نشر موقع "إيست واست" الإيطالي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الحياة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها
الشباب الإيراني، في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي وضبابية المستقبل. ولكن لا يزال الشباب، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى، يعيشون في انتظار أن يحافظ روحاني على وعوده التي قطعها خلال حملته الانتخابية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن "أطفال الثورة" أصبحوا اليوم شبابا معطلا عن العمل والحياة، ومحروما من الاستقرار المادي داخل الدولة، من بينهم الشاب "مهدي". فقد قال مهدي إن "أزمته الاقتصادية والعائلية والشخصية بدأت بعد فقدان والده لوظيفته، ومن المرجح أنها لن تنتهي". وأضاف مهدي أنه لم يستطع مغادرة منزل عائلته لأجل العيش بمفرده؛ لأن الآفاق ستكون بلا شك محفوفة بالمخاطر. ففي إيران، "لا يوجد سوى وظائف مؤقتة".
وأشار الموقع إلى الضغط الذي يعيشه جيل السبعينات والثمانينات في إيران، حيث لا يزال يعتبر "جيلا معلقا"، في انتظار مستقبل أفضل ووظيفة مستقرة، في دولة وصلت فيها نسبة
البطالة إلى 12.8 بالمئة، أو بالأحرى 33 بالمئة بالنسبة للشباب و44 بالمئة بالنسبة للإناث، وذلك حسب إفادة مهدي.
وذكر الموقع أن الرئيس حسن روحاني اقترح، في حملته الانتخابية، خطة تنموية ستضمن ما يربو على 900 ألف موطن شغل في السنة. ومع ذلك، لا يزال الوقت مبكرا على تحقق هذا الوعد، والتأكد مما إذا كان روحاني وفا بوعده أم خلفها. في الأثناء، لا يزال جيل مهدي والجيل الذي لحقه من الشباب الناشط ينتظر بفارغ الصبر الوفاء بهذا الوعد، على الرغم من فقدانهم للأمل.
وألقى الموقع نظرة عن كثب على الشباب الإيراني، الذي دائما ما تتهمه الأجيال التي سبقته بأنه يفتقد إلى المسؤولية والنضج. في الواقع، لم يعش هذا الجيل من الشباب الثورة إلا من خلال القصص التي كان آباؤهم يروونها لهم. مع ذلك، عايش هذا الجيل كل التغيرات الاجتماعية والقيود الصارمة داخل الدولة.
وأضاف الموقع أن هؤلاء الشباب ترعرعوا في ظل الجمهورية الإسلامية، بيد أنهم تمكنوا من إدخال بصمتهم الخاصة بفضل التطور التكنولوجي والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. في هذا الصدد، قال مهدي: "كان علينا أن نقاتل من أجل الحصول على ما نريد، وكسب قوت عيشنا في هذه الدولة".
وبين الموقع أن معظم الشباب الإيراني متعلم، لذلك هم على وعي بمختلف متطلبات جيلهم وطموحاته واحتياجاته. ففي السنوات العشر الأخيرة، ارتفعت نسبة التضخم إلى 42 بالمئة، خاصة في سنة 2012، أي قبل سنة من انتخاب روحاني للمرة الأولى.
وأشار الموقع إلى تسمية "فشار و زندگي" التي تعني في اللغة الفارسية "ضغط الحياة"، تعتمد من قبل الإيرانيين للتعبير عن الحياة الصعبة التي يعيشونها في ظل غياب الاستقرار المادي. بالنسبة لهؤلاء الشباب، بات ضغط الحياة بمثابة العائق الذي يحول دون نيلهم لعمل مستقر والزواج وتحقيق ما يصبون إليه.
وأورد الموقع أن العديد من الشباب يعملون في وظائف متقطعة ويعيشون حياة غير مستقرة، فتراهم يشتغلون موظفين في النهار، ويتحولون للعمل على سيارات الأجرة في الليل، وذلك لتعزيز راتبهم ولو قليلا. في الواقع، تعتبر الوظيفة الثانية أو الثالثة، والاستمرار في العمل إلى ما يقارب 15 ساعة، روتين ما يربو عن 30 بالمئة من الشعب الإيراني، وبالتحديد الفئة العاملة.
وأضاف الموقع أن الأرقام كشفت عن وجود شريحة ثابتة من المجتمع الإيراني، تتراوح بين 30 و40 بالمئة، تعيش بالقرب من خط الفقر، ناهيك عن أن العديد من الأسر الإيرانية غير قادرة على كسب قوتها وسد احتياجاتها. وفي هذا السياق، وضح الشاب مهدي أن "شباب إيران لا يستطيعون إلا أن ينالوا وظائف مؤقتة، التي غالبا ما تفتقر إلى الضمان المهني وتكون مجردة من التغطية الصحية والاجتماعية".
كما تطرق الموقع إلى ظاهرة غياب الضمانات المهنية، التي انبثقت في تسعينات القرن الماضي، لتصبح من بين المشاغل التي تؤرق الطبقة العاملة. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت الطبقة المتوسطة في إيران تعاني من تداعيات هذا النظام، الذي ولد ما يعرف بالعقود محدودة المدى، التي باتت تجسد 90 في المئة من العقود المهنية. وحتى بعد ثورة 1979، لم تتحسن الأوضاع، ولم تر طموحات الشباب النور في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
وفي الختام، أفاد الموقع بأن الأزمة الاقتصادية الحالية تسببت في تضخم الهوة الطبقية في صفوف الشعب الإيراني، ما دفع فئة كبيرة من الشعب إلى المطالبة بالحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية، في ظل الاستياء وفقدان الأمل.
الموقع: إيست واست
الكاتب: ستيلا مورغانا
الرابط:
https://eastwest.eu/it/opinioni/iran-oggi-domani-economia/iran-lavoro-precarieta-crisi-economica