نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية، تقريرا حول المؤشرات الاجتماعية والسياسية لتواصل
الثورة المصرية، رغم حملة القمع والتضييق على الحريات الفردية التي يقودها النظام العسكري منذ سنوات.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الثورة المصرية تمر بأصعب مراحلها التاريخية منذ وصول النظام العسكري للسلطة، لكنها ما زالت متواصلة، رغم انتكاستها السياسية والاجتماعية بسبب سياسة القمع والاضطهاد التي انتهجها النظام الدكتاتوري منذ وصوله للسلطة.
وأضافت أن النظام العسكري تمكن من قمع الثورة المصرية في الشوارع والجامعات عبر منع التحركات الاحتجاجية والطلابية، إلا أنه يبقى عاجزا عن التصدي للفكر الثوري الذي يرفض المصريون التخلي عنه بعد خمس سنوات من الإطاحة بنظام دكتاتوري حكم البلاد لعقود طويلة.
ونقلت الصحيفة عن خالد الخميسي، أحد الكتاب المصريين في المهجر، قوله إن "المصريين ما زالوا متشبثين بالفكر الثوري، وإن الثورة المصرية أسست لنظام فكري جديد يقوم على التعايش السلمي مع الاختلافات العرقية والفكرية المكونة له، ولذلك فإن مسار الثورة المصرية لا يعترف بالفكر الدكتاتوري الذي يسعى إلى تغليب إرادته على إرادة الشعب".
واعتبر الخميسي أن أحد مكاسب الثورة التي لا يمكن لأي سياسي طمسها مهما كان تعنته؛ هو حرية التفكير، "فالشعب المصري بكل مكوناته؛ يعيش مخاضا فكريا عسيرا خلال هذه المرحلة الحساسة من التاريخ المصري، التي يراهن فيها الجميع على دور الشباب المصري في تجاوز أزمة الأجيال" على حد تعبيره.
وذكرت الصحيفة أن الصراع في هذه المرحلة من الثورة المصرية "لا يتعلق بالدولة والشعب، بقدر ما يتعلق بالاختلافات بين جيل قديم تعهد بالولاء للنظام، ظالما كان أو مظلوما، وبين جيل جديد يمثله الشباب، ويسعى للدفاع عن حقه في العيش الكريم".
وأشارت إلى أن هذه الاختلافات ساهمت منذ سنوات في بناء مجتمع مصري يلتزم شبابه بالدفاع عن المكاسب التي قدمتها الثورة لهم، على الرغم من خيبة الأمل التي أصابتهم بعد عودة النظام العسكري، وانتهاجه لسياسة قمعية، مضيفة أن هذا الالتزام تجسد أدبيا وفكريا في تزايد عدد الكتاب والصحفيين، وافتتاح عشرات دور النشر والمكتبات بعد خمس سنوات من انطلاق الثورة المصرية في يناير 2011، وهو ما يدل على أن الفكر الثوري أصبح أكثر ترسخا في التركيبة الثقافية والأدبية، رغم أنه لا زال يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالثورة المضادة.
وقالت إن بقاء الثورة المصرية يعتمد على تبني الشباب المصري لمبادئ حرية التعبير والفكر، والدفاع عن هذه المبادئ باعتبارها مكاسب ثورية لا غنى عنها، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات جدية على المستوى الاقتصادي والسياسي، وخاصة منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء.
ونقلت الصحيفة عن الخميسي قوله إن الوضع الحالي يبقى "خطيرا" بسبب عجز النظام المصري عن مواجهة المشاكل الاقتصادية، خاصة وأن نسبة نمو الاقتصاد المصري تراجعت إلى نصف ما كانت عليه في عهد
حسني مبارك قبل خمس سنوات.
واعتبر أن النظام المصري يستطيع فقط التجاوب مع المعطيات الأمنية بحكم طبيعته العسكرية، بينما يعجز عن معالجة التفاوت الكبير بين طبقات المجتمع، وإصلاح النظام التعليمي الذي يحتاج لإعادة هيكلة جذرية.
وختم الخميسي بالقول إن النظام العسكري في مصر يواجه مشاكل حقيقية في استيعاب المعطيات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وكيفية التعامل معها، وهو ما يفسر انتهاجه لسياسات القمع الفكري والجسدي لكل أشكال المعارضة السياسية والثقافية.