هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل الرغبة التي لا تخفيها حكومة الاحتلال الانتقالية برئاسة يائير لابيد على عدم إعادة سيناريو المواجهة التي أشعلها زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، فإن ذلك يدفعها للتنسيق الدائم مع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، بحسب ما نشره الإعلام العبري.
وتسبب ذلك بغضب اليمين الإسرائيلي، الذي اتهم لابيد وحكومته بأنهم حوّلوا إسرائيل إلى محمية أمريكية، زاعمين أن إدارة بايدن أدركت ضعفه، وقلة خبرته، في ضوء استغلال تحسين علاقته مع واشنطن لحسابات انتخابية وحزبية.
ويهاجم اليمين الإسرائيلي لابيد بزعم أنه خالف مبادئ جميع الحكومات السابقة، التي انطلقت من أن سياستها الأمنية تنص على "أننا ندافع عن أنفسنا بأنفسنا فقط"، وفق الإعلام العبري.
في حين أن لابيد وفريقه قرروا الاعتماد في حفظ أمن الاحتلال على أطراف خارجية، مما سيضطر الاحتلال لدفع ثمن باهظ، وهو ما تجلى في المطالبات الأمريكية الأخيرة من جيش الاحتلال بتغيير سياسة إطلاق النيران في الأراضي الفلسطينية.
وزعم القنصل العام السابق في الولايات المتحدة، غلعاد كاتس أن "المطلب الأمريكي غير المسبوق يتحمل مسؤوليته لابيد وحكومته، ويضع علامة استفهام كبيرة حول موقفه من هذا الطلب، الذي يضرب في عصب النظرية الأمنية الإسرائيلية، على حد زعمه".
وأضاف أن الأمر "يفسح المجال للوصول إلى عمق الخطر الاستراتيجي المتمثل في إدخال كيان أجنبي، حتى لو كان صديقا وحليفا كالولايات المتحدة، في الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية".
وأضاف في مقال نشره موقع ميدا، وترجمته "عربي21" أن "الإدارة الأمريكية وجدت نفسها مندفعة للتدخل في القرارات العسكرية الإسرائيلية نتيجة لما أبداه لابيد في البداية من إعلان توافقه مع الولايات المتحدة، والالتزام بأن إسرائيل لن تفاجئها فيما يتعلق بهجماتها العلنية والسرية ضد إيران، الأمر الذي أسفر عنه تكبيل أيدي الاحتلال، وجعله يعتمد على إرادة الآخرين في حفظ أمنه، خشية تضرر المساعدات الأمنية والاستخباراتية السخية".
اقرأ أيضا: قلق إسرائيلي على السيسي.. و"يديعوت": "اليد على القلب"
والاتهام الأساسي الذي يوجهه اليمين الإسرائيلي إلى لابيد أنه شذّ عن جميع رؤساء الوزراء السابقين ممن وضعوا خطاً أحمر واضحاً بين أشكال التعاون المختلفة والالتزام المسبق في اتخاذ القرارات المتعلقة بما وصفوها بالمصالح الحيوية لإسرائيل.
ونتيجة لذلك تصرفوا بشكل مستقل عن الأمريكيين، الذين اضطروا لقبول هذه السياسة على أنها أمر واقع، مما يجعل من تفاهمات لابيد وبينيت من قبله مع إدارة بايدن غير مقنعة، لأن خلافات واشنطن وتل أبيب لم تتوقف يوما، ومع ذلك فقد استمرت علاقاتهما الاستراتيجية، وفق ما يروجه اليمين الإسرائيلي.
ومن الواضح أن السياسة التي اختطها لابيد وحكومته في زيادة مستوى التنسيق مع الولايات المتحدة لم ترق لليمين الإسرائيلي الذي اعتبرها مؤشرا على افتقاره للخبرة الحقيقية في إدارة السياسة الاستراتيجية، ولم يشغل سابقا أي منصب متعلق بالأمن القومي.
والنتيجة أن هذا القصور تزامن مع حالة من عدم الفهم، والافتقار إلى المعرفة، وما يبدو أنه جنون العظمة، وهي أوصاف يطلقها اليمين الإسرائيلي على لابيد، وأسفرت في النهاية عن سياسة جديدة تسعى لتوثيق العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة على حساب الأمن الإسرائيلي.