ينتشر بين الناس نصائح طبية كثيرة للحفاظ على حياة صحية أفضل، منها عدد ساعات النوم أو المشي، أو نوعية الأطعمة التي يجب الابتعاد عنها، وغير ذلك.
لكن "ميرور" البريطانية بينت في تقرير لها، ترجمته "عربي21"، أن كثيرا من هذه النصائح خاطئة، أو على الأقل ليس بالضرورة أنها تُناسب الجميع، فكل شخص له وضعه الصحي الخاص، وما يناسبه من أنشطة وغذاء.
هل الحليب كامل الدسم غير صحي؟
يحرص البعض على تجنب الحليب كامل نتيجة لاعتقاد رائج بأن هذا الحليب يحتوي كميات أكبر من الدهون ويضر الجسم، لكن الخبراء والدراسات أشارت إلى أن الحليب مفيد للإنسان في كل الأحوال، ويجب تناوله.
وقالت خبيرة التغذية ليندا فوستر: "تشير الأدلة إلى أن الحليب الكامل بالواقع هو صحي وخيار أفضل؛ لأنه لا يحتوي إلا على حوالي 4 في المئة من الدسم، مما يجعله
غذاء قليل الدسم، وهو أكثر تغذية لأن الفيتامينات الذائبة في دسم الحليب (أ، ك، هـ، د) هي فيتامينات لا تذوب إلا بالدهون.
ووجدت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة "كارديف" البريطانية أن الحليب كامل الدسم ساعد الذين يسعون إلى خسارة الوزن على حرق المزيد من السعرات الحرارية.
وأشارت خبيرة ومستشارة التغذية، نجاة السماوي، في حديث لـ"عربي21"، إلى أنه يتوجب على الإنسان شرب الحليب الكامل الدسم لاحتفاظه بقيمته الغذائيه الكامله.
كم من الماء يجب أن أشرب يوميا؟
اعتاد الناس على شرب ثمانية أكواب ماء يوميا، وهي الكمية التي لا تزال
الصحة العامة في بريطانيا تُوصي بها، وقيل الكثير عن فائدة شرب الماء بهذه الكمية للبشرة والكلى.
وتبين، بحسب التقرير، أنه ليس إلزاميا أن يشرب الإنسان هذه الكمية من الماء، حيث أجرى علماء في جامعة بنسلفانيا الأمريكية مراجعة حديثة، ولم يعثروا على دراسة واحدة تدعم فرضية هذه الكمية.
ونقلت الصحيفة عن فوستر قولها: "في الواقع؛ معظم الناس، خاصة من يعيشون في مناخ معتدل ولا يقومون بأنشطة مفرطة، بحاجة إلى كمية أقل من الماء، وهم يحصلون على الكثير مما يحتاجونه من الشاي والقهوة والطعام الذي يأكلونه".
ونبهت إلى أن شرب كميات مفرطة من الماء قد يكون أمرا خطيرا ومميتا، حيث أن الكميات المفرطة من الماء تؤدي إلى تخفيض مستويات الصوديوم في الجسم.
ونصحت فوستر الناس بشرب الماء فقط عند العطش، أو عندما يكون لون البول أصفر داكنا، كون هاتين العلامتين أشارة للجفاف وللحاجة للماء.
وعلقت السماوي على هذه النقطة، قائلة": "يُنصح ويُفضل أن يشرب الشخص لترين أو أكثر من الماء يوميا".
هل يجب أن ينام الإنسان ثماني ساعات يوميا؟
وأوردت الصحيفة في تقريرها معلومات، نقلا عن أبحاث، مفادها أن عدم التزام الانسان بنوم ثماني ساعات يوميا؛ يمكن أن يعرضه لمخاطر صحية، بما في ذلك السمنة وأمراض القلب.
لكن مع ذلك، فإن النوم أكثر من تسع ساعات في الليل قد ارتبط أيضا مع زيادة في الاكتئاب والخرف.
لكن خبير النوم، غي ميدوز، يقول إن "كل شخص لديه متطلبات نوم مختلفة، عن الآخر. فبعض الناس يحتاجون إلى أقل من أربع ساعات والبعض يصل إلى 10 ساعات".
