على
وقع تصاعد التهديدات التركية ببدء عملية عسكرية برية ضد مواقع تنظيمات تعتبرها أنقرة
"إرهابية" في شمال
سوريا، تثار التساؤلات عن تأثير هذه العملية المرتقبة
على ما يجري من تقارب بين
تركيا والنظام السوري.
ومنذ
صدرت أولى التهديدات التركية بالعملية العسكرية، رداً على التفجير الذي ضرب إسطنبول
في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، والتحليلات تتباين بشأن تداعيات هذه العملية على
ما يجري من محاولات لتطبيع
العلاقات السياسية بين النظام السوري وتركيا، وهو التفصيل
الذي يجعل هذه العملية تجري في ظروف سياسية مختلفة عن سابقاتها (درع الفرات، غصن الزيتون،
نبع السلام) التي نفذها الجيش التركي في الشمال السوري.
وحتى
الآن، تبدو دعوات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) قوات النظام السوري للقتال معها في
وجه تركيا، وكذلك إعلان النظام السوري عن رفضه أي عملية عسكرية تركية، مشابهة لتلك
التي سُجلت قبل العمليات العسكرية التركية السابقة.
ما تأثير
العملية على تقارب أنقرة مع دمشق؟
وفي
هذا الإطار، يلفت الكاتب والمحلل السياسي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، إلى أن تركيا ما زالت تعلن عن رغبتها بتحسين العلاقة مع النظام السوري.
وكان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أكد قبل أيام أنه "ليس هناك خلاف أو استياء
أبدي في السياسة"، مضيفا في رده على سؤال أحد الصحفيين، حول احتمالية لقاء رئيس
النظام السوري بشار الأسد: "يمكن تقييم الوضع عندما يحين الوقت، وتجديده وفقًا
لذلك".
ويرى
سليمان أوغلو، أن من شأن أي عملية عسكرية تُقدم عليها بلاده في سوريا تقوية للموقف
التركي في سوريا، معتبرا خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "خضوع المزيد
من المناطق السورية للنفوذ التركي، يحسن من شروط أنقرة التفاوضية مع دمشق، ما قد يدفع
بالعملية السياسية السورية نحو الأمام".
تداعيات
سلبية
أما
المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام، عمر رحمون، فأكد أنه
"سيكون للعملية التركية المحتملة تأثير قوي على التقارب الحاصل بين دمشق وأنقرة"،
وقال لـ"عربي21": "هذه العملية ستزيد الشرخ في العلاقات المتوترة أساساً".
وأضاف
رحمون أنه "لا توجد علاقة بالأصل وكل ما جرى هو محاولة لتقريب وجهات النظر أما
التقارب الحاصل، فهو تقارب وهمي حتى اللحظة والشرخ كبير والجرح عميق وستزيد العملية
في حال حصلت الجفاء والبعد الموجود أصلاً".
وأكد
أنه "رغم كل الخلاف مع "قسد" فإنه لا يمكن أن تكون دمشق إلا ضد العدوان
والاحتلال".
لكنه
أضاف: "هذا لا يعني أن يقاتل الجيش السوري جيش الاحتلال التركي لأسباب كثيرة أهمها
وجود المحتل الأمريكي شرقي الفرات وتمسك "قسد" بالحلم الانفصالي وعدم تسليم
المنطقة للحكومة السورية".
وفي
الإطار ذاته، يستبعد الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور محمد سالم،
أن يساند النظام "قسد" في قتال الجيش التركي في حال بدأت العملية البرية،
مرجعاً ذلك إلى "عدم امتلاك النظام القدرة العسكرية على مواجهة الجيش التركي،
وكذلك إلى عدم وجود القرار الروسي الذي يسمح للنظام بذلك".
ويضيف
لـ"
عربي21" أن العملية ستكون بتنسيق تركي مع روسيا التي طرحت فكرة نشر عناصر
من "الفيلق الخامس" المدعوم من موسكو على طول الشريط الحدودي السوري-التركي
لتجنب العملية، وقال: "لكن النظام لا يبدو مرناً مع المقترحات الروسية، ما يعني
احتمالية التأثير السلبي على الوساطة الروسية بين النظام وتركيا".
لا تداعيات
على تقارب تركيا مع النظام
في المقابل،
يستبعد المحلل السياسي أسامة بشير أن يكون للعملية العسكرية التركية أي تداعيات على
تقارب الأخيرة مع النظام السوري، ويقول لـ"
عربي21": "إن اتخذت تركيا
قرار المعركة، فإنها لن تكون واسعة الوجهة، وستكون محدودة وخاطفة وبالتنسيق مع الروس
الذين يمتلكون قرار النظام".
ويقول
بشير إن تركيا لن تتورط في التوغل في العمق السوري، ويضيف: "لن تؤثر العملية على
التقارب بين أنقرة ودمشق، رغم أن الأخيرة ستطلق بعض التصريحات الرافضة التي لا تعني
الكثير".
كذلك،
فإنه بحسب المحلل السياسي، لن يشارك النظام في أي مواجهة مع تركيا، لكن في الوقت ذاته لن
يرفض التنازلات التي تقدمها "قسد".
والأحد،
كانت الرئاسة الروسية قد تحدثت عن وجود خلافات مع تركيا في سوريا، مضيفة في بيان، أن
"هناك بعض الخلافات بين روسيا وتركيا بشأن سوريا، لكن مستوى العلاقات بين البلدين
قادر على تجاوز الخلافات من خلال المحادثات".