صدرت تغريدات منسوبة لهيئة كبار
العلماء بالسعودية تتهم جماعة
الإخوان المسلمين بعدة تهم، ظاهرها دينية، وباطنها سياسية حزبية، حملت هذه التغريدات هذه الاتهامات للإخوان: 1ـ ليس لهم عناية بالعقيدة ولا بالسنة. 2ـ ليسوا من أهل المناهج الصحيحة. 3ـ لا يهتمون بالدعوة إلى تصحيح العقيدة. 4ـ حزبيون يريدون التوصل إلى الحكم. 5ـ منهجهم قائم على الخروج على الدولة.
ولم يصدر عن الهيئة أي نفي لها حتى الآن، وسوف أناقشها دينيا، بحكم أنها صادرة عن هيئة دينية. وبداية نقرر: أن هيئة العلماء، وجماعة الإخوان، كيانات بشرية، تصيب وتخطئ، ولا يجرؤ أحد ادعاء عصمة أحدهما، فضلا عن ادعاء العصمة للحكام والأنظمة.
أما عن التهم أو الادعاءات الثلاث الأولى، فالرد عليها ميسور جدا، وسنترك الرد عليها للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السعودية، ولمفتي المملكة العربية السعودية، وعلامة الجزيرة المرحوم الشيخ عبد العزيز بن باز، والرجل رحمه الله ليس متهما بالأخونة، ولا اللجنة، إذ تقول في فتوى لها: (أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه: أهل السنة وهم أهل الحديث، وجماعة أنصار السنة، ثم الإخوان المسلمون) والفتوى تحمل رقم: (6250) وقد أجيب عن السؤال مرة أخرى بصيغة لا تخرج عن الإجابة في فتوى تحمل رقم: (6280) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/162) طبعة دار المؤيد.
أما الادعاء الرابع: بأن الإخوان يريدون التوصل إلى الحكم. فالسؤال هنا: هل طلب الحكم والسعي له جريمة شرعية؟ وما موقف الإسلام من ذلك؟ إن نصوص القرآن والسنة توضح هذا الأمر، في عدة نصوص نورد بعضها للجنة الموقرة التي يقينا تحفظ هذه النصوص، وهو: قول نبي الله سليمان عليه السلام: (قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) ص: 35، فنبي الله سليمان هنا: طلب الملك، وتشوف إليه، ودعا الله أن يهبه الملك، وليس أي ملك طلب، بل طلب ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وهذا دليل قوي من القرآن الكريم، في سيرة نبي من أنبياء الله، جمع بين النبوة والملك، في الدلالة على جواز طلب المنصب أو السلطة؛ والسعي لامتلاك أدواته، شريطة: أن يهدف من وراء ذلك طاعة الله، والعدل، وليس مصلحة شخصية، أو الاستبداد على خلق الله.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: "لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه" فغدا الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطيه الراية فقال: "أين علي؟". وفي رواية: "فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطى؟". وفي رواية: "فتطاول لها ناس". بل وردت رواية فيها تمني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإمارة يومها صراحة، فعندما قال صلى الله عليه وسلم: "لأعطين الراية غدًا رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله" قال عمر رضي الله عنه: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها، بمعنى: تطاولت، وفي الرواية الأخرى: أي حرصت على ذلك حتى أظهرت وجهي، وتصديت لذلك؛ ليتذكر مكاني فأعطاها، كما قال: (رجاء أن أدعى لها). فهنا عمر بن الخطاب تطاول للإمارة، ورغب فيها، وكذلك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل ستحكم الهيئة بجرم طلب الحكم من نبي الله سليمان، فتكون بذلك مرتدة، أو بجرم طلب الصحابة له، فتكون فاسقة؟! ولو كان السعي للحكم جريمة، لحكمت بذلك الهيئة الموقرة على كل ولاة الأمر من الحكام بالإجرام، لأنه ما من حاكم يحكم الآن إلا وسعى له، بل منهم من تعاون مع الغرب، ومنهم من قام بانقلاب عسكري كي يصل للحكم، أليس كل ذلك سعيا، وأكثره سعى له بالدم والنار، فما موقف الهيئة الموقرة منه؟!
أما دعوى خروج الإخوان على الدولة، فهو كلام عار عن الصحة، فلتخبرنا الهيئة: كم حالة انقلاب أو تفكير فيه في المملكة العربية السعودية ثبت تورط الإخوان فيها، قولا أو فعلا؟ وكم حادث عنف وتفجير في المملكة اتهم فيه الإخوان؟! إلا إذا كانت الهيئة تقصد مشاركة الإخوان في الربيع العربي، وهي ثورات على الظلم والبغي، يتقرب به الإخوان، ويتقرب به كل ثوري إلى الله عز وجل، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء الحمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله"، وقوله: "خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
ومع ذلك فالموقف مختلف هنا، فالإخوان كانوا الدولة وخرج عليهم الانقلاب العسكري، ومن ساعدهم على الخروج على الدولة ضد الإخوان دول تدافع عنها الهيئة، وساهمت هذه الدول بمشاركتها ومساندتها للانقلاب في إراقة دماء الآلاف من المسلمين، وانتهاك حرمات وأعراض المسلمين، فما فتوى الهيئة الموقرة في هذه الأنظمة؟!!
من القواعد المقررة فقها: أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان حسب القواعد العلمية المعتبرة لدى العلماء، ولكن مما يؤسف له أن فئة من المشايخ ترى أن الفتوى تتغير بتغير ولي الأمر!!!