صعّدت هيئة
تحرير الشام التي تسيطر على قسم من الشمال
السوري وعاصمته
إدلب، من عملياتها العسكرية النوعية، فنفذت أربع عمليات خلال أسبوع
واحد، وهو ما تزامن مع تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعلن فيها رغبته
لقاء رئيس النظام السوري بشار
الأسد، الأمر الذي أثار غضب القوى المختلفة،
وتحديداً العسكرية منها، فكان أن نوّعت عملياتها العسكرية على امتداد الجغرافيا في
الشمال، وكذلك على امتداد ألويتها العسكرية المتعددة التي نجحت في تشكيلها خلال
السنوات الماضية، لترسل رسائل متعددة للأطراف المعنية.
استغل المقاتلون الحالة المناخية التي سادت الشمال السوري،
حيث الضباب يسيطر على المنطقة برمتها، مما
يجعل التسلل سهلاً، فكانت العملية النوعية الأولى في جبال اللاذقية المجاورة
لإدلب، حيث تمكن مقاتلو الهيئة بحسب إعلامها من قتل 11 عنصراً وجرح أربعة آخرين،
مع تدمير دشمتين للعصابات الأسدية. وفي ريف حلب بمنطقة قبتان الجبل تمكن المهاجمون
من قتل عنصرين تابعين لقوات الأسد، على أن يتبعها هجوم آخر في ريف إدلب الشرقي
بمنطقة داديخ، حيث تم نسف الأبنية التي كان يتحصن فيها مقاتلو الأسد، مما أسفر عن
مقتل ستة عناصر. لكن العملية الأنكى والأشد كانت في منطقة الأربيخ شرقي إدلب حيث
تمكن المقاتلون من قتل 13 عنصراً وجرح 3 آخرين. واعترف حزب الله بمقتل أحد قادته،
ونعاه على صفحاته، بينما نجح المهاجمون في تدمير مقرات كانت تتحصن بها عصابات الأسد،
واغتنام عدة أسلحة وذخائر.
يعتقد البعض أن سحب العصابة الطائفية لمقاتليها باتجاه مناطق مليشيات قسد تماهياً مع التقارب التركي مع عصابات الأسد، ربما سيدفع المقاتلين في الشمال السوري إلى استغلال ذلك في فتح جبهات، وهو الأمر الذي قد يُضعف الموقف التركي
الظاهر أن العمليات أتت كرسائل من هيئة تحرير الشام
على رفضها تصالح
تركيا مع النظام السوري، حيث إنها آثرت على ما يبدو إرسال رسائل
عملية أكثر من التصريحات. ومع تنامي الحديث عن سحب قوات النظام السوري لمليشيات
زينبيون وفاطميون وحتى مقاتلي حزب الله؛ من مناطقه باتجاه إيران، لمواجهة انتفاضة
الشعب الإيراني، يبدو أن المقاتلين في الشمال عازمون على استغلال هذه الفرصة
لتعزيز حضورهم، وتوسيع رقعتهم الجغرافية، خصوصاً مع انشغال روسيا بالحرب
الأوكرانية، وغوصها أكثر فأكثر في الرمال الأوكرانية.
ويعتقد البعض أن سحب العصابة الطائفية لمقاتليها
باتجاه مناطق مليشيات قسد تماهياً مع التقارب التركي مع عصابات الأسد، ربما سيدفع المقاتلين
في الشمال السوري إلى استغلال ذلك في فتح جبهات، وهو الأمر الذي قد يُضعف الموقف
التركي، في عجزه عن ضبط الفصائل السورية في الشمال السوري.
وقد تسرّبت معلومات عن تواصل إيران مع فصائل ثورية
تعرض عليها احتفاظها بمناطقها مقابل الابتعاد عن تركيا، وإن كانت هذه الفصائل قد
رفضت الدعوة، لكن هذا الأمر قد يشي بإمكانية خلط الأوراق من جديد، لا سيما وأن
طهران تم استبعادها من دعوة الرئيس التركي لقمة تضم الأسد مع بوتين، وهو ما زاد من
حنق إيران، لكن انشغالها باحتجاجاتها الداخلية يحول دون إبداء رأيها.
النظام السوري ليس لديه ما يمكن أن يقدمه إلى تركيا،
لا اقتصادياً ولا سياسياً ولا حتى أمنياً، فالكل يرى ويتابع فشله في درعا البعيدة
ساعة واحدة بالسيارة عن دمشق، فكيف يستطيع أن يضبط حدوداً طويلة مع مليشيات قسد.
لقد انتهى هذا النظام ليس شعبياً فقط، وإنما عسكرياً، بعد أن تفسخ تماماً، ومن ثم
إن كان عاجزاً عن ضبط مناطقه والسيطرة عليها، فهل يقدر على ضبط حدود طويلة مع
تركياً؟ فضلاً عن أكاذيبه السابقة لعقود، فيعلن محاربة عصابات بي كي كي، ثم تراه
يستغلها ضد تركيا، وهكذا يواصل لعبة القط والفأر.
النظام السوري ليس لديه ما يمكن أن يقدمه إلى تركيا، لا اقتصادياً ولا سياسياً ولا حتى أمنياً، فالكل يرى ويتابع فشله في درعا البعيدة ساعة واحدة بالسيارة عن دمشق، فكيف يستطيع أن يضبط حدوداً طويلة مع مليشيات قسد. لقد انتهى هذا النظام ليس شعبياً فقط، وإنما عسكرياً، بعد أن تفسخ تماماً، ومن ثم إن كان عاجزاً عن ضبط مناطقه والسيطرة عليها، فهل يقدر على ضبط حدود طويلة مع تركياً؟
كل المؤشرات تؤكد أن النظام السوري ميّت سريرياً، وكل
العلامات تشير إلى الحالة التي وصل إليها النظام من عجز عن توفير المحروقات،
وإعلان عجز عن دفع رواتب موظفيه، وإفلاس البنك المركزي، ورفض سدنته من روسيا
وإيران لدعمه اقتصادياً، ما يؤكد أن النظام انتهى إلى غير رجعة.
وفوق هذا يأتي قانون ملك المخدرات الذي اعتمد من قبل
الكونغرس الأمريكي وليوقع عليه الرئيس جو بايدن، لتفكيك شبكات مخدرات عصابات الأسد
التي غدت بحسب القانون الأمريكي خطراً على الأمن الدولي.
ويبقى الغرق الإيراني باحتجاجاته، والروسي في أوكرانيا؛
الأساس في الحكم على العصابة الأسدية، التي تواجه موجة مظاهرات غير مسبوقة في
السويداء، وتهديداً بعصيان مدني من مؤيديها على امتداد المناطق التي تحكمها،
احتجاجاً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وهو أمر يعني انهيار منظومة
الحكم بشكل كامل. وما على السوريين إلاّ الاستعداد الحقيقي والفعلي لتلك اللحظة
القادمة دون شك.