ألقت الأحداث السياسية في مصر بظلالها على ملف المصالحة الفلسطينية؛ في ظل الانشغال المصري بالتحضير للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في آذار/ مارس القادم، وما سبقه من تطورات سياسية بإقالة عبد الفتاح السيسي لمدير المخابرات المصرية والمسؤول المباشر عن ملف المصالحة اللواء خالد فوزي قبل نحو أسبوع؛ مما يطرح تكهنات حول قدرة الجانب المصري على المضي في ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس، أو ربما التأجيل لما بعد الانتخابات.
وكان رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، أشار
في خطابه الثلاثاء، إلى أن المخابرات المصرية أبلغته أن ما يجري من أحداث سياسية
في مصر هو شأن داخلي لن يؤثر على ملف المصالحة.
تأجيل المصالحة
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد يوسف، إن
"مصير المصالحة بات مرهونا بما يجري من أحداث سياسية في مصر، كما أن حماس ترى
في إقالة اللواء خالد فوزي بمثابة إشارة مصرية لتعليق ملف المصالحة حتى استقرار
الأوضاع السياسية في مصر لما بعد الانتخابات الرئاسية".
وفي معرض رده على سؤال ما هي أدوات حماس لإدارة
الأوضاع في غزة خلال هذه الفترة، أوضح يوسف في حديث خاص لـ"عربي21" أنه
"في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعاني منها غزة فإن الانفجار
الشعبي في وجه إسرائيل بات خيارا مطروحا وبقوة داخل حماس وباقي الفصائل الفلسطينية
للخروج من حالة الركود السياسي والاقتصادي التي تعاني منها غزة لتقف السلطة
الفلسطينية وإسرائيل والمجتمع الدولي أمام مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه
القطاع".
استغلال الأطراف المشبوهة
من جهته، قال رئيس اللجنة السياسية في المجلس
التشريعي النائب عن حركة فتح عبد الله عبد الله، إن حركته "ما زالت على اتصال
بالوسيط المصري، وهي ما زالت تؤكد على موقفها بأن المصالحة خيار وطني كما لا
يمكن العودة لمربع الانقسام بعد قطع شوط لا بأس به في إنجاز ملفات المصالحة رغم
تلكؤ حماس ووضعها للكثير من العراقيل أمام تمكين الحكومة".
وأضاف عبد الله في حديث لـ"عربي21" أنه
"يجب الفصل بين ملف المصالحة الفلسطينية وما تمر به مصر من أوضاع سياسية داخلية،
كما أكدت ذلك حركة فتح في رسالة أرسلتها للمخابرات المصرية فور إقالة اللواء خالد
فوزي بضرورة الفصل بين الملفات السياسية وعدم خلط الأوراق لأن ذلك من شأنه إحداث
فراغ سياسي قد يشجع بعض الأطراف السياسية المشبوهة مثل محمد دحلان الذي يستغل حالة
الجمود السياسي لتحقيق أطماعه في الوصول للسلطة".
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن وصول نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق للقاهرة الأربعاء، في زيارة لم يكشف عن تفاصيلها حتى اللحظة.
لقاء مرتقب
بدوره، قال الصحفي الفلسطيني المقيم في القاهرة
والمطلع على ملف المصالحة أسامة عامر، إنه "بالنظر لما تمر به مصر من أحداث سياسية
مرتبطة بمرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية وهو السبب الذي يكمن في تباطؤ سير عجلة
المصالحة عما كان عليه في السابق".
وتابع: "كما أن المسؤولين المصريين يدركون أنه
لا يمكن العودة في ملف المصالحة لنقطة الصفر"، لافتا إلى أنه "يجري
الحديث عن لقاء يجمع حركتي حماس وفتح في القاهرة خلال الأيام القادمة."
وأضاف عامر في حديث لـ"عربي21" أن
"ما يتم تداوله من خطة بديلة وضعتها المخابرات المصرية، لا أحد يعلم حتى
اللحظة ما هي طبيعة وتفاصيل هذه الخطة، التي تبقى مرهونة بتغير الظروف والمعطيات
السياسية على الأرض، وقد يكون إقرار هذه الخطة تحت ضغط الحاجة مثل الحالة الكارثية
التي يحياها قطاع غزة هذه الأيام، ما يدعو الجميع للتفكير خارج الصندوق، للبحث عن
حلول وآليات عمل حقيقية لإنقاذ هذا الوضع".
المصلحة المصرية
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، حسام
الدجني، فأكد أن "ملف المصالحة هو بمثابة الملف الفلسطيني الثابت لدى
المخابرات المصرية، ومن المفترض أن لا تؤثر الأحداث الداخلية في مصر على هذا
الملف، لذلك جاء الاتصال من المخابرات المصرية بإسماعيل هنية ليؤكد أن ما يجري من
تطورات سياسية في مصر هو شأن داخلي، لن يؤثر على ملف المصالحة".
وأوضح الدجني في حديث لـ"عربي21" أن
"المصلحة السياسية والأمنية لرعاية مصر لملف المصالحة تحتم عليها أن لا
تتراجع في هذا الملف، وفي حال حدوث ذلك فإن الأسباب تعود للطرف الفلسطيني وليست الأحداث
الداخلية في مصر وقد تكون الأسباب المعطلة للمصالحة هي تلكؤ رئيس السلطة
الفلسطينية من تقديم استحقاقاته وفق اتفاق المصالحة أو الضغط على حماس لتقديم
تنازلات أكبر، أما الأسباب الخارجية فهي مرهونة بالضغوط التي تمارسها الولايات على
مصر لإفشال مصر في هذا الملف".
هل تكون سيناء الوطن البديل للفلسطينيين؟
عنان يعيد الحياة لرئاسيات مصر.. هل يطيح به النظام كشفيق؟
100 يوم على اتفاق المصالحة.. لماذا لم تعلن مصر فشلها؟