وتابع: "النوم الليلي الجيد هو الذي تستيقظ منه مرتاحا ومنتعشا، بغض النظر عن عدد الساعات التي حظيت بها".
لكن السماوي نبهت إلى أن النوم والنهوض بوقت مبكر، بعد سبع أو ثماني ساعات من النوم، أفضل لصحه الإنسان.
هل عصير الفاكهة صحي؟
ينصح أخصائيو التغذية والأبحاث الناس دائما بشرب عصير الفاكهة الطبيعي، بالمقابل حذر الخبراء من ذلك لأن العصير يحتوي على كميات من السكر، بقدر المشروبات الغازية.
وقالت مستشارة
النظام الغذائي الحكومية، سوزان جيب، إنها تدعم الخطط التي توقف اعتبار عصير الفاكهة واحدة من الحصص الخمس من الفاكهة والخضار الموصى بها يوميا.
وأشارت إلى أن افتقار العصير للألياف هو المشكلة الرئيسية، حيث يبقى الفركتوز (سكر الفاكهة) الذي تتم معالجته من قبل الكبد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخبراء نبهوا من خطورة الفركتوز؛ لأنه بهذا الشكل السائل يمنع الكبد من القيام بعمله بشكل صحيح، وهذا يرتبط بمجموعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك السمنة والسكري من النوع الثاني.
ونصح تقرير الصحيفة، بحسب آراء الخبراء، الإنسان بشرب كوب عصير صغير يوميا أو أقل، مع الإشارة إلى أن طحن الفاكهة بالخلاط أفضل من العصر؛ لأنه يحتفظ بلب وجلد الفاكهة، ويبطئ من عملية إطلاق السكر.
وفضلت السماوي شرب عصير الفاكهه الطازج فقط، وليس التجاري أو المُصنّع مسبقا، ونصحت مرضى السكري بتناوله قبل الوجبه لغناه بالإنزيمات المهمه للهضم.
هل الخضارة النيئة (الطازجة) أفضل؟
تشكلت قناعة لدى الكثير من الناس بأن طهي الخضار يقتل كل الفوائد التي تحتويها. ولكن بحسب الصحيفة البريطانية، فإن الدراسات وجدت أن طهي الخضار قد يُخفض نسبة فيتامين "سي" الموجود بها، إلا أنه يعزز من امتصاص الجسم للمواد الغذائية المكافحة للمرض والمعروفة باسم "مضادات الأكسدة".
وهنالك دراسة أظهرت أن خضروات مثل الفلفل، والجزر، والفطر، والسبانخ، والملفوف، توفر المزيد من مضادات الأكسدة عندما تطهى مقارنة بها عندما تكون نيئة.
ووضحت فوستر للصحيفة أن الطهي يكسر جدران الخلايا السميكة للخضراوات، مما يسهل على الجسم امتصاص العناصر الغذائية التي تحتويها.
وخلصت الصحيفة للقول: "اطبخ خضارك بشكل خفيف إلا إذا كنت تحبها مقرمشة، وأضف رشة من الزيت أو الزبدة؛ لأنه تم الكشف على أن الدهون تعزز من امتصاص جسمك للمواد الغذائية".
بدورها قالت السماوي لـ"عربي21"؛ إن "الخضار الطازجة صحية أكثر، فالغذاء نوعان: واحد حي وصحي، وهو النيء، والآخر ميت وهو المطهو؛ لأنه فقد قيمته الغذائيه بالحرارة والتسخين المستمر".
هل يجب أن أبقى بعيدا عن الشمس؟
رُبط في السنوات الأخيرة بين التعرض لأشعة الشمس وسرطان الجلد. وكان الأطباء ينصحون بالابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة قدر الإمكان، واستعمال الكريم الواقي من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
ويعتقد بعض الخبراء بأن هذه النصيحة قد تكون مسؤولة جزئيا عن الوباء الحالي من نقص فيتامين "د" في بعض البلدان بحسب الصحيفة، وذلك لأن الجسم يعتمد على التعرض للشمس لصنع 90 في المئة من هذا الفيتامين، فضلا عن ضمان صحة العظام.
