أثار التدخل
الأمني العنيف في حق متظاهرين نظموا وقفة، أمس السبت بالرباط، تضامنا مع الناشطة "
سيليا" ومعتقلي
حراك الريف بالمغرب، سخطا عارما وسط عدد كبير من الفاعلين السياسيين والحقوقيين ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.
وخلف التدخل الذي وصفه الحقوقيون بـ"العنيف" إصابة 11 شخصا بجروح متفاوتة في صفوف نشطاء وصحفيين، نقلوا على إثرها للمستشفى لتلقي العلاجات الضرورية.
اقرأ أيضا: داخلية المغرب تفرق بالقوة وقفة نسائية تضامنية مع حراك الريف
استعمال البوق
وتعليقا منه على التدخل الأمني، قال البرلماني الاتحادي السابق، حسن طارق، ساخرا: "صبرا.. بعد أيام سيخبروننا بأن عبد الوافي لفتيت أمر بإصلاح نظارات عبد العزيز النويضي"، في إشارة إلى تكسير رجال الأمن لنظارات الحقوقي عبد العزيز النويضي، في وقفة أمس بالرباط.
وتابع في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك" قائلا: "لمدة تفوق ثلاثين عاما، درَّس لطلبته في مدرجات كلية الحقوق بفاس وسلا والرباط، مادة الحريات العامة، وكان يقف كل مرة- بإسهاب بيداغوجي قريب من إعادة تشخيص الحالة- على مسطرة فض التجمعات من طرف المكلف بإنفاذ القانون، خاصة من خلال إجراء استعمال مكبر الصوت قصد إخبار المجتمعين بعدم قانونية التجمهر، لكنه فقط اليوم، وبعد كل العمر، اكتشف عبد العزيز النويضي أمام البرلمان، ما المقصود بـ: استعمال البوق!".
أسئلة آنية
فيما أعلن المستشاران البرلمانيان عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، نبيل شيخي وعبد العلي حامي الدين، أنهما وجها سؤالا شفويا آنيا إلى وزير الداخلية، حول المسؤول عن إعطاء التعليمات لاستخدام العنف لتفريق الوقفة
الاحتجاجية السلمية، وعن الأساس القانوني الذي استند عليه في هذا التدخل الأمني، مطالبين لفتيت بتحديد الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لمحاسبة المسؤولين عن المس بالحق في التظاهر السلمي.
واعتبر القيادي في الحزب ذاته، عبد الصمد الإدريسي في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك"، أنه "يتأكد بعد كل مبادرة، تأتي قوة جذب إلى الوراء"، مشيرا إلى أنه بعد كلام العاهل
المغربي في المجلس الوزاري وكلام رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في البرنامج التلفزيوني، كانت بعدها تدخلات أمنية عنيفة.
وأضاف: "بعد اللقاء الحواري الذي جمع الرميد مع الجمعيات الحقوقية، يأتي تدخل عنيف غير مبرر، سؤال الحكومة الأمنية من جديد ومن يتخذ القرار الأمني، من يسائل الأجهزة الأمنية وكيف السبيل لبسط الرقابة عليها؟".
الدولة ستعيد إصلاح العظام
بدوره، تساءل الكاتب عبد النبي الحري في تدوينة له على "فيسبوك" قائلا: "أي ديمقراطية هذه التي لا تتحمل وقفة احتجاجية سلمية؟”.
في حين علق حسن بناجح، القيادي في جماعة العدل والإحسان (أكبر جماعة إسلامية معارضة بالمغرب)، ساخرا: "الدولة أصلحت الأبواب التي كسرتها في الحسيمة، وستعيد ترميم كل العظام التي كسرت اليوم أمام البرلمان، وستصلح نظارات المحامي الأستاذ عبد العزيز النويضي، في إطار احترامها حقوق الإنسان".
