هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ليس مفاجئا، بالنسبة لنا
كجزائريين على الأقل، اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميا بقيام بلده
بتعذيب وقتل الزعيم الوطني علي بومنجل، فالتاريخ الذي نعرف بعض تفاصيله حتى الآن،
سيظلّ شاهدا على تلك الجريمة النكراء وغيرها، كما أنّ الجنرال سيء الذكر بول أوساريس
سبق له وأن اعترف بارتكاب تلك العملية البشعة وإظهار الأمر وكأنه انتحار، لكن
الخطوة الفرنسية الرسمية تعدُّ هامة جدا ضمن ما تسميه باريس “مسار التهدئة
والمصالحة”، وهو المسار الذي تريده الجزائر أن يكون معبَّدا بمزيد من الاعترافات،
ولِمَ لا، الإقرار في خاتمته، بأمّ تلك الجرائم وأصلها، وهي جريمة الاستعمار، ثم
تعويض الضحايا فعليا.
ليس مفاجئا، بالنسبة لنا
كجزائريين على الأقل، اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميا بقيام بلده
بتعذيب وقتل الزعيم الوطني علي بومنجل، فالتاريخ الذي نعرف بعض تفاصيله حتى الآن،
سيظلّ شاهدا على تلك الجريمة النكراء وغيرها، كما أنّ الجنرال سيء الذكر بول
أوساريس سبق له وأن اعترف بارتكاب تلك العملية البشعة وإظهار الأمر وكأنه انتحار،
لكن الخطوة الفرنسية الرسمية تعدُّ هامة جدا ضمن ما تسميه باريس “مسار التهدئة
والمصالحة”، وهو المسار الذي تريده الجزائر أن يكون معبَّدا بمزيد من الاعترافات،
ولِمَ لا، الإقرار في خاتمته، بأمّ تلك الجرائم وأصلها، وهي جريمة الاستعمار، ثم
تعويض الضحايا فعليا.
لعله من نافلة القول، التذكير بجرائم فرنسا،
خصوصا في مثل هذه الأيام المباركة، وفي مثل هذا الشهر بالذات، شهر الشهداء، لكن
اعتراف قصر الإليزي بقتل بومنجل بعد تعذيبه، وذلك بعد 64 سنة من ارتكاب الجريمة،
يعدّ علامة فارقة في مسار الذاكرة الوطنية، كما أنه سيُحفّز الكثير من الجزائريين
على التمسُّك بحقهم في الحصول على مزيد من الاعترافات وأيضا التمكن من الاطلاع على
الأرشيف والحصول على تعويضات بخصوص ما ارتكبته فرنسا الاستعمارية من جرائم بشعة
وغير قابلة للنسيان.
هذه الاعترافات من شأنها أيضا، تعزيز علاقة
الجزائريين، وتحديدا الجيل الجديد منهم بتاريخهم، وقد شاهدنا قبل أيام قليلة، ما
أحدثته صورة واحدة لبطل واحد وهو زيغود يوسف من أثر جميل في نفوس الشباب
والمراهقين، إذ شعر هؤلاء بكثير من الفخر وهم ينظرون إلى هذا البطل الذي كان شابا
حين اعتقلته فرنسا والتقطت له تلك الصورة.
من حق الجزائريين أن يعرفوا تاريخهم، ومن حق
الدولة أيضا أن تحصل على مزيد من المكاسب في ملف الذاكرة، لكن هذا لا يُسقط واجبنا
الوطني في ضرورة بناء ذاكرة حقيقية ووفقا لقواعد صحيحة، فالمنهج الذي يُلقن به
الجزائريون تاريخهم في المدارس ما يزال حتى الآن، تقليديا ومملا، والطريقة التي
تسير عليها وزارة المجاهدين ما تزال حتى الآن، وبعد سنوات طويلة من الاستقلال،
كرنفالية ولا علاقة لها بالبحث العلمي.
المطلوب منا، وبعد اعتراف فرنسا ببعض جرائمها
أن نعترف نحن أيضا بتقصيرنا الكبير في الدفاع عن تاريخنا بشكل صحيح، وبإخفاقنا في
استعادة مسار كثير من شهدائنا بما يتلاءم مع تضحياتهم، وذلك بعد ما استعدنا بعض
رفاتهم قبل أشهر، وحصلنا على حقيقة ما حدث لبعضهم مثلما نعلم الآن بشأن الشهيد علي
بومنجل.
ومثلما هو الاعتراف سيد الأدلة، فإنه أيضا
أولى الخطوات نحو تصحيح المسار، ولا مستقبل لهذه الأمة بدون تاريخ سليم معترف به
ومتداول بين الأجيال المتعاقبة.
(عن صحيفة الشروق الجزائرية)