أعلن البنك المركزي
المصري عن قواعد جديدة لتنظيم
الاستيراد من بداية آذار/ مارس المقبل، وذلك بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، والعمل
بالاعتمادات المستندية فقط، مع استثناء فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها، والسماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها قبل صدور القرار. وأرجع البنك المركزي سبب قراره بتعديل منظومة إجراءات الاستيراد في إطار توجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي؛ بشأن حوكمة عملية الاستيراد وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات.
وقد خاطبت منظمات أعمال مصرية رئيس مجلس الوزراء للمطالبة بوقف إلغاء القرار بشكل فوري لتداعياته السلبية على الإنتاج والتصدير، غير أن محافظ البنك المركزي طارق عامر أكد أن هذه القواعد لا رجعة فيها ولن يتم إجراء أية تعديلات عليها، ودعا رجال الأعمال إلى ضرورة الإسراع بتوفيق أوضاعهم، وعدم إهدار الوقت في جدال لا علاقة له باستقرار التجارة الخارجية لمصر وسلامة أدائها.
وجاء هذا القرار ليعكس العشوائية والفجائية التي تدار بها التجارة الخارجية في مصر.. والعشوائية والفجائية لا يجتمعان مع الحوكمة التي تتطلب دراسة البيئة الداخلية والخارجية بصورة جيدة، واتخاذ القرارات بعيدا عن عالم المصالح، وتنفيذها بصورة مرنة، لذا لم يكن مستغربا أن يتم تعديل هذا القرار بعد ساعات من صدوره ليستثني الأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها والسلع الغذائية، وهو الأمر الذي يعكس غياب الدراسة الحقيقية للقرار وتبعاته، ويزيد من عدم الثقة في السوق المصري.
جاء هذا القرار ليعكس العشوائية والفجائية التي تدار بها التجارة الخارجية في مصر.. والعشوائية والفجائية لا يجتمعان مع الحوكمة التي تتطلب دراسة البيئة الداخلية والخارجية بصورة جيدة، واتخاذ القرارات بعيدا عن عالم المصالح، وتنفيذها بصورة مرنة، لذا لم يكن مستغربا أن يتم تعديل هذا القرار بعد ساعات من صدوره
ومما لا شك فيه أن التحصيل المستندي أكثر انسيابية ومرونة من الاعتمادات المستندية، ومع ذلك تم غلق الباب للتعامل به. والاعتماد المستندي هو تعهد مكتوب يصدر من بنك (يسمى المصدر أو فاتح الاعتماد) بناء على طلب المشتري (مقدم الطلب أو الآمر أو المستورد) لصالح البائع (المستفيد أو المصدّر)، ويلتزم البنك بموجبه بالوفاء في حدود مبلغ محدد خلال فترة معينة متى قدم البائع مستندات السلعة مطابقة لتعليمات شروط الاعتماد، وقد يكون التزام البنك بالوفاء نقدا أو بقبول كمبيالة، بينما التحصيل المستندي يعني حصول البائع على ثمن السلعة بعد خروجها من حيازته، بمعنى أن يقوم البائع بالوفاء بالتزاماته ثم يحصل على مقابل الوفاء.
وبذلك يتميز التحصيل المستندي على الاعتماد المستندي بتمكينه المستورد من استلام السلع المتعاقد عليها قبل تحويل قيمتها للمصدر، ويكون استلامه للسلع مقابل دفع قيمة تلك المستندات أو قبول كمبيالة، مما يمكن المستورد من توفير السيولة اللازمة وفق ظروف مبيعاته، وليس كما يتطلبه الاعتماد المستندي من تدبير العملة الأجنبية وإيداعها مسبقا في
البنوك.. وفي الوقت نفسه ييسر التحصيل المستندي للمصدر سهولة إعداد المستندات خلافا لما يحدث في إعداد مستندات الاعتمادات المستندية واجراءاتها المتعددة والمعقدة التي تتطلب المزيد من الجهد والوقت.
إن قرار البنك المركزي -للأسف الشديد- يعيدنا بالذاكرة إلى تاريخ الامتيازات الأجنبية، حيث استثنى الشركات الأجنبية من هذا القرار، وهو ما يعني تفضيل الشركات الأجنبية ومنتجاتها بميزة تنافسية على الشركات المحلية، وفي الوقت نفسه فتح المجال على مصراعيه للعسكر للتحكم في الاستيراد، لتحقيق المزيد من عسكرة
الاقتصاد.
القرار ستكون حتما له تبعات من خلال الضغط على العملة الأجنبية في الوقت الذي تعاني فيه البنوك من ضعف السيولة مما يؤدي لمزيد من التدهور في قيمة الجنيه، فضلا عما يسببه القرار من اختناقات في مستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة للإنتاج، إضافة إلى تكاليف الاستيراد الإضافية المرتبطة بفتح الاعتمادات المستندية
وهذا القرار ستكون حتما له تبعات من خلال الضغط على
العملة الأجنبية في الوقت الذي تعاني فيه البنوك من ضعف السيولة مما يؤدي لمزيد من التدهور في قيمة الجنيه، فضلا عما يسببه القرار من اختناقات في مستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة للإنتاج، إضافة إلى تكاليف الاستيراد الإضافية المرتبطة بفتح الاعتمادات المستندية، مما يرفع من تكلفة الإنتاج، وهو ما ينعكس على المستهلك ارتفاعا في الأسعار ومزيدا من التضخم، والتأثير سلبا -من جانب آخر - على الصادرات المصرية.
إن الحكومة المصرية يجب أن تترك النظر بعين الجباية لكل شيء وفتح المجال للعسكر في كل شيء، فإذا كان لديها رغبة صادقة لمنع التلاعب في الاستيراد وضبطه، فإن هذا لا يتم بقرارات فجائية فردية دون مشاركة من منظمات الأعمال، ولكن يتطلب ذلك الأمر خطة مدروسة وفقا للمنافع والتكاليف واستشارة أهل الرأي والخبرة لا أهل الجباية والمصالح الشخصية.. ومع ذلك فإن هذا القرار جانبه الصواب وتكاليفه تزيد عن منافعه فلا أقل من إلغائه والاعتذار لمنظمات الأعمال، فالسوق المصري ليس له قدرة على تحمل المزيد من التضخم والبطالة.
twitter.com/drdawaba