وأشار التقرير إلى أن مركز أبحاث السرطان في بريطانيا ينصح الناس بالتعرض لأشعة الشمس لبضع دقائق يوميا، دون وضع واق للشمس، ولكن يجب وضع الواقي عند التعرض للشمس بشكل مباشر لمدة تزيد عن بضع دقائق.
وفضلت السماوي أن يتعرض الإنسان للشمس في الصباح الباكر أو قبل الغروب؛ لأنها جيده للجسم وتزوده بفيتامين "د" المهم للعظام والمناعة، وتُحسن المزاج.
هل يجب عليّ أن أتوقف عن أكل الخبز؟
يطلب بعض خبراء التغذية من الناس التوقف عن تناول تناول الخبز؛ لأنه يحتوي على الكثير من الكربوهيدرات، إلا أنه لا يوجد أي دليل علمي يدعم الامتناع عن تناوله، إلا في حال كان لدى الشخص مشكلة حقيقية مع القمح بناء على التشخيص من قبل طبيب.
ويقول أنتوني وارنر، مؤلف كتاب "العلم السيئ والحقيقة حول
الطعام الصحي"، مخالفا هذه النصائح :"القمح هو مصدر قيّم وصحي للعناصر الغذائية، ويشكل جزءا مهما من النظام الغذائي للعديد من الناس".
وتابع في حديثه للصحيفة: "القمح يحتوي على أعلى نسبة من البروتين قياسا بالمواد الغذائية الأساسية الأخرى، ويزود الجسم بنسبة جيدة من الألياف وفيتامين (بي)".
وأشارت خبيرة التغذية، ليندا فوستر، إلى سلبيات أخرى للامتناع عن تناول الخبز، منها الأعياء؛ لأن القمح مصدر مهم للكاربوهيدرات المنشطة، وقد يعاني الشخص من مزاج سيئ، حيث أن الكاربوهيدرات الموجودة في الخبز تزيد من مستويات هرمون السعادة "سيروتونين".
واستنتج التقرير أنه يجب على الإنسان عدم الامتناع عن تناول الخبز، الا إذا كان لديه حساسية من القمح، مُثبتة طبيا، ونصحت باختيار القمح الكامل لأنه أفضل من القمح الأبيض.
وقالت السماوي لـ"عربي21": "لا توجد هناك مشكله من تناول الخبز، إلا النوع المُصنع من الطحين الأبيض الفاقد لكل العناصر الغذائية، ومن الظلم تناوله من قبل الأطفال وكأنه غذاء"، واعتبرت أنه عديم الفائدة لافتقاره للالياف الكامله وفيتامين "بي" المركب المهم للجهاز العصبي.
هل اللحوم الحمراء ضارة؟
ونقل التقرير عن مؤسسة التغذية البريطانية قولها أن اللحوم الحمراء تُعد من أفضل الأغذية، لاحتوائها على الحديد، والزنك، وفيتامين "أ"، وفيتامين "د"، والمغنيسيوم، والسيلينيوم والبوتاسيوم.
واستدركت الصحيفة بالقول: "لكن مع ذلك يُفضل عدم الإفراط في تناولها، حيث أن مركز أبحاث السرطان في بريطانيا يشير إلى أن هنالك العديد من الأدلة التي تظهر أن سرطان الأمعاء يشيع أكثر بين الناس الذين يتناولون اللحوم الحمراء بكثرة".
ويشير المركز إلى أنه لا بأس بتناول اللحوم الحمراء لكن بشكل معتدل، وليس يوميا، كما يوصي بإضافة المزيد من الخضار والبقوليات إلى وجبات الطعام، وتناول السمك أو الدجاج في بعض الأيام.
من جانبها، أكدت السماوى أن "اللحوم الحمراء مهمه لبناء خلايا الجسم خاصه للأطفال، وبإمكان الإنسان تناولها مرتين بالأسبوع، ولكن يجب التأكد من صحه الحيوان وعدم تشبعه بالهرمونات المُضافة".