لا تزال تداعيات قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط بكميات غير مسبوقة تتصاعد إقليميا وعالميا، وتتسبب بتغييرات واضحة على العلاقات الدولية. لم يقتصر تأثير هذا القرار على العلاقات الأمريكية- السعودية، ولكن يبدو أنه قد يتعداه لعلاقة المملكة مع أهم حلفائها العرب، وهي الإمارات العربية المتحدة.
خلافات داخل أوبك+
قال منسق البيت الأبيض في مجلس الأمن القومي جون كيربي إن دولا أعضاء في أوبك أخبرت الولايات المتحدة سرا أنها عارضت قرار السعودية، ولكنها شعرت أنها مضطرة لتأييد التوجه السعودي.
وبحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن الإمارات والعراق لم تكونا راغبتين في تمرير القرار السعودي- الروسي بتخفيض الإنتاج، حيث أبدى مندوبا البلدين شكوكهما خلال اجتماع أوبك+ حول هذا القرار.
اقرأ أيضا: الرياض رفضت طلبا أمريكيا بتأخير خفض الإنتاج.. وقلق إماراتي
وأضافت الصحيفة، نقلا عن عدة مصادر حضروا الاجتماعات، أن مندوب أبو ظبي حاول تأجيل القرار عندما فشل في وقفه، ولكنه فشل في ذلك أيضا.
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة وول ستريت جورنال، إن الإمارات العربية المتحدة، عارضت خفض الإنتاج ودعت سرا إلى تأجيله لمدة شهر تماشيا مع الطلبات الأمريكية. وقالوا إنه في الأيام التي سبقت اجتماع أوبك + في 5 أكتوبر / تشرين الأول في فيينا، تواصل المسؤولون الإماراتيون بشكل مكثف مع نظرائهم السعوديين والأمريكيين في محاولة لمنع القرار.
ويلقي الموقف الإماراتي شكوكا حول علاقات أبو ظبي بجارتها الخليجية، بعد سنوات من توافق البلدين في غالبية الملفات الإقليمية، وشراكتهما في الحرب في اليمن.
رسائل مختلطة
ترسل الإمارات رسائل مختلطة فيما يتعلق بملف إنتاج النفط ضمن مظلة أوبك+. أظهر خطاب أبو ظبي الرسمي والمعلن دعما واضحا لقرار أوبك+ بخفض الإنتاج الذي أدى لارتفاع كبير في أسعار النفط، وتسبب بغضب أمريكي تجاه السعودية أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك. ولكن الإمارات بحسب التقرير الذي أشير له سابقا كانت تعارض القرار في اجتماع التحالف النفطي الأكبر في العالم.
وتذكِّر هذه الرسائل المختلطة بتصريحات سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة في آذار الماضي، حيث أكد أن بلاده تؤيد خفض إنتاج النفط وضبط الأسعار، وهو التصريح الذي نفاه مسؤولون إماراتيون فيما بعد.
وكانت الإمارات عارضت اقتراحا سعوديا في تموز/ يوليو من العام 2021 لرفع الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، وهو الاقتراح الذي قدمته السعودية لتعويض خسائر مرحلة الركود في أعقاب تفشي جائحة كورونا.
ووجه وزير النفط السعودي عبد العزيز بن سلمان في ذلك الوقت نقدا لاذعا للإمارات دون أن يسميها، وطالب بضرورة اتخاذ قرارات "عقلانية وتسووية" معتبرا أن زيادة الإنتاج في ذلك الوقت ليست أمرا ثانويا بل هي أمر حيوي لعلاج الضرر الذي سببه تفشي "كورونا".
اقرأ ايضا: الإمارات تنفي تصريحات سفيرها في واشنطن بشأن إنتاج النفط
وتطرح الرسائل المختلطة التي ترسلها الإمارات تجاه سياسة النفط السعودية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة تساؤلات حول الهدف من هذه الرسائل، وإن كانت خلافا في وجهات النظر أو محاولة للابتعاد عن العواقب التي قد تطال الرياض بسبب سياساتها النفطية.
ويقول البروفيسور في جامعة "جورج ماسون" الأمريكية مارك كاتز إن هذه الرسائل المختلطة يمكن فهمها بعدة اتجاهات، فمن جهة يمكن اعتبار أن تصريحات العتيبة "تهدف للحفاظ على علاقات جيدة لأمريكا مع بلاده ومحاولة منه لتشجيع أبو ظبي لعمل الأمر الصحيح من واشنطن أو على الأقل أنه افترض أن بإمكانه فعل ذلك، بينما تسعى أبو ظبي للحفاظ على العلاقات جيدة مع السعودية وروسيا وواشنطن بنفس الوقت".
وأضاف أستاذ السياسات والحوكمة في تعليق لـ"عربي21" أن التصريحات المختلفة يمكن فهمها أيضا بأنها "جهد منسق لتحقيق الهدفين معا: الحفاظ على علاقة جيدة مع السعودية وروسيا، ومنح إدارة بايدن أملا بأن الإمارات أقل تمردا من السعودية". وأشار كاتز إلى أن الإعلام والكونغرس يركزان أكثر على السعودية منه على الإمارات.
من جهته، يرى كبير الباحثين في معهد السياسة الخارجية في جامعة جونز هوبكينز دانيال سيروار، أن الإمارات ليست بحاجة لرفع أسعار البترول لتصل إلى 100 دولار للبرميل فيما تحتاج السعودية لذلك.
وأضاف سيروار، المتخصص في فض النزاعات في تصريح لـ"عربي21"، أن الإمارات أكثر اهتماما بالحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات غالبا ستعالجان الاختلافات بينهما وستحاولان إظهار الوحدة إلى الواجهة.
وفد سعودي يصل صنعاء وسط ترقب لصفقة تبادل أسرى
كيف سيؤثر قرار "أوبك+" على العلاقة بين الرياض وواشنطن؟
ماذا يعني دخول جماعة الحوثي في حروب الطاقة؟