فجرت الأزمة التي تشهدها مؤسسة الأهرام مع زوجة الرئيس المصري، عبد
الفتاح السيسي، العديد من التساؤلات، وذلك بعد خطأ فني في خبر متعلق بزوجة
السيسي.
وتساءل العديد من المراقبين عن الحملة: "هل الهدف منها رد
اعتبار للسيدة انتصار السيسي؟ أم أن النيران الانقلابية وسعت مداها لتصل للأصدقاء
بعد أن كانت موجهة للأعداء فقط؟ أم أن المقصود من تأديب الأهرام هو فرض سياج
فولاذي ضد السيسي وعائلته؟".
وتعود
القصة لخبر نشرته الأهرام، عن الزي التي كانت ترتديه السيدة انتصار زوجة السيسي في
حفل تنصيبه بالولاية الثانية، ولخطأ فني تحول الخبر إلى ما يمثل خدشا للحياء
العام، وهو ما نتج عنه إجراء تحقيق بواسطة رئاسة الجمهورية شمل رئيس مجلس إدارة
الأهرام، ونقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة، ورئيس تحرير الأهرام علاء ثابت، بالإضافة
لمدير تحرير الطبعة التي ورد فيها الخطأ، وإيقاف المسؤول الفني عن إخراج الصفحة ومراجعتها.
وبعد توتر شهدته المؤسسة الصحفية الكبرى بمصر، صدر قرار من رئيس مجلس
الإدارة، أمس الخميس، بفصل فني التصحيح الذي راجع الخبر من العمل، وإحالة مسؤولي
التحرير للتحقيق الإداري.
حالة
الأهرام لم تكن الوحيدة، حيث سبق أن أمرت رئاسة الجمهورية بسحب عدد من مجلة المصور
بعد توزيعها في الأسواق؛ لأن العدد تحدث عن أمهات الرؤساء بمناسبة عيد الأم، ومن
بينهن أم السيسي التي يثار حول ديانتها الكثير من اللغط، وتم إقالة مدير تحرير
المجلة وكل أسرة تحرير العدد، بعد إلزامهم بتحمل نفقات الطباعة والتوزيع.
من جانبه، يؤكد أستاذ الإعلام المصري الدكتور حسن عبد الباقي لـ "عربي21" أن ما جرى مع مؤسسة الأهرام ومن قبله مجلة المصور
فيما يتعلق بأخبار متعلقة بأسرة رئيس الانقلاب، يشير إلى أن السيسي يفرض أمرا واقعا
بأنه وأسرته فوق المحاسبة والمساءلة، ولن يسمح لأحد بالتعرض لهم، حتى لو كان عن
طريق الخطأ، وهو بذلك يصنع ما يسميه الإعلاميين بـ"التابوهات" التي يجب عدم
الاقتراب منها.
ويشير عبد الباقي إلى أنه سبق في عهد حسني مبارك أن حدثت أزمة مشابهة
بعد نشر مكتب جريدة المدينة السعودية خبرا عن النشاط الاقتصادي لعلاء نجل مبارك،
ووقتها أقر مجلس الشعب بدعوة من مبارك القانون رقم 93 لسنة 1995، الذي تضمن تغليظ
العقوبات في جرائم النشر، وفرض القيود على الصحف المستقلة والحزبية، إلا أن نقابة
الصحفيين وقتها كان لها قوة ومكانة في المجتمع السياسي، ما أجبر مبارك على سحب
القانون، وإرضاء الصحفيين بمختلف السبل.
ويلفت أستاذ الإعلام إلى أن الأزمتين الأخيرتين لم تكونا بسبب أخبار
تنتقد السيسي أو عائلته، وإنما كانتا بسبب ما وصفه بـ"سياسة النفاق" له
ولأسرته، لكن السيسي لن يقبل بالخطأ حتى لو كان الهدف منه النفاق؛ لذلك كان هذا
التصعيد الذي يمثل نيران صديقة من السيسي لأتباعه، لكنها نيران ثقيلة؛ حتى لا يكرر
أحد غيرهم الخطأ ذاته.
ويضيف الخبير الإعلامي يحيى عبد الهادي، لـ "عربي21" أن
ما جرى مع الأهرام وقبلها المصور، وما جرى من عقاب لخيري رمضان وتوفيق عكاشة
ومختلف الإعلاميين الداعمين للسيسي، يؤكد أن نظام الانقلاب ليس لديه صديق أو قريب،
وأن من يخطئ في حقه لن يمنحه فرصة ثانية، وهو بذلك يرسخ لمبدأ "الفرعنة"،
وأنه فوق الجميع، وأن الخطأ في حقه لن يغتفر.
ويشير عبد الهادي إلى أن موقف نقابة الصحفيين كان متخاذلا عكس أزمة
1995، وكذلك المجلس الوطني للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، باعتبارها الهيئات
المعنية بالصحافة، وهو تخاذل طبيعي؛ لأنه لن يستطيع أحد أن ينتقد تصرفات السيسي،
بل العكس من ذلك، كانت المزايدة والدعوة لمعاقبة المتسببين في هذا الخطأ.
ويؤكد الخبير الإعلامي أن البرلمان المصري يناقش الآن مشروع قانون
الصحافة الجديد، ورغم أن رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان، أسامة هيكل، أكد أن القانون
يوسع من حرية الصحافة، ويمنع الحبس في قضايا النشر، إلا أن القانون المقترح وسع من
العقوبات الأخرى، مثل تغليظ الغرامة والحرمان من ممارسة المهنة، وحق مصادرة
الصحيفة، ووضع العمل الصحفي تحت الرقابة الدائمة، ما يعني في النهاية أن الصحافة
المصرية في طريقها لمزيد من الكبت والضغط والتقييد.
ويضيف عبد الهادي أن السيسي بعد أن قضى في ولايته الأولي على خصومه
ومعارضيه، يبدو أنه خصص ولايته الثانية لتأديب أصدقائه الذين خرجوا عن السياق الذي
رسمه لهم، فكان حادث اعتداء البلطجية على المشاركين في إفطار الحركة المدنية، ثم
معاقبة الأهرام على خطأ هو في الأساس متعلق بخبر يحمل "نفاقا" لزوجة السيسي.
موازنة برلمان السيسي.. بنود سرية وأرقام مضاعفة
بعد استقالة حكومة إسماعيل ما هي خيارات السيسي المطروحة؟
شكوى ضد إسبانيا بعد ترحيل مواطن مصري قسريا إلى بلده