نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس، يقول فيه إن "احتضان الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لإسرائيل يشكل معضلة بالنسبة لزعماء الدولة اليهودية: فعليهم أن يقرروا ماذا يريدون من أمريكا، وهناك خلاف كبير على هذا السؤال".
ويضيف إغناطيوس في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو تحرك ليستغل فرصة استلام ترامب للرئاسة بالإعلان عن خطط لبناء 2500 وحدة سكنية في الضفة الغربية، قبل يومين فقط من مهاتفة الرئيس ترامب الذي وصف المكالمة بأنها (جميلة جدا)، وصرح نتنياهو يوم الثلاثاء بجرأة: (نحن نبني -وسنستمر في البناء)".
ويتابع الكاتب قائلا إن "تحرك نتنياهو تسبب بإغضاب بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يحتجون بأن بناء المزيد من المستوطنات سيدفع إسرائيل نحو ضم الضفة الغربية، وهو ما يعني نهاية لحل الدولتين، وقال رئيس أكبر كتلة معارضة إسحاق هيرزوغ، إنه ومؤيديه سيقاومون الأجندة الاستيطانية، التي يرون فيها تهديدا لهوية إسرائيل بصفتها دولة يهودية ديمقراطية".
ويشير إغناطيوس إلى أن "انتخاب ترامب شكل ما حلم به كثير من الإسرائيليين، من تخفيف من الضغط الأمريكي على إسرائيل لتقديم تنازلات للفلسطينيين، لكن بالنسبة للبعض الآخر، فإنهم يرون الأمر بطريقة أخرى، وأنه (يجب الحذر مما تتمنون)، وقد تكون وجهة النظر الإسرائيلية الآن حاسمة، لكن البلد ظل في صراع بعد 50 عاما من احتلاله للضفة الغربية عام 1967".
ويلفت الكاتب إلى أنه "تم عرض الأحجية التي تواجه إسرائيل في عصر ترامب هذا الأسبوع، في المؤتمر الذي استضافه معهد دراسات الأمن القومي، وضم الاجتماع المسؤولين الإسرائيليين الكبار كلهم، ما عدا نتنياهو، وكانت الأصوات متشعبة جدا".
وتورد الصحيفة نقلا عن تسيبي ليفني، وهي عضو كنيست، وهي "من أكبر مؤيدي" التوصل إلى صفقة سلام، قولها: "على إسرائيل أن تختار بين الانفصال (عن الضفة الغربية) أو ضمها.. ومع الإدارة الجديدة لم يعد هناك الضغط المعهود من واشنطن، الذي كانت إسرائيل قد مرت به من قبل، ولدى إسرائيل الآن الفرصة –بل إنه من الواجب- أن تقرر ما هو المستقبل الذي تسعى إليه".
ويبين إغناطيوس أن "المقترحات من الأطياف السياسية المشاركة حول ما يجب على إسرائيل أن تطلبه من ترامب تعددت، فمثلا استخدم نفتالي بنيت، الذي يرأس حزب (البيت اليهودي) اليميني، تعبير ترامب (أنت مفصول) ليصف ماذا سيقول للمسؤولين الإسرائيليين الذين ينادون بالعملية السلمية التي وصفها بأنها فاشلة، وقدم خطة للإعلان رسميا عن سيادة إسرائيل في الضفة الغربية".
وتنقل الصحيفة عن هيرزوغ قوله للمؤتمر بأن على إسرائيل أن تبدأ بالتحرك نحو قيام دولة فلسطينية، وشرح الخطوط العريضة لخطة تحول عشرية تنتهي بحل قضايا "الوضع النهائي"، مثل القدس وحق اللاجئين في العودة، وأضاف أن البديل عن هذا الانفصال هو "انتحار" لإسرائيل، بصفتها دولة يهودية ديمقراطية.
ويستدرك الكاتب قائلا إن "الرأي العام الإسرائيلي منقسم، لكن وبحسب استطلاع تم عرضه خلال المؤتمر، فإن 59% من المواطنين اليهود يفضلون حل الدولتين، و60% من الإسرائيليين يؤيدون الانسحاب من بعض المستوطنات على الأقل، ومعظم الإسرائيليين، بمن فيهم دعاة السلام، يؤيدون الإبقاء على المستوطنات الكبيرة حول القدس في أي صفقة حل نهائي".
ويذكر إغناطيوس أن الأمريكيين الذين حضروا المؤتمر حثوا إسرائيل على الحذر بخصوص ما تطلبه من ترامب، حيث قال السفير الأمريكي السابق لإسرائيل، ومبعوث إدارة أوباما الخاص خلال الدفع نحو اتفاقية فلسطينية إسرائيلية، مارتين إندك: "من الصعب توقع ما سيفعله ترامب؛ لأنني لست متأكدا أنه نفسه يعرف".
ويفيد الكاتب بأنه "كمؤشر على عدم وضوح الرؤية في بداية عهد ترامب، أشار إندك إلى تغير موقف الإدارة من بداية الأسبوع من الدعوى إلى نقل سريع للسفارة الأمريكية إلى القدس، (الذي قد يولد رد فعل حارق من العالم الإسلامي) للقول بأن الموضوع كان في (المراحل الإولى) من اتخاذ القرار".
وبحسب الصحيفة، فإن أستاذ السياسة الخارجية في جامعة بارد، وولتر راسل ميد، حذر من أن ترامب وصل إلى البيت الأبيض بشعبية قليلة وأصوات أقلية، وحث ميد الإسرائيليين "بألا يرتبطوا بدونالد ترامب في المزاج الشعبي السائد في الولايات المتحدة"، بالإضافة إلى أنه حثهم ألا يظهر ترامب وكأنه "رجل إسرائيل".
ويقول إغناطيوس: "كان ترامب أعلن عن رغبته في التفاوض للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني، فإن نجح، فإن ذلك سيبين (فن الصفقات)، لكن السفير الإسرائيلي السابق للولايات المتحدة والمخضرم في مفاوضات السلام إتامار رابينوفيتش، حذر المؤتمر قائلا: (لا يمكنك أن تكون وسيطا.. بأن تعقد صفقة تكون 90% لصالح إسرائيل، فإنها لن تنجح)".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "الأكاديمي الإسرائيلي المشهور شلومو أفينيري عرض مختصرا للمأزق الذي تواجهه إسرائيل، فقال إن (إسرائيل لم تحدد بعد عام 1967 الشكل الذي تريد أن تكون عليه من ناحية جغرافية ومن ناحية ديمغرافية.. وهذا العام علينا أن نحدد أي إسرائيل نريد)، وهذا هو اللغز الذي أتى به ترامب: ماذا على الإسرائيليين أن يطلبوا منه؟".