لا يستبعد سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، الدلالات السياسية في الاتفاقية التي وقعتها شركة الكهرباء الأردنية مع شركة أمريكية لشراء
الغاز الإسرائيلي.
ويعتقد هندرسون مؤلف تقرير "خيارات إمدادات الطاقة في الأردن": احتمال واردات الغاز من إسرائيل". أن توقيت الإعلان عن الاتفاق، الذي صدر في 26 أيلول/ سبتمبر، في أعقاب الانتخابات النيابية، يعني أن عمّان أرادت المحافظة على الاتفاق من أن يصبح قضية انتخابية.
ونقل هندرسون في تقرير نشره معهد واشنطن تصريحات لنائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية، جواد العناني، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، في 25 أيلول/سبتمبر، قال فيها إن المملكة احتاجت إلى تنازلات من إسرائيل؛ "للتخفيف من رد الفعل العنيف" الذي قد يولدّه بيع الغاز، وفق ما توقّع.
ويرى هندرسون أن معظم الأردنيين يرفضون شراء الغاز الإسرائيلي، ولكن مفهوم قيام المملكة بشراء كميات كبيرة من الغاز من إسرائيل؛ لتوليد الجزء الأكبر من احتياجاتها من الكهرباء، هو تجاري منطقيا، ولكنه غير مريح سياسيا.
لكن هندرسون يؤكد أن الاتفاقية ضرورية من الناحية الاقتصادية، على الأقل في نظر الملك عبد الله. فلم يعد الغاز المصري متاحا للاستيراد، ما يترك المملكة تعتمد على وصول ناقلات الغاز الطبيعي المسال إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر، وهو إجراء مؤقت في أحسن الأحوال؛ لأن المنشأة العائمة مستأجرة فقط، والإمدادات معرضة لتقلبات الأسعار ولسياسة دولة قطر، المزوّد الحالي للغاز المسال.
وتشمل الاتفاقية مع شركة "نوبل إنرجي"، التي مقرها في هيوستون، توريد 300 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز على مدى فترة خمسة عشر عاما، مع خيار لشراء 50 مليون قدم مكعب إضافي يوميا. وهذه مدة عقد نموذجية للغاز الطبيعي؛ لأن العملية تتطلب ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية. كما يرى هندرسون.
ويقوم الترتيب على مبدأ "التَسلُّم أو الدفع"، ويعني ذلك أنه سيتم دفع ثمن
الصفقة إلى شركة "نوبل" وشركائها الإسرائيليين، سواء أقامت الأردن باستخدام ذلك الغاز أم لم تقم. ويرتبط السعر بنفط برنت الخام المتداول على نطاق واسع، كما أن الإيرادات الإجمالية من العقد يجب أن تصل إلى ما يقرب من 10 مليارات دولار.
أما في إسرائيل، فقد تأخر استغلال حقل "ليفياثان" الضخم، الذي اكتشف عام 2010؛ بسبب خلافات سياسية داخلية، والحاجة إلى أكثر من 6 مليارات دولار؛ لاستخراج الغاز من أعماق البحر الأبيض المتوسط على بُعد ثمانين كيلومترا قبالة ميناء حيفا. ومن المقرر أن تتخذ شركة "نوبل للطاقة" قرارها المتعلق بالاستثمار في حقل "ليفياثان" في كانون الأول/ ديسمبر، إلا أنها تحتاج إلى التزامات لشراء حوالي مليار قدم مكعب من الغاز يوميا. أما الاتفاق الموقع مع الأردن فيجعل مجموع الكميات المتعاقد عليها حوالي 450 مليون قدم مكعب يوميا؛ لذلك يجب العمل على تأمين المزيد من المبيعات. ويسعى مسؤولو "نوبل" إلى إيجاد عملاء محتملين آخرين، بما في ذلك في إسرائيل ومصر، ويبدو أنهم يحاولون الآن الوصول إلى الرقم السحري لتبرير التكلفة.
وفي وقت لاحق من هذا العام، سوف يتدفق جزء صغير من إمدادات الغاز إلى اثنين من المنشآت الصناعية في جنوب الأردن، بموجب عقد سابق.
ويكشف هندرسون أنه من المرجح أن تقوم الولايات المتحدة، وربما غيرها من الدول المانحة، بتمويل خط أنابيب يربط شبكة الغاز بين إسرائيل والأردن.