هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كيف لشابّة في الثلاثين من العمر، أن تفجّر نفسها في سيارة للشرطة؟
وأين؟ في أكبر شارع وأشهر شارع بتونس، وهو شارع الحبيب بورقيبة!
ما
وقع في تونس أمس، يحمل مؤشرات خطيرة جدا عن الوضع الذي لا يهدد هذا البلد وحده
وإنما المنطقة برمتها، خصوصا أن هنالك العديد من الفاعلين السياسيين، في الداخل
والخارج، من لا يريد للتجربة الديمقراطية الناشئة في هذا البلد أن ترتقي به نحو
مصاف البلدان المحترمة.
هذا
التفجير الآثم يأتي في سياقات متداخلة بتونس، أبرزها اتهامات خطيرة أطلقها اليسار
العلماني ضدّ حركة النهضة، يزعم من خلالها، امتلاك هذه الأخيرة جناحا سريا مسلحا،
في محاولة للتحريض عليها ولدفعها نحو التطرف بعد ما بات اعتدال الحركة بقيادة
الشيخ راشد الغنوشي يمثل حرجا لتلك التيارات السياسية التي اعتادت على أن تقتات من
أخطاء الإسلاميين وعثراتهم!
ما
معنى أن تقع هذه الجريمة النكراء في ساحة “الحبيب بورقيبة” بعد ما شهدت وسائل الإعلام
سلسلة من الحوارات والبرامج التي استضافت عددا من السياسيين المناوئين للنهضة
وقياداتها، وبعد ما طالب الجميع بإقالة حكومة يوسف الشاهد في الوقت الذي يتمسك فيه
هذا الأخير بمنصبه؟ فهل امتد الخلاف السياسي إلى الشارع ليتحول إلى تفجيرات
وعمليات مسلحة؟ ولماذا تنفذ عملية انتحارية في بلد لم يعهد مثل هذه التفجيرات، ومن
طرف فتاة في الثلاثين من العمر؟ هل للأمر علاقة بالعائدين من سوريا ومحاولة
توظيفهم في الصراع السياسي الساخن؟!
كلها
أسئلة من الصعب العثور على إجابات سريعة عنها في الوقت الحالي، وحتى بعد انتهاء
التحقيقات الأمنية، لكن الأكيد أن هنالك من تزعجه نهضة تونس ورقيّها وتطور شعبها،
وهنالك من يريد العودة بهذا البلد الجميل إلى مستنقع الدم والصراعات والانقلابات،
أمر لابد على الشعب التونسي أن يتصدى له بكل فئاته ومكوناته، وعلى البقية الانتباه
للمخطط أيضا ومحاربته، فتونس لا تهم التوانسة فقط، بل تهمنا جميعا.
عن صحيفة الشروق الجزائرية