يقول النائب ينال فريحات إن عدم استجابة الحكومة للمذكرة النيابية التي تطالب بطرد السفير الصهيوني تمثل اغتيالا سياسيا لمجلس النواب، وهذا الكلام يحمل اتهاما مباشرا وحادا.
كلام النائب جاء على خلفية مطالبة عشرات النواب بطرد السفير الإسرائيلي في عمان، عبر مذكرة غير ملزمة أساسا للحكومة، التي وعدت بدراستها، ولو كانت الحكومة تعتزم اتخاذ مثل هذا القرار، لقامت به منذ وقت مبكر، ولن تقوم به الآن، وسط المعلومات عن احتمال حدوث هدنة في فلسطين، أو غزة، لكن الحكومة تركت للكل المجال للتعبير عن الموقف، عبر المسيرات والمظاهرات والإعلام والبرلمان والبيانات، فيما الجانب الإجرائي المرتبط بقرارات مثل طرد السفير، أو منع دخوله، تم التصرف على أساس متحفظ، يختلف عن الأداء الشعبي، وكأنه يقال إن عمان لديها مسربان متوازيان، واحد رسمي، وآخر شعبي.
لكن هذا الكلام عن الاغتيال السياسي، يجب أن يفتح كل الملف، وليس مجرد قصة مذكرة طرد السفير، أي دور النواب، وصلاحياتهم، دستوريا، وقانونيا، وعلاقتهم مع الحكومات.
لا يمكن أن يكون لدينا برلمان قوي، وهذا استنتاج بعد سنين طويلة، من الأدلة لاعتبارات كثيرة، أبرزها أن الناس لا يشاركون أساسا في الانتخابات إلا بنسب قليلة، وهذا يعني أن البرلمان غير ممثل لكل المواطنين، وثانيها أن هناك تدخلا يجري في الانتخابات، شهدناه مرارا في مرات سابقة، عبر العبث بالصناديق، او هندسة خريطة المرشحين، أو حتى عبر شكل قانون الانتخاب، وثالثها أن الناس يوظفون النواب، لحل الإشكالات والوساطة ولا يمكن لنائب يتوسل أي حكومة، أن يكون قادرا على ممارسة دوري الرقابة والتشريع، ورابعها أن هناك تدخلا سياسيا في العتمة في عمل النواب ذاته، عبر منع بعض التحركات، أو إفشال مذكرات، إو توظيف النواب لتمرير قرارات غير شعبية، وخامسها إننا بحاجة الى إصلاحات دستورية، وللنظام الداخلي لمجلس النواب، حتى يكون قادرا على ممارسة صلاحياته، بطريقة تختلف عما نراه، والذي أدى مثلا إلى عدم إلزام الحكومة بمذكرة نيابية، وهي حالة للأسف لا تخالف الدستور من حيث النصوص، أساسا، وإن كانت تخالف روح الدستور، عبر تعامي الحكومة، عن مطالب النواب الذين يمثلون الشعب، من انتخب منهم ومن لم ينتخب.
اتهام النائب فريحات للحكومة بالاغتيال السياسي، على حساسيته، إلا أنه ليس جديدا، إذ شهدنا على مدى حكومات سابقة، الممارسة ذاتها بطرائق مختلفة، خصوصا، تلك الممارسات الناعمة، التي تؤدي إلى النتيجة ذاتها، خصوصا، من وراء الكواليس بعيدا عن الأعين.
لكن تشخيص المشهد والظاهرة، أمر غير كاف، والكل في الأردن، يعرف اين تكمن العلل، ونريد الحلول، والحل في هذه الحالة تحديدا، إعادة فتح الدستور، وتعديله خصوصا في المواد المرتبطة بالنواب، وصلاحياتهم، إضافة إلى إصلاح النظام الداخلي لمجلس النواب، وهنا أدعو صراحة ليقوم النائب مع ثلة من رفاقه، بالتحشيد لإعادة فتح الدستور، ومراجعته، فهذا أمر متاح، ويعد من باب الإصلاح السياسي أيضا، وإلحاق هذه العملية بإعادة مراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب، لتصحيح كثير من العلل فيه، التي تؤدي إلى إضعاف النواب، والتحكم بكل الأداء، عبر محددات قد لا تكون منطقية في بعض الحالات.
إذا كنا نريد الإصلاح السياسي حقا، فيمكن البدء منذ الآن، قبل تعديل قانون الانتخاب، والأحزاب وغير ذلك، عبر إصلاح العلاقة بين الحكومات والنواب، حتى لا نبقى ندور في الفلك ذاته، ونلاعب بعضنا بعضا، فهذا يكتب مذكرة، وذاك يوقع، وثالث يسحب توقيعه، ورابع يقول إنه لم يعرف عن المذكرة، وخامس لا يرسل المذكرة إلى الحكومة، وسادس يقول إننا سندرسها إذا وصلتنا، وهكذا يضيع الوقت في لعبة لا تليق بالحياة السياسية في الأردن.
تشخيص العلل في حياتنا السياسية، باتت مهمة الملايين في الأردن، الذي يعرفون كل شيء، وقد اكتفينا من التشخيص ونريد الحلول، بدلا من المظلومية التي يتهم كل طرف الآخر بالتسبب بها، دون أن يوقف أحدنا، هذه القصص، التي حفظناها منذ أن وعينا في هذه الدنيا.
تطور في السرد الإسرائيلي الفلسطيني داخل الولايات المتحدة
معايير تقييم جولة التصعيد الحالية بين المقاومة والاحتلال