شكك خبير
اقتصادي مصري يشكك بنجاعة الإجراءات الرسمية لإنقاذ
الاقتصاد المصري.
وقال الخبير الدكتور أحمد ذكرالله، في دراسة نشرها
المعهد المصري للدراسات،
إن القرارات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا توضح استمرار حالة التخبط في الإدارة
النقدية، واللجوء إلى عدد من المسكنات المشكوك في أنها ستحدث أي أثر إيجابي على الحالة
الاقتصادية العامة في مصر.
واعتبر الأكاديمي المصري أن الاقتصاد المصري وصل إلى حالة
من التدهور الذي لا تصلح معه الإجراءات المعتادة للتصدي للمشكلات المختلفة في ظل اقتصاد
مستقر إلى حد ما.
وانتقدت الدراسة قرارات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، وقال إن "مبررات
لجنة السياسات النقدية مهترئة، بل ومستهجنة إلى حد كبير، حيث يوجد العديد من الأسباب
لارتفاع معدل التضخم في مصر، ولا يشكل جانب الطلب منها إن وجد إلا نسبة ضئيلة للغاية.
ويضيف أن أسباب التضخم المحلي في مصر بصفة عامة لا تعود إلى
جانب الطلب كما تدعي لجنة السياسات النقدية، وبالتالي فإن إجراءها برفع سعر الفائدة
المتتالي خلال العام الحالي لا يهدف إلى خفض معدل التضخم بقدر ما يهدف إلى جذب المزيد
من تحويلات العاملين في الخارج، أو محاولة جذب بعض الأموال الساخنة، وهو أمر شديد
الصعوبة في ظل أوضاع الاقتصاد العالمي الحالية والمتوقعة، وفي ظل استمرار معدل الفائدة
الحقيقي بالسالب رغم رفع سعر الفائدة، علاوة على محاولة وقف حمى الدولرة وفقدان الثقة
بالعملة المحلية، وكلها عوامل رهينة لمعدلات التضخم واستمرار تصاعده خلال الفترة الماضية.
وأوضح ذكرالله أن هناك آثارا سلبية لسياسة رفع أسعار الفائدة، أهمها تزايد
أعباء خدمة الدين المحلي، وبالتالي زيادة العجز في الموازنة العامة أو تقليل الإنفاق
على الدعم والاستثمارات العامة، بالإضافة إلى تزايد تكلفة الأموال للمستثمرين المحليين، الأمر الذي يعني تباطؤ دورات الاستثمار ومعدل النمو والاتجاه نحو استمرار الانكماش
خلال العام، وتداعيات ذلك على معدلات البطالة والفقر. ويؤدي كل ذلك إلى وقوع الاقتصاد
المصري في دائرة جهنمية من الركود التضخمي.
وفيما يتعلق بقرار المركزي إلغاء نظام الاعتمادات المستندية، قال
ذكرالله إن هناك اتفاقا عاما على أن قرار إلغاء شرط العمل بالاعتمادات المستندية، والسماح
بعودة العمل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد، سينعش الاقتصاد مؤقتا، لكن بشرط
توافر الدولار وتوافر سعر صرف مرن للجنيه أمام الدولار دون قيود.
وأشار إلى أن القرار سيجعل باب الاستيراد مفتوحا على مصراعيه
بعد طول غياب، وإذا لم تتوفر حصيلة دولارية في البنوك تغطي طلبات الاستيراد فإن سعر
الدولار سيرتفع أكثر.
وفيما يتعلق بقرار إصدار بنكي الأهلي ومصر شهادات ادخارية ذات عائد
25%، قال ذكرالله إن
هناك إيجابيات وسلبيات للقرار.
ويرى ذكرالله أن أهم سلبيات القرار هو تثبيط الاستثمار
الحقيقي، والمزيد من عجز الموازنة، والأثر السلبي على
البورصة المصرية، ناهيك أن أثر القرار سيكون ضعيفا على التضخم وكبيرا على الركود.
أما بالنسبة لإيجابيات القرار، فتكمن في زيادة جاذبية
الجنيه
المصري، والحد من تهريب رؤوس الأموال للخارج.
ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن سلبيات قرار إصدار شهادات
ذات العائد 25% على الاقتصاد المصري ستكون أكثر تأثيرا بدرجة كبيرة عن إيجابيات ذلك
الإصدار، والتي تقبع في دائرة الإطار النظري الذي لا يأخذ في الاعتبار العديد من المتغيرات
المؤثرة في المشهد الاقتصاد المصري، والتي تراكمت من خلال الإجراءات النقدية والمالية، وربما الأمنية، المتبعة خلال السنوات الماضية.
وبذلك، فإنه يمكن اعتبار تلك الشهادات مجرد جرعة من المسكنات
الاقتصادية لتلك الطبقة التي تمتلك فوائض مالية تسعي لتخفيض خسائرها الحقيقية منها
جراء خفض قيمة الجنيه، ويبقى التساؤل الهام: ماذا عن تلك الطبقة التي لم تعد تمتلك أي
مدخرات؟ ماذا ستقدم لهم الدولة؟