام 2014 صنفت السعودية الجماعة منظمة إرهابية، وكذلك فعلت الإمارات، فيما قام الأردن بعملية ملاحقة للإخوان".
ويشير هينسون إلى أن "الولايات المتحدة تناقش إمكانية تصنيف الإخوان منظمة إرهابية، ففي عام 2015، حاول كل من الممثل الجمهوري عن تكساس السيناتور تيد كروز، مع ممثل فلوريدا ماريو دياز بارلات، الدفع بمشروع قرار تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية في الكونغرس، الذي كان سيحظر الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين في الولايات المتحدة كلها، لكن المشروع توقف عند لجنة الكونغرس للشؤون الخارجية، وتم وضعه على الرف، وفي كانون الثاني/ يناير، وقبل أسبوع من تنصيب دونالد ترامب، قام تيد كروز بإعادة تقديم المشروع أمام الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس أنه سيجعل الكفاح ضد الإسلام الراديكالي أولوية، وبالتأكيد فإن الرئيس حاول حظر الجماعة الشهر الماضي".
ويجد الكاتب أن "مشروع القرار خطأ على عدة مستويات، فمقترح كروز يبدأ بذكر الدول التي قامت بحظر الإخوان المسلمين: البحرين ومصر وروسيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة، ويمكن اعتبار الدول المذكورة في القائمة كلها بأنها دول ديكتاتورية، وبالمقارنة فإن جماعة الإخوان المسلمين عبرت بشكل دوري عن دعمها والتزامها بالديمقراطية، وصادق مجلس الشورى فيها، والمسؤول عن تشكيل سياساتها، على الديمقراطية، وشاركت جماعات خرجت من عباءة الإخوان في المغرب والأردن مثلا في الانتخابات الديمقراطية، وكانت قوة في عمليات الدمقرطة".
ويؤكد هينسون أن "الجماعات الإسلامية المتصلة بالإخوان كانت في بعض الحالات، مثل البحرين والمغرب والصومال، بطيئة في البحث عن توافق مع منافسيها في داخل الحكومة، وفي مصر، مثلا، انتقدت الجماعة بأنها لم تحاول البحث عن إجماع عندما وصلت إلى السلطة بعد الربيع العربي، وأعلن مرسي في مرحلة من المراحل عن أمر رئاسي منح فيه نفسه سلطات واسعة، لكنه لم يقم لا هو أو جماعة الإخوان المسلمين بخرق الدستور في أي مرحلة من المراحل، على خلاف الرئيس الحالي، الذي حد من نشاط قطاع كبير من المعارضة، وسجن معارضيه السياسيين".
وينتقد الكاتب رؤية مشروع القرار الأمريكي، ويقول: "مثل التقرير البريطاني، يعاني التحليل الذي قدمه مشروع كروز من عدد من مظاهر القصور، ففي محاولة لتوضيح أيديولوجية الجماعة يركز، وبشكل كبير، على كلام قائدين للحركة، وهما مؤسسها حسن البنا والعضو البارز سيد قطب، لكن البنا كان غامضا في كتاباته، حيث دعم العنف أحيانا وشجبه أحيانا أخرى، ومن أجل حل عقدة الغموض والحصول على تفسير الإخوان الحالي لكلام البنا، يحتاج الشخص إلى مقابلة قادة الإخوان الحاليين، والملاحظ أن رؤيتهم غائبة عن مشروع قرار كروز، ويظل قطب، الزعيم السابق والمنظر في الجماعة، مثيرا للجدل داخل الحركة، وأدت أفكاره المتطرفة إلى تقسيم قيادة الإخوان المسلمين في مصر، ومنذ البداية أبعد حسن الهضيبي، الذي قاد الحركة من عام 1951 حتى وفاته عام 1973، نفسه عن أفكار قطب".
ويلفت هينسون إلى أن "أهم من هذا كله، أنه منذ اغتيال البنا عام 1949، ووفاة قطب عام 1966، تغير الإخوان، وفي الحقيقة فإن أيديولوجيتهم لا تزال تتطور، ونظرا لانشغال مشروع القرار بكل من البنا وقطب، فإنه يفشل في الاعتراف بهذا، ويتجاوز التطور الذي مر به الإخوان المسلمون خلال العقود الأربعة الماضية، من ستينيات القرن الماضي حتى اليوم".
