انتزعت قوات الجيش الوطني الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، مساء الأربعاء،
ميناء ميدي الاستراتيجي على البحر الأحمر شمال غربي البلاد، من قبضة
الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح، الذي لطالما مثل هدفا إستراتيجيا للأخير باعتباره مصدر دعم لوجستي له، في مختلف جولات الحرب، فضلا عن قربه من المياه الإقليمية السعودية.
ويجمع محللون وخبراء يمنيون أن هذا الإنجاز مؤشر على أن معركة الساحل الغربي الممتد من ميدي، مرورا بساحل الحديدة، وحتى ميناء المخا في تعز (جنوبا)، بدأت فعلا، الأمر الذي من شأنه تضييق الخناق على الحوثيين، وقطع خطوط تهريب السلاح القادم عبر البحر.
حصار وتشتيت
من الناحية العسكرية، أكد الخبير
اليمني في شؤون النزاعات المسلحة، علي الذهب، أن "السيطرة على ميناء ميدي، يأتي في إطار ضرب وتشتيت ومحاصرة قوات الحوثيين وعلي صالح على الأرض، تحضيرا لمعركة كبرى تدور على أبواب صنعاء".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن "هذه المعركة بدأت إرهاصاتها مند أسبوعين، عبر التقدم من مأرب، حيث كانت وقائعها بمثابة جس نبض وتقدير لإمكانية اقتحام العاصمة، دون وجود جبهات مساندة أخرى، فكانت النتيجة سلبية".
وبين الخبير الذهب أنه باستعادة ميناء ميدي، تكون قوات الشرعية قد وضعت قبضة الخنق الأولى في عنق الحوثيين وصالح، ولا شك في أن "القوة التي شنت هذا الهجوم ستكون بمثابة نسق ثان في معركة استعادة العاصمة، مع توليها تأمين الخطوط الخلفية من جهة صعدة شمالا وحجة والحديدة غربا".
الخناق يضيق على الحوثي
من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي، فؤاد مسعد، إن سيطرة قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على ميدي، تعني تضييق الخناق على الحوثيين، وتوسيع دائرة قوات الشرعية، وبالتالي تسهيل الاقتراب من العاصمة صنعاء من جهة الغرب.
وبحسب مسعد فإن المعطيات السابقة تتزامن مع تقدم مماثل للمقاومة والجيش الوطني في مأرب والجوف، الأمر الذي سيؤدي إلى التقدم نحو صنعاء من جهتي الشرق والشمال.
واعتبر في حديث خاص لـ"
عربي21" أن تقدم قوات الجيش الوطني، يشكل إنجازا نوعيا، لعدة عوامل أهمها "قطع طرق الإمداد البحرية والبرية في جبهات الساحل والميناء والمرتفعات الجبلية بين صنعاء وحجة والحديدة، وتقطيع أوصال ما تبقى من قوات تابعة للحوثيين وصالح في الحديدة وغرب صنعاء، لأنه لن يكون بمقدورها مواجهة الزحف القادم من حرض الواقعة على الحدود مع المملكة من جهة الغرب.
وأشار الصحفي اليمني إلى أن معركة الساحل الغربي، ستسير وفقا لمسارين، الأول يتواصل جنوبا باتجاه "الحديدة ومينائها"، والثاني "سيتحول شرقا للمشاركة في استكمال تحرير محافظة حجة ومن ثم محاصرة صنعاء تمهيدا للسيطرة عليها".
معركة الساحل بدأت
وفي شأن متصل، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن قوات الجيش الوطني بإسناد من التحالف، بدأت فعلا في معركة تطهير الساحل الغربي، و"هي جزء من عملية عسكرية متعددة المحاور، للإجهاز على الانقلابيين، وخنقهم تدريجيا".
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن "ما يحدث في الساحل هو نوع من سد إحدى الرئات الهامة التي يتنفس منها الانقلابيون، ليس فقط على صعيد الإمداد بل لجهة الشعور بأنهم يفرضون سيطرة على جغرافيا مهمة وإستراتيجية في اليمن".
وقال التميمي، إن قوات الحوثي وصالح، باتت بين فكي كماشة إذا نظرنا لضراوة المعارك وتقدم قوات الشرعية شرق صنعاء، بينما شكل فقدانهم السيطرة على الساحل بداية تحول خطير قد ينهي تأثيرهما العسكري في الساحة اليمنية قريبا، وفق تعبيره.
ميدي وتهريب السلاح
وارتبط الميناء التابع لمحافظة حجة الحدودية مع السعودية، بعمليات نشطة لتهريب السلاح القادم من إيران، وفقا لتقارير رسمية، إلى جانب أهمية موقعه المتاخم للمياه الإقليمية السعودية.
وقامت إيران بإنشاء قاعدة لها في إريتريا، التي تجمعها حدود مشتركة على بحر العرب والمحيط الهندي، الغرض منها ــ وفقا لتقارير دولية ــ مد الحوثيين بالسلاح عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل مينائي ميدي واللحية القريبين من صعدة (معقل الحوثي).
وذكر تقرير صادر عن مركز "ستراتفور" للاستشارات الأمنية في ولاية "تكساس" الأمريكية، عام 2009، أن "عمليات تهريب للأسلحة كانت تتم من ميناء عصب الإريتري إلى السواحل القريبة من محافظة صعدة في مديرية "ميدي" التابع لمحافظة حجة شمال صنعاء، ليتم تخزينها هناك، لنقلها عبر مهربين إلى محافظة صعدة.