من المستفيد من تعنيف الحقوقيين؟
فيما تساءلت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، بالقول: "الذين استخدموا القوة والعنف لتفريق تظاهرة سلمية أمام البرلمان، ماذا يريدون بالضبط؟ ما هي أهدافهم الحقيقية؟ فيم كان سيضر تنظيم وقفة احتجاجية في مكان يشهد تظاهرات متكررة؟".
وأضافت في تدوينتها: "ما الذي ستقدمه للمغرب واستقراره وأمنه صور نساء وناشطات معنفات ملقيات على الأرض؟ من المستفيد من تعنيف الحقوقيين والمواطنين المسالمين الذين يمارسون حرياتهم كما أقرها القانون والدستور، هل ستتجاوب وزارة الداخلية مع الأسئلة البرلمانية الآنية وطلبات "الإحاطة" بخصوص هذا الموضوع؟ المهم أن نقوم بأدوارنا في انتظار صحوة قد تأتي وقد لا تأتي".
"مجزرة حقيقية"
ووصف الناشط الحقوقي والأستاذ الجامعي، المعطي منجب، ما وقع في الرباط أمس بأنها "مجزرة حقيقية"، كاشفا تعرضه للضرب على مستوى كليته اليمنى على يد رجل أمن، مشيرا إلى أن الحقوقيين عبد العزيز النويضي وفيصل أوسر وربيعة بوزيري وآخرون، تعرضوا بدورهم للتعنيف، إضافة إلى المصور الصحفي أحمد الراشد الذي أصيب بشدة وفقد الكلام، بحسب تعبيره.
موسم التبوريدة
الحقوقية والصحفية سعيدة الكامل، تفاعلت بدورها مع تعنيف المحتجين قائلة: "وقفة تضامنية مع سيليا دعت لها مبادرة مغربيات ضد الاعتقال السياسي، كان من المقرر أن تدوم نصف ساعة أمام البرلمان، فتعرضت لقمع همجي، إصابات في صفوف الكثير من النشطاء، ولم يسلم حتى الصحفيون من الضرب وكل من يحمل هاتفا للتصوير فهو مستهدف، فتيات تعرضن للضرب في مناطق حساسة من أجسامهن، إنه موسم التبوريدة".
النظام مهووس بالصفع
أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم العلام، اعتبر أن ما وصفه بـالنظام الاستبدادي الديكتاتوري، "يبرهن مرة أخرى على أنه مهووس بالصفع والركل والكسر والتعذيب، ويأبى أزلام النظام إلا أن ينتقموا من الثقافة والتنوير والكرامة".
وتساءل في تدوينة له: "هل ينتظر أزلام الاستبداد أن نصفق لهم عندما نراهم يصفعون أستاذنا وقدوتنا البروفسور النويضي، لا لشيء إلا لأنه توجه لشرطي ونبهه إلى أنه لم يحترم القانون؟".
وأضاف: "هل ينتظر منا الطغيان أن نخشاه ونرتعد منه عندما نرى أزلامه يعتدون على المؤرخ والأستاذ المعطي منجب، لا لشيء إلا لأنه مارس حقه في تنفيذ وقفة تضامنية فوق الرصيف المقابل للبرلمان، ولم يعتد على أمن ولم يعرقل حركة سير؟! هل ينتظر منا عبدة الحكم المطلق أن ننظم إليهم، عندما نرى آلة القمع الإجرامية تفتك بشابات في مقتبل العمر وتعتدي على الرجال والنساء، و"تمرمد" الرجل الوطني عبد الحميد أمين، وترسل المصورين الصحفيين للمستشفيات؟! على هؤلاء أن يعلموا جيدا أن الطغيان لزائل، وأن الحرية والتحرر لقادمان. وأن التاريخ لم يسجل أن نظاما طاغيا استمر إلى الأبد".
ويشهد عدد من مدن وقرى منطقة الريف، شمالي المغرب، احتجاجات متواصلة منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، للمطالبة بالتنمية ومحاربة الفساد، وذلك إثر وفاة تاجر السمك محسن فكري، الذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات بمدينة الحسيمة (شمال)، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع مصادرة أسماكه من قبل قوات أمنية.