يتساءل
ديفيد هيرست، في مقالة له على
هافنجتون بوست، عن التوافق بين ما أسماه "كلمات الجنرال
المصري، عبد الفتاح
السيسي، الحكيمة" التي قالها عندما كان وزيرا للدفاع تحت حكم محمد مرسي حول مخاطر مواجهة التمرد في سيناء، وعما يفعله اليوم تماما، مقارنا نتائجها بفشل بوتين في الشيشان بعد حربين وعقدين من استمرار هذا التكتيك.
ونقل هيرست في مقاله إحصاءات لعمليات سيناء، منها ما نشره موقع "ميدل إيست آي"، الذي يتولى هيرست إدارته، بتقديرات محلية عن 300 شخص في ثمانية أشهر، وعن الصحيفة المصرية "أصوات مصرية" التي قالت أن 82 قتلوا خلال شهرين، بينهم 20 مدنيا، بناء على صحيفة صادرة عن الجيش خلال شهرين. هيرست ذكر في مقاله حادثة عن توثيق الجيش المصري، دون قصد، لإعدامين قام بهما عندما نشر صور لجثتين، دون أن يعلم أن الشخصين ظهرا في فيديو وهم أحياء يتم تعذيبهم.
في سياق آخر، حلل هيرست ردود فعل المجتمع الدولي تجاه عمليات السيسي في فرح، معتبرا أن دعم جهود محاربة المتمردين في سيناء كانت بمثابة المبرر لجون كيري لرفع العقوبات العسكرية التي فرضتها أمريكا بعد مذبحة رابعة، وبأن هذه العمليات لم تجلب لمصر طائرات الأباتشي فقط، بل الدعم المعنوي أيضا، فبحسب هيرست، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين بساكي إن "من حق مصر أن تحتفظ بمنطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة لتعزيز أمنها"، بالرغم من أنه، نقلا عن مجلة "جينز انتلجسن رفيو" لم يتم التأكد من وجود علاقة أو عدمها بين حماس في غزة، وأنصار بيت المقدس الذين قتلوا 85 جنديا مصريا. أما محكمة الجنايات الدولية "فهي غافلة عن قضية مصر".
كل هذا لا يترك إلا منتدى واحدا يمكن التحدث فيه عن انتهاكات
حقوق الإنسان في مصر، بحسب هيرست، وهو مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يعقد جلسة عن مصر لمدة يوم واحد الأربعاء تحت آلية الاستعراض الدوري الشامل المنعقد دوريا. ويقول هيرست إنه "احتمال صدور ما يدين القائمة المتنامية من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ضئيلة" لأن المراجعة ستتحدث بها ثلاث دول داعمة للسيسي: السعودية، ممولة ما بعد الانقلاب، ومنتيغرو، مكان استثمارات الإمارات أنشط بلدان الخريج في محاربة الربيع العربي، وساحل العاج التي أرجعت مصر للاتحاد الأفريقي، بحسب هيرست. ومع أن المفوضية جزء من الأمم المتحدة ليس له أسنان، فإن " السيسي يأخذ موضوع المراجعة هذا بجدية لأنه يمكن أن يتسبب له بسمعة سيئة على مستوى العالم"، كما أن الـ47 دولة الأخرى يمكنها التعليق خلال المراجعة، والوصول لوضع قرار للتصويت لإنشاء لجنة تحقيق، كما حصل في سوريا وشمال كوريا وفلسطين.
هيرست في مقاله تحدث عن تقرير أعده محامون يمثلون مصالح حزب الحرية والعدالة، يقولون به إن عريضة الحكومة المصرية لا تذكر الحوادث التي "فوضت بارتكاب جرائم واسعة ومنظمة ضد المدنيين المصريين، والتي تشتمل على القتل والاعتقال الجماعي والتعذيب"، وهي قائمة معروفة، بحسب هيرست، لكن يجدر ذكرها مرة أخرى لطولها وتضم: "تفريق التظاهرات خارج مقرات الحرس الجمهوري في القاهرة في 8 تموز/ يوليو 2013، والتي قتل فيها 61 متظاهرا في 8 تموز/ يوليو وقتل 81 في 27 تموز/ يوليو، 121 شخصا قتل في 16 آب/ أغسطس، وفي مسجد رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس قتل ما يقارب الـ 1000 شخص، وهو الحادث الأسوأ في تاريخ مصر الحديث ويقتل فيه أشخاص بطريقة ظالمة. و57 متظاهرا قتلوا في تشرين الأول/ أكتوبر، 64 شخصا قتلوا في 25 كانون الثاني/ يناير هذا العام والقائمة طويلة. وهناك أيضا عمليات اعتقالات ويتراوح العدد فيها بين 16.000 -41.000 شخصا".
كما أورد تقريري منظمتي "هيومن رايتس ووتش" و"أمنستي" اللذان جمعا ووثقا به أدلة عن التعذيب في السجون، وكذا توثيق الفشل في اتباع الإجراءات القانونية التي نتج عنها أحكام جماعية بالإعدام، فمحاكمة 545 شخصا انتهت في أقل من ساعة، وهذه الأحكام ليست أرقاما قليلة، ففي أقل من سبعة أشهر صدرت أحكام بإعدام 1243 في محاكم "انتهكت بشكل صارخ لكل الضمانات التي يمنحها القانون المصري وتعهدات مصر الدولية بتوفير محاكم عادلة".
وأضاف هيرست، بأن "هناك أيضا قمع الدولة ضد الصحافيين، وقانون التظاهر، وقام الجيش بانتهاك وبشكل صارخ حرية ضمنها الدستور المصري من مثل حرية الانتماء للأحزاب وحرية التعبير وحرية الصحافة. وفي الحقيقة نحتاج ليوم كامل لقراءة عريضة الاتهامات"، قائلا إن "كل هذا غاب عن اهتمام القانون الدولي، باستثناء موقف واحد ومشرف، وهو موقف المنظمة الإفريقية لحقوق الناس والشعوب، والتي شجبت في 29 تموز/ يوليو هذا العام الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان مثل التحرش والاعتقالات التعسفية والحجز والعنف الجنسي ضد المرأة وممارسات التعذيب"، معتبرا "جنوب أفريقيا واحدة من الدول القليلة التي لم تمنح حصانة من الاعتقال لمن يدخلون أراضيها من أعضاء الحكومات الأجنبية.
في ختام مقاله، اعتبر هيرست أن سياسة أمريكا والاتحاد الأوروبي من مصر "لا تزال تقوم على الشجب البلاغي من جهة، ومواصلة التعاون من جهة أخرى: دعم عسكري، فتح المؤسسات المالية والأسواق الغربية لمصر، ومنح حصانة قانونية في كل المحاكم، سواء كانت وطنية أو دولية"، معتبرا أن اعتماد الحكومات الغربية في تبنيها هذه المواقف قائم على ما يعاني منه الرأي العام الغربي وهو، ما أسماه هيرست، "داء فقدان الاهتمام"، والذي لديه – أي الرأي العام الغربي - قابلية للعودة للحياة عندما يتعلق الأمر بإعادة كتابة تاريخ هذه الأحداث "المريعة"، متفائلا بأن صدى خافتا من هذا سيبدأ يوم الأربعاء في جنيف.
للاطلاع على المقال كاملا، يمكنكم زيارة الرابط