أعلنت
وزارة التربية السورية عن إجراء تغييرات جذرية في المناهج الدراسية
لكافة المراحل التعليمية من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي، في خطوة قالت إنها تهدف إلى تحديث المحتوى التعليمي ومواكبته للمتغيرات الوطنية والاجتماعية، وإزالة آثار النظام السابق وتعزيز قيم ومبادئ جديدة تتماشى مع
الأوضاع الحالية.
وقامت الوزارة بحذف بعض الفقرات ونصوص مرتبطة بالخطاب السياسي الذي كان
سائدًا في فترة حكم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، واستبدالها بمحتوى يعزز من القيم الوطنية الجديدة، كما
تم حذف صور القادة السابقين والشعارات المرتبطة بالنظام، وهو تغيير جذري يعكس
السعي لإحداث تحول شامل في التربية الوطنية بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية
والسياسية في البلاد.
مادة التربية الإسلامية
في إطار
التعديلات التي تمت على المناهج، كانت مادة التربية
الإسلامية محط اهتمام خاص، فقد تم حذف الأحاديث الضعيفة التي كانت جزءا من المنهج
السابق، واستُبدلت بأحاديث صحيحة من كتب الحديث المعتمدة، حيث تسعى هذه التعديلات إلى
تصحيح المفاهيم الدينية وتقديم المعرفة الإسلامية بما يتماشى مع القيم الدينية
الصحيحة بعيدًا عن التفسيرات المتطرفة.
وشملت التعديلات تغيير بعض العبارات ذات الطابع الوطني لتصبح أكثر
ارتباطًا بالقيم الدينية، مثلا تم استبدال عبارة "الدفاع عن الوطن"
بعبارة "في سبيل الله"، مما يعكس توجهًا جديدًا نحو ربط القيم الوطنية
بالمفاهيم الدينية العليا، والصراط المستقيم طريق الخير بـ "طريق الإسلام".
مواد التاريخ والجغرافيا
أما مواد التاريخ والجغرافيا، فقد شهدت تغييرات كبيرة، حيث تم حذف
الفقرات التي تناولت "الآلهة والرموز غير الدينية"، واستُبدلت بمحتوى يعزز من القيم
العلمية والثقافية، وتم تعديل مواد الجغرافيا لإزالة أي إشارات أو مواقع
جغرافية مرتبطة بالنظام السابق، مع التركيز على تنوع الطبيعة السورية وأهمية
الوحدة الوطنية.
وفي مادة التاريخ، تم أيضًا استبعاد بعض الرموز والشخصيات التي كانت تمجد في
الحقبة السابقة، وهو ما يمثل خطوة نحو تصحيح التاريخ المعتمد في المناهج الدراسية
بما يتناسب مع المرحلة الجديدة التي تعيشها
سوريا.
وتم تعزيز التركيز على المفاهيم
التي تسلط الضوء على الوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة السورية الحديثة.
مناهج اللغة العربية
وتم إجراء في مجال اللغة العربية تعديلات تهدف إلى تحسين جودة المحتوى
الأدبي وتعزيز القيم الإنسانية، إضافة إلى حذف نصوص كانت تروج للنظام السابق أو تحمل
طابعًا سياسيًا، واستُبدلت بأعمال أدبية وشعرية تهدف إلى إثراء اللغة وتعزيز قيم
الحرية والتعاون بين أفراد المجتمع.
وفيما يتعلق بالمحتوى الأدبي، تم إدخال نصوص أدبية وكتب تُعزز من الفكر
النقدي وتعزز من تفكير الطلاب بشكل موضوعي وحيادي، بعيدًا عن التأثيرات السياسية
أو الأيديولوجية التي كانت تروج لها النصوص القديمة.
ومن ناحية أخرى أصدر وزير التربية والتعليم نذير القادري، قرارا بإلغاء مادة (التربية الوطنية) الحالية من المناهج الدراسية والامتحانات لهذا العام، وذلك لـ"احتوائها معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه".
جدل واسع حول التعديلات
أثارت هذه التعديلات الجذرية جدلًا واسعًا في المجتمع السوري، حيث اعترض
البعض على حذف بعض الرموز الوطنية التي ترتبط بالتاريخ السوري، فقد اعتبر بعض
النقاد أن هذه التغييرات قد تؤدي إلى تهميش بعض الأبعاد التاريخية والثقافية التي
تشكل هوية الشعب السوري.
ودعت بعض الأوساط التعليمية إلى ضرورة مشاركة المعلمين والأكاديميين
في عملية التعديل لضمان أن التغييرات ستكون فعالة ومتوافقة مع التطورات التعليمية.
ولم تصدر وزارة التربية السورية بيانًا رسميًا يوضح تفاصيل هذه التعديلات أو يحدد
الجهة المسؤولة عنها، مما أضاف مزيدًا من الغموض حول أسباب تنفيذ هذه التغييرات
بشكل مفاجئ.