تنطلق في مصر انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية
للبرلمان)، في الداخل يومي الثلاثاء والأربعاء 11 و12 آب/ أغسطس الجاري، وسط
انتقادات واسعة للمجلس الجديد ومرشحيه؛ بسبب غياب وجوه سياسية مؤثرة.
بحسب التعديل الجديد، يُشكّل مجلس الشيوخ، الذي عاد بعد
غياب سبع سنوات، من 300 عضو، ينتخب ثلثا أعضائه بنظامي القائمة والفردي، في حين
يعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن تكون مدة عضويته 5 سنوات.
من المقرر أن تُعلن نتائج الجولة الأولى لانتخابات
المجلس، يوم 19 آب/ أغسطس الجاري، وستجرى انتخابات الإعادة في أيلول/ سبتمبر
المقبل، على أن تعلن النتائج النهائية في السادس عشر من الشهر نفسه، وهي نتائج
محسومة سلفا، وفق مراقبين، أو على الأقل ثلثيها.
وفق القوائم النهائية للمرشحين، لم تترشح لثلث المقاعد،
الذي تبلغ مئة مقعد (من أصل 300) خصصها القانون للانتخاب بنظام القوائم المغلقة،
إلا قائمة واحدة (مستقبل وطن المحسوبة على الأجهزة السيادية)، ولا تحتاج سوى 5 في
المئة ممن يحق لهم التصويت، ليعلن فوزها، وهو المتوقع، ويتنافس الباقي على 100
مقعد للفردي، فيما يعين رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، الثلث الأخير.
وبحسب قانون مجلس الشيوخ، فهو يختص بدراسة واقتراح ما
يراه كفيلا بتوطيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية
للمجتمع، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته.
وكان مصدر قضائي بارز بالهيئة الوطنية للانتخابات في
مصر، كشف في تصريحات خاصة لـ "عربي 21"، أن الميزانية الأولية التقديرية
الموضوعة لإجراء انتخابات مجلس الشيوخ بجولتيها "الأولى والإعادة إن
وجدت"، المقرر أن تبدأ في 11 آب/ أغسطس الجاري، تقدر بنحو 2 مليار جنيه.
"مظاهر" لا "مجالس"
في معرض تعليقه، قال عضو مجلس الشورى السابق، ثروت نافع،
إن "المجالس النيابية في الدول الديمقراطية هي أدوات الشعب للرقابة على
السلطة التنفيذية، لكن في الدول الشمولية والعسكرية هي عبء لا أداة، فما سمي بمجلس
الشيوخ، وأي مجالس أخرى منذ انقلاب عام 1952، كانت مظاهر، وليست مجالس، كانت تعكس
رؤية الحاكم وليس الشعب، فلم تكن تعبر عن الشعب، أو تشرع له، أو تراقب من أجله، بل
تفعل ما تؤمر به".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"،: "كل هذه
المجالس هي مجالس شكلية؛ من أجل إيهام المجتمع الدولي أن هناك نظاما سياسيا في تلك
لدول، ولكن الدول الشمولية لا يهمها من في هذا المجلس، فالمرشح في تلك الدول
(الشمولية) ليس مُعبّرا عن الشعب، بل مُعبّرا عن إرادة النظام، وإذا كان سيكون أحد
أدواته، فليس هناك معايير محددة لهذا المرشح".
اقرأ أيضا: جمال عيد: عرضوا عليّ منصبا عقب الانقلاب على "مرسي"
"غياب الشخصيات المؤثرة"
من جانبه، وصف النائب المصري السابق، محمد فرج، ما يجري
بأنه "عملية ديكورية"، لاستكمال ما وصفه بـ "المشهد الهزلي في مصر
عبر غرفتي البرلمان، حيث إنه من المعروف مسبقا مَن سينجح من المرشحين لتأييد
النظام في سياساته وقراراته، ومحاولة تقديم وجوه جديدة، لكنها غير مؤهلة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "النظام يؤكد
أن ليس له أرضية، وليس لديه القدرة على إقامة انتخابات حرة نزيهة، كما أن ما يسمى مجلس الشيوخ بسلطته المحدودة لن يقدم شيئا يذكر، ومن الطبيعي ألا توجد أسماء
ناضجة لديها رؤية وفكرة وقاعدة جماهيرية؛ لذلك لا تظهر الشخصيات العامة
المؤثرة".
"تجريف الحياة السياسية"
من جهته قال المحلل السياسي محمد السيد، لـ"عربي21":
"بالنظر إلى المرشحين لمجلس الشيوخ، الذين من المفترض أن تتوافر فيهم الخبرة
والكفاءة، نرى مهازل في دعايتهم الانتخابية، تكشف مدى جهلهم وضحالة فكرهم"،
مشيرا إلى أن "ما يحدث في هذه الانتخابات مهزلة كبرى
بمعنى الكلمة، وإجرام في حق الشعب، ودليل على أن الحياة السياسية تم
تجريفها".
وأرجع ما يجري إلى "سيطرة العسكر على الدولة ونشر
الرعب والخوف في البلاد والتنكيل بالشرفاء، فلم يعد لدى النظام غير السيئ والأسوأ، فهم داعموه في الكوارث التي فعلها وما زال يفعلها، فقد اختفي أصحاب الرأي السديد
والحكمة من قيادة البلاد، وما نراه على الساحة من تعثر وفشل نتيجة طبيعية بسبب من
يتصدرون المشهد السياسي".
وأكد السيد أن "هذا المجلس سيكون صورة كربونية من
مجلس النواب، الذي لم يعترض على أي قرار اتخذته الحكومة أو اتفاقية وقعها السيسي،
والشيوخ سيكون على غراره؛ لترضية بعض المحسوبين على النظام، ولن يكون له أي دور في
الحياة السياسية، بل سيمثل عبئا على خزينة الدولة".
"وليمة ملكية"
بدوره، انتقد عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان
المسلمين، البرلماني السابق، أمير بسام، هبوط مستوى المرشحين، وقال في منشور له
على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "من أهم إنجازات الإخوان حينما دخلت
المعترك السياسي أنها ارتقت بمستوى المرشحين، ولكن بغيابهم حدثت الانتكاسة".
وأرفق بسام المنشور بمقطع فيديو لمرشح في انتخابات مجلس
النواب عام 2015.
وتداول مغردون قبل يومين صورا تظهر وليمة ضخمة أقامها
مرشح تابع لحزب "مستقبل وطن" في محافظة المنوفية، المحسوب على الأجهزة
السيادية، وسط موجة انتقادات وغضب؛ بسبب ما
وصفوه بالتبذير والإسراف من أجل المظاهر.
ووصف مغردون الوليمة "بالملكية"، التي من
المتوقع أن يجني صاحبها من وراء عضوية مجلس الشيوخ الكثير من المال أو المصالح
والمنافع الشخصية.
سياسيون يؤكدون عزوف المصربين عن "انتخابات الشيوخ"
حزب يساري مصري يعلن مقاطعة انتخابات "الشيوخ"
تصريحات بايدن ضد السيسي.. موقف حقيقي أم مزايدة انتخابية؟