استحال لون وجه أحد الأطباء العاملين في المشفى الوطني بمدينة إدلب الخاضعة لسيطرة
النظام السوري إلى الأصفر الشاحب، وهو غير قادر على الكلام أثناء معالجته لعشرات المرضى، وذلك بعد التحقيق معه من قبل فرع الأمن العسكري نتيجة موت الضابط الذي قام بمعالجته إثر استهداف سيارته التي كان يقودها بعبوة ناسفة في أحد الأحياء الرئيسة من المدينة.
قسم الإسعاف (المعالجة الطارئة) في المشفى الوطني بمدينة إدلب، كان قد اكتظ بالمرضى المدنيين الذين طال انتظارهم لطبيب العظام الذي تأخر نتيجة انشغاله بمعالجة الضابط السوري الذي تعرض لمحاولة الاغتيال في أحد أحياء المدينة الرئيسة.
وقالت مصادر طبيّة مدنيّة في مدينة إدلب في حديث خاص لـ "عربي21"، إن حال المشفى الوطني هو حال الكثير من المشافي والعيادات الخاصة الأخرى في المدينة، بعد سيطرة قوات النظام السوري على المراكز الطبية وجعلها ثكنة عسكرية لخدمة عناصره وشبيحته.
وتتعرض الكوادر الطبية من الأطباء والممرضين والموظفين الإداريين إلى ضغوطات شديدة من ذوي
عناصر الأمن المصابين وأصدقائهم، تبدأ في حالات كثيرة بشتم الموظف وتنتهي بشتم الذات الإلهية.
بدوره، يقول الطبيب "ب.ح" لـ"عربي21"، وقد أخفى هويته خوفا من الأمن السوري، إن "أهالي المصابين من العناصر الأمنية يقومون بالاعتداء على الكوادر الطبيّة فهم يهددون الأطباء تحت ذريعة أن الأمن يقوم بحمايتهم من الإرهابيين".
ويضيف الطبيب، أن "العناصر الأمنية حين يعرفون على أنفسهم بأنهم من قوات حفظ النظام أو من وزارة الداخلية، يظهر لك وكأنهم من القيّمين على المشفى، إذ إنهم يأمروننا في الإسراع بعملنا وكأننا في ثكنة عسكرية، والكثيرون منهم يأتون وهم بكامل عتادهم، وفي بعض الأحيان يقومون بإطلاق النار أثناء إسعاف أحد عناصرهم بعد إغلاق الطرق المؤدية إلى المشافي عن المدنيين".
ويوضح أن "المسؤول المباشر في المشفى هو فرع الأمن العسكري الذي قام بفرز أحد الضباط مع عناصر أمنية ليتحكموا بكل شاردة وواردة في المشفى، حيث يتجول فيها كأي مفرزة أمنية بعد هروب معظم الأطباء إلى دول الجوار"، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الأطباء يودون الخروج من المدينة، لكنهم لا يستطيعون نتيجة المراقبة الأمنية.
يشار إلى أن المشافي الحكومية في مدينة إدلب، تعاني من نقص في سيارات الإسعاف بعد استيلاء العناصر الأمنية عليها واستخدامها لأمور منزلية أخرى خاصة بهم، إلا أن ثلاثة سيارات جديدة وصلت من العاصمة دمشق منذ ثلاثة أيام نتيجة تزايد حالات الإسعاف من الضواحي المحيطة بالمدينة، ناهيك عن قلّة الأدوية وارتفاع أسعارها إلى الضعف بعد توقّف معظم الشركات الدوائية في مدينة حلب جرّاء اشتداد حدة المعارك العسكرية الدائرة هناك.