هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قد يكون من نافلة القول بأنّ "المشروع" (مثل الأغلب الأعم من الحوانيت الحزبية المنتمية للعائلة "الديمقراطية") يفتقد الخيال السياسي "الوطني" الذي يجعله قادرا على أن ينتج خطابا موافقا للقطيعة السياسية والآفاق التحررية التي ولّدتها الثورة التونسية.
لقد قدّم قائد السبسي مبادرته التشريعية رغم كل الاعتراضات عليها لأنه في النهاية "رجل دولة" بالمعنى الاستبدادي للكلمة، رجل دولة لا ينصت إلا لمن أوصله إلى قصر قرطاج ويستطيع إخراجه منه إن لم يف بوعوده ويرد الدَّين الذي عليه.
يمكننا اعتبار التسريب الصوتي الأخير المنسوب لأحد مالكي قناة نسمة الخاصة بمثابة اللحظة القصوى في الانفلات الإعلامي وفي تغوّل اللوبيات المالية والسياسية التي تهيمن على المشهد الإعلامي الخاص.
من جاء بعياض بن عاشور إلى رئاسة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ومن حدد أصلا تلك الأهداف؟
إنّ نجاح الإسلاميين في إدارة علاقتهم بالمسلمين وبالمواطنين هو خطوة مهمة لترسيخ ثقافة المواطنة والتعايش بين الأهالي.
هل إنّ تعامل "الحداثة المُتونسة" مع جسد الأنثى –ومع روحها- هو تعامل أكثر إنسانية وأقل" مركزية ذكورية" من التعامل التقليدي القائم على تبرير "الوضعية الدونية "للمرأة بمسّوغات"شرعية" ذكورية في أساسها؟
في كل المواقع القيادية التي احتلها بعد الثورة، نجح الرئيس التونسي في تحقيق المطلوب منه: نجح في إخراج الجميع من منطق الثورة إلى منطق الدولة، نجح في تغذية الصراع على أساس ثقافوي وإبعاد الفاعلين الجماعيين عن الاستحقاقات الاقتصادية.
لو شئنا اختزال مسار الانتقال الديمقراطي الذي ازداد تعثرا منذ أن فاز نداء تونس في الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة لقلنا: إنّ النداء هو "فضيحة" كل القوى السياسية والجمعياتية والنقابية بلا استثناء.
إنّ "الحزب المدني ذي المرجعية الدينية" هو واقع "قانوني" في المجال العام التونسي، ولكنه لن يتحوّل الى واقع "ثقافي" أو حتى "سياسي مخصوص" يمكن تمييزه عن الأطروحات اليعقوبية والأطروحات السلفية-التحريرية على حد سواء ما لم يجد محاورين جيدين.
فشل العقل "النقدي" الحداثي حتى في الاشتغال النقدي على تاريخه وعلى خطاباته، وهو ما يعطينا الحق في وسم تلك الخطابات باللاوظيفية، سواء من جهة علاقتها بالثورة واستحقاقاتها أو من جهة علاقتها بالتأسيس المفهومي والمؤسساتي للجمهورية الثانية.
ليس ما يخشاه التونسيون والتونسيات-ومعهم الكثير من العرب- هو الإسلام بما هو ديانة أو تجربة روحية أو حتى لما هو منهج للحياة الفردية، وانما هم يخشون تلك الدعوات الدينية التي تحرّم أغلب المسالك
رغم كل المزايدات والعنتريات التي قد تصدر من هذا الطرف أو ذاك، من الواضح أنه ليس من مصلحة أي طرف سياسي وازن إصلاحُ المنظومة الإعلامية. فالسياسيون جميعا يحتاجون –بدرجات تفاوتة- إلى "فاسدين" يقبلون وضعية الاستلحاق والاستكتاب والتدجين.
لا يجب أن نستغرب حين نجد أنّ الأغلب الأعم من القوى اليسارية والتقدمية قد اصطفت بعد انتخابات المجلس التأسيسي وراء نداء تونس.
إنّ إحساس النهضويين بأنهم مستهدفون بصورة منهجية وبأنهم غير معترف بهم بصورة طوعية ونهائية في الحقول السياسية والمدنية والإعلامية.
إننا أمام "مخيالين جمعيين" يعيشان وضعية تصادم مطلق في مستوى ما يُسمّيه ماكس فيبر ب"رؤية العالم"، وهو ما لم تستطع مفردات "الديمقراطية" وموازين القوى "الهشّة" في المرحلة " الانتقالية" أن تبطل مفاعيله الخطرة على مستقبل المشروع المجتمعي.
ما تقوم به قنوات الحوار التونسي والتاسعة ونسمة في مستوى الإعلام المرئي- وما تفعله إذاعتا موزاييك وشمس آف آم في مستوى الإعلام المسموع- من استخفاف صريح بضوابط العمل الصحفي ومن ترويج لخطاب هو في الأغلب الأعم خطاب كراهية وتحريض على التقاتل بين المواطنين.