ويمضي الباحث الأكاديمي قائلا: "فمن خلال مقابلاتي مع قادة الإخوان في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا (لتقرير سيصدر عن مركز بيلفر في مدرسة هارفارد كيندي، وبدعم من وزارة الخارجية النرويجية)، عبر الكثير منهم عن إعجابهم بمؤسس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، فهو داعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا يهمه إن كانت البرلمانيات في حزبه يرتدين الحجاب أم لا، وكان حزب النهضة إسلاميا لكنه بحث عن توافق مع منافسيه العلمانيين، وعبر قادة الإخوان عن دعمهم للداعية السعودي سلمان العودة، الذي شجب في نيسان/ أبريل اضطهاد المثليين".
ويقول الكاتب: "في لقاءاتي مع هؤلاء القادة، دهشت من الدينامية لحركة الإخوان المسلمين، حيث تقوم دفعات جديدة بتشكيل القيادة القديمة، وفي اتجاه آخر لا يزال الإخوان المسلمون يدعمون أفكارا محافظة جدا، مثل الرأي الأبوي المتعلق بأدوار المرأة في المجتمع، وتظل جماعة الإخوان المسلمين متعددة الظلال، ويحتاج فهمها إلى فهم قادتها الآن وما هي مواقفهم الأيديولوجية".
ويذهب هينسون إلى أن "مشروع القرار المقترح يفشل في التفريق بين التيار الرئيس في الإخوان ومن انشقوا عنهم، وأصبحوا ينتمون لجماعات متطرفة، ويشير مشروع القرار إلى الكيفية التي دعم فيها الزعيم الإسلامي السابق في السودان حسن الترابي الإرهاب، لكنه فشل لأن الترابي خرج من الإخوان في الثمانينيات من القرن الماضي قبل أن يبدأ بدعم الإرهاب بشكل مفتوح، وبشكل مشابه فإنه تم ربط زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بالإخوان المسلمين، بالإضافة إلى أن نقد تنظيم القاعدة للإخوان المسلمين، مثل نقد الجماعات المرتبطة بها كحركة الشباب، يركز بوضوح على (تعاون الإخوان مع الغرب)، ودعم (الديمقراطية الغربية)، وتم حذف هذه الحقيقة من مشروع القرار".
وينوه الباحث إلى أن "مشروع الحظر الذي يدعو إليه كروز على الإخوان المسلمين لا يتجاوز فقط طبيعة الحركة المعاصرة، لكنه يتجاهل الدور الذي أدته في مساعدة الغرب على مواجهة الإرهاب، ففي عام 2003 تعاونت الحكومة البريطانية مع المنظمات المرتبطة بالإخوان لإزاحة الإمام الراديكالي أبي حمزة المصري، واقتلاع المتعاطفين مع تنظيم القاعدة من مسجد فينزبري بارك في لندن، واليوم فإن الحكومة البريطانية تراجعت عن الموقف القاسي الذي اتخذته في تقريرها عام 2015، وترى الإخوان المسلمين حاجزا ضد التطرف، بالإضافة إلى أن فروع الإخوان والمنظمات التي ترتبط في أصولها بهم تحالفت في الماضي مع الولايات المتحدة في أماكن مثل العراق والصومال وسوريا واليمن، التي تكافح التأثير الإيراني، وكذلك الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة والشباب".
ويقول هينسون: "حتى إسرائيل، التي لا يعرف عنها أنها تتسامح مع الإسلاميين، سمحت للفرع الجنوبي من الحركة الإسلامية، التي لها جذور واضحة في الإخوان، بالمشاركة في انتخابات البرلمان، ومع أن السعودية حظرت الإخوان المسلمين، إلا أنها تعاونت مع حزب الإصلاح الإسلامي في اليمن، الذي يعود في جذوره للإخوان، حيث وجد الطرفان عدوا مشتركا وهم الحوثيون، الذين سيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014، وبنت علاقات جيدة مع الإخوان المسلمين في لبنان، الذين ترى فيهم حاجزا مهما ضد التأثير الشيعي".
ويختم الباحث مقاله بالقول: "هناك بالطبع نقد مشروع للإخوان، من ناحية دعم الجماعة لإعدام المرتد، وبالطبع هناك نقد آخر مشروع، وهو فشل الإخوان المصريين في البحث عن إجماع وتوافق أثناء المرحلة الانتقالية، لكن الطريق الأفضل للأمام هو دعم التيار الرئيس للحركة، وفي الوقت ذاته حظر الفروع المتطرفة منها، فحظر الجماعة سيضر بالمصالح الأمريكية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب ومواجهة تأثير دول مثل روسيا في الشرق الأوسط، وما تحتاجه الولايات المتحدة هو التعاطي النقدي مع الإخوان المسلمين من خلال النقاش والنقد البناء لا الحظر الشامل".