اتخذ العاهل السعودي الجديد، سلمان بن عبد العزيز، قرارا الجمعة، لحل مسألة الخلافة، بتعيين الأمير محمد
بن نايف، وهو ابن شقيقه، ولياً لولي العهد، ما يعني أنه سيكون أول أحفاد عبد العزيز آل سعود، في تسلسل تولي السلطة يوماً ما.
ونقل التلفزيون الرسمي مرسوماً ملكياً ببقاء الأمير محمد في منصب وزير الداخلية، على أن يصبح التالي في تولي العرش، بعد الملك سلمان وولي العهد الأمير مقرن.
والأمير محمد صديق مقرّب للولايات المتحدة، ولاقى استحسان الدول الغربية، لسحقه نشاط تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2006، عندما كان قائداً لقوات الأمن
السعودية، وقد أجرى زيارة مطولة إلى واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة. ويذكر أن والده كان وزيراً للداخلية.
وولد الأمير محمد في 1959، ويعدّ صغيراً نسبياً بين كبار أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية.
وتعيينه في منصب ولي
ولي العهد، يعني الإجابة عن تساؤلات تطرح منذ وقت طويل، بشأن الخلافة لسنوات كثيرة قادمة.
الانتقال إلى الجيل الثاني
وتكون بذلك اختارت أسرة آل سعود التي تحكم دولة من الأغنى في العالم، طريقها بوضوح إلى المستقبل، عبر تعيين الرجل الأمني القوي والقريب من واشنطن بن نايف، ولياً لولي العهد، وهو بالتالي سيصبح من حيث المبدأ أول ملك من "الجيل الثاني" في العائلة.
وعيّن الملك الجديد سلمان (79 عاماً) بعد ساعات من توليه سدة السلطة ابن شقيقه، ما يعني أن ولي العهد الحالي الأمير مقرن بن عبدالعزيز سيكون آخر ملك من الجيل الأول من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز.
وواجهت السعودية التي تملك ثروات طائلة منها ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، صعوبة في الانتقال من "الجيل الأول" الهرم، إلى الجيل الثاني، حيث إن الانتقال يفتح الباب على مصراعيه أمام المنافسة والصراعات داخل الأسرة، بحسب محللين.
ومع تعيين الأمير محمد بن نايف (55 عاماً)، يكون الانتقال إلى الجيل الثاني قد حسم، وذلك على حساب أمراء أقوياء آخرين في هذا الجيل، خصوصاً الأمير متعب، نجل العاهل السعودي الراحل عبدالله.
وقال المحلل السياسي المقيم في لندن، عبدالوهاب بدرخان، لوكالة أنباء "فرانس برس" إن "الأسرة بهذا التغيير السلس وبتعيين الأمير محمد بن نايف حسمت عملياً مسألة الانتقال إلى الجيل الثاني".
ولكن بغض النظر عن خيار الشخص أو حسم المنافسات الداخلية في الأسرة، يرى بدرخان أنه "طالما أن الأسرة حسمت خيارها، فهذا يعني أن هناك ضمانة للمستقبل"، على حد قوله.
وقال بدرخان في هذا السياق، إن وصول محمد بن نايف إلى هذا المنصب يعني أن "الملك المقبل سيولي مهمة الأمن أولوية قصوى"، خصوصاً أن المملكة تحيطها المخاطر من الجهات كلها، وأهمها خطر الدولة الإسلامية، التي تشارك الرياض في الحرب الدولية ضدها.
وأضاف المحلل أن "هذا يريح الشركاء الخارجيين وخاصة الولايات المتحدة".
وعيّن الملك سلمان أيضاً نجله الأمير محمد وزيراً للدفاع، معزّزاً أكثر بذلك نفوذ الجناح الذي يمثّله في الأسرة الحاكمة.
وسلمان هو ثاني حاكم بعد الملك فهد من جناح أبناء الملك عبد العزيز من الأميرة حصة السديري، كما أن الأمير بن نايف ينتمي إلى الجناح نفسه.
ويبقى الأمير متعب بن عبدالله في منصبه على رأس الحرس الوطني، ولكي يبقى في المعادلة، بإمكانه أن يعوّل على ولي العهد مقرن الذي فتح الملك الراحل أمامه باب الحكم.
وقال بدرخان في هذا السياق: "إذا كان هناك مكان للأمير متعب فهو مع الأمير مقرن، وليس مع الملك سلمان".
ودخول أسرة آل سعود مستقبلها من بوابة محمد بن نايف لا يجيب على التساؤلات كلها، فالأسرة تعد 25 ألف شخص بينهم مئتا أمير يشغلون مناصب سياسية.
آلية انتقال
بالنسبة لستيفان لاكراو، وهو الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، والمتخصص في الشأن السعودي، فإنه مع حسم مسألة من هو أول ملك من الجيل الثاني، تبقى مسألة "آلية انتقال السلطة التي ستعتمد" في المستقبل.
وبحسب المحلل فأمام العائلة: "الخيار الأول: انتقال أفقي للسلطة، شبيه بالنظام الحالي، وهو نظام تصعب إدارته لأن هناك المئات من الذين يمكن أن يصبحوا مؤهلين لتولي الحكم. أما الخيار الثاني فهو انتقال وراثي عبر الأب، مما يعني إقصاء جميع أجنحة الأسرة عن الحق بالجلوس على سدة الحكم، وحصر هذا الحق في بيت واحد، وهذا بالتحديد ما فعله الملك عبد العزيز عندما حصر الخلافة في أبنائه".
وقال لاكروا إن "الخيار الأول من حسناته الحفاظ من حيث المبدأ على حظوظ الجميع، مما يضمن وحدة العائلة، إلا أن هذا الخيار غير قابل للاستمرار على المدى المتوسط".
وأضاف: "أما الخيار الثاني فقد يخلق انقسامات عنيفة على المدى القصير، إلا أن النظام سيستقر في المدى المتوسط".