تشهد غالبية الدول الأوروبية تحولاً خطيراً مع تفاقم العنصرية، وتالياً تصاعد النزعة الشعبوية والقومية لدى أحزاب اليمين التي رفعت شعارات العداء للإسلام واللاجئين لكسب شرائح شعبية أوسع والصعود بعد ذلك إلى سدة السلطة. ولهذا تجري محادثات بين زعماء أوروبيين، بشأن تأسيس مخيم لطالبي اللجوء المرفوضين في بعض دول الاتحاد الأوروبي، ولكن خارج نطاقه الجغرافي، وثمة سعي حثيث لطرح مشروع أولي يمهد الطريق أمام نظام أوروبي جديد للجوء يتضمن سيطرة أكبر مما يوفره النظام الراهن.
وتتزامن هذه الخطوات العنصرية مع نفحات عنصرية أخرى ضد اللاجئين من قبل قادة أحزاب يمينية في بعض دول الاتحاد الأوروبي، حتى أن بعضهم دعا إلى ترحيل اللاجئين وإسكانهم في مخيمات مغلقة وبائسة في البوسنة والهرسك على سبيل المثال لا الحصر. وتعتبر تلك التصريحات عنصرية بامتياز، رغم الحديث المتكرر عن محاولات ترسيخ العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الأوروبية.
افتراءات ضد اللاجئين
برزت الأصوات العنصرية بشكل متواتر بعد استقبال دول الاتحاد الأوروبي مئات آلاف اللاجئين الفارّين من مناطق النزاعات والحروب في البلاد العربية، بحثاً عن الأمان والاستقرار، وقد تكشفت الحاجة الملحّة لوجود دمٍ جديدٍ، يخفّف الفجوة الديمغرافية في الدول الأوروبية، ويملأ فراغات سوق العمل في المستقبل. وقد استقبلت أوروبا في السنوات الثمان الماضية مئات آلاف اللاجئين غالبيتهم من سوريا.
واللافت أن الحكومات الأوروبية تسعى، وبخطط مدروسة، إلى إعادة تأهيل اللاجئين، بغية استيعابهم. ويؤكد باحثون في الاقتصاد والديموغرافيا أن اللاجئين الجدد باتوا ضرورةً ملحةً لمستقبل دول الاتحاد الأوروبي، ولهذا، دعا حلفاء المستشارة أنجيلا ميركل في الحكومة من الحزب الاشتراكي ـ الديمقراطي، إلى أن تسهّل وصول اللاجئين إلى سوق العمل، وتجعل ألمانيا بلداً مفتوحاً رسمياً أمام الهجرة، لكن محافظين عديدين يرفضون أو يريدون، على العكس من ذلك، فرض رقابة أشد على الهجرة إلى ألمانيا. ويمكن الجزم بأن ثمة حاجة أوروبية حقيقية لطاقات اللاجئين رغم افتراءات الأحزاب اليمينية ضدهم.
مجتمعات أوروبية هرمة
تتمتع الدول العربية والإسلامية بكونها مجتمعات فتية نظراً لأن الأطفال يشكلون أكثر من خمسين بالمائة منها، بسبب الخصوبة العالية، في مقابل ذلك تعتبر المجتمعات الأوروبية هرمة، ولهذا تستند حاجة دول الاتحاد الأوروبي إلى دم جديد من جيل الشباب، أساساً، إلى وقائع ديموغرافية واقتصادية، حيث سيتراجع مجموع سكان تلك الدول بحلول عام 2030، بسبب تراجع معدلات الخصوبة بين النساء، واحتمالات ارتفاع نسبة كبار السن من عمر 65 عاماً فأكثر، لتصل إلى أكثر من (30) في المائة خلال العام المذكور، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع مجموع قوة العمل بشكل عام، وارتفاع معدلات الإعالة للعامل في دول الاتحاد الأوروبي.
مساهمة اللاجئين ستكون أساسية وجوهرية في سوق العمل لأول اقتصاد في أوروبا الذي يفتقر إلى اليد العاملة.
بعد جلاء انتخابات البرلمان الأوروبي.. اللاجئون على المِحَكّ
إيران بدأت ترد.. ماذا ستفعل أوروبا؟