نشرت صحيفة "
الغارديان" مقال رأي
أعده سايمون تيسدال، قال فيه إن حملة الرئيس الأمريكي جو
بايدن لدعم
الديمقراطية في العالم محلها الفشل.
قال الكاتب سايمون تيسدال، إن حملة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لدعم
الديمقراطية في العالم مردها إلى الفشل.
وأشار تيسدال في مقال بصحيفة الغارديان ترجمته
"عربي21"، إلى إن الأداء النشط الذي قدمه بايدن في كييف ووارسو، أظهره بصورة
رجل شاب في حملة انتخابية.
وتهكم الإعلام الروسي بأن الرئيس الأمريكي يسخن
نفسه لانتخابات الرئاسة عام 2024، ولم يفهم الروس الأمر، فـ"الرئيس لا يسخن
نفسه، بل وينوي الترشح في حملة لإعادة انتخابه، لكن تدفق الأدرينالين في الأسبوع
الماضي كان له سبب آخر، فبايدن يقدم نفسه بأنه نسخة جديدة من قلب الأسد، ويقود حملة
دولية ضد الرجال الأشرار أو ما يطلق عليها امتحان لكل العصور، ويعتقد أنه يملك
المبادرة، وأن قضية الديمقراطية تنتصر، وللأسف فهو مخطئ".
وقال الكاتب: "يقصد بايدن بالرجال الأشرار
الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، حيث أكد خطابه الواهم في موسكو فكرة إمبراطورية
الشر التي أطلقها رونالد ريغان عن الاتحاد السوفييتي السابق".
ومن الناحية الخطابية، يستهدف بايدن المستبدين
والطغاة في كل مكان، وأي شخص يتحدى النموذج الديمقراطي. وهذا يضم حكومات تحكم نصف
البشرية تقريبا مثل الصين والهند والكثير من دول أفريقيا. ويرى الكاتب أن تقسيم
بايدن للعالم "معنا وضدنا" يحمل ترددات غير مريحة لجورج بوش عام 2001،
وبوتين نفسه.
وفكرة أن الولايات المتحدة تحمل قدر الدفاع عن
الحرية والديمقراطية في أي مكان، هي رسالة تجد قبولا لدى الناخب الأمريكي. على
الأقل مرة وفي أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي وعندما تشكلت عقلية جو
بايدن. ولم يعد هذا موجودا، فرغم نزعة بوتين الإمبريالية والعدوانية، فقد ولى ذلك
العهد.
ويتسم الزمن الحالي بتعدد الأقطاب والجيوسياسة
المعقدة. فبعد العراق وأفغانستان، بات الكثير من الأمريكيين يتساءلون عن السبب
الداعي لتحمل أمريكا مسؤوليات القيادة العالمية، مثلما تبنى جيل بايدن الفكرة ومن دون تفكير.
وربما اتخذ الرئيس المقبل، ديمقراطيا كان أم
جمهوريا، موقفا أقل كلفة، وركز على الداخل، وبايدن هو الأخير من جيله.
وتابع الكاتب: "لو كان هذا صحيحا،
فالتعهدات التي أطلقت في وارسو قد تطول طول إقامة بايدن في الحكم. ومن المقلق أن
أمن أوروبا يعتمد على هذه الآراء، رغم دفاع الزعيم الضعيف البالغ من العمر 80 عاما
عنها وبحرارة. وهذا نقاش قوي، حيث أصبح بايدن العازل الوحيد لأوروبا، ولكنه عازل
مسن، وقد يسقط.
وأضاف: "صحيفة نيويورك تايمز لاحظت أن الحرب في
أوكرانيا هي عن القوة ومبادئ السيادة على الحدود، سواء نجا النظام العالمي المصمم
غربيا وتفوق على التحديات الجديدة من
روسيا والصين. لكنها منافسة وبشكل متزايد
بين رجلين عجوزين من الحرب الباردة، واحد عمره 70 عاما (بوتين) والثاني عمره 80
عاما".
وقال الكاتب: "لو افترضنا أن بايدن لا يزال
مناسبا للرئاسة، إلا أن الكثير من الناخبين يرون أن عليه تسليم الراية. ليس لأنهم
لا يحبونه، ولكن لاعتقادهم أنه عجوز، وسيكون عمره 86 عاما في نهاية ولايته الثانية.
ولاحظ الأصدقاء أن بايدن خاض الحملة الانتخابية وهو جالس في الطابق الأرضي من بيته
في بديلاوار بسبب قيود كورونا، وستكون حملات العام المقبل مجهدة جسديا".
وقالت المعلقة ميشيل غولدبرغ إنه يجب على بايدن
الخروج وهو متقدم، "كان بايدن زعيما عظيما، وأوفى بالكثير من وعوده
الانتخابية، لكن عليه ألا يترشح مرة ثانية"، وفي استطلاعات أخيرة، هناك نسبة
78% من الديمقراطيين والميالين لهم توافق على أداء الرئيس، إلا أن نسبة 58% تريد
مرشحا جديدا.
وقال المحلل عزرا كلاين إن بايدن فاجأ كل شخص
من خلال تحديد مكاسب الجمهوريين وهزيمته لترامب المؤيد لماغا أو لنجعل أمريكا قوية
مرة أخرى في انتخابات التجديد النصفي. وربما فعل هذا مرة أخرى عام 2024. كما ونجح
بالخروج من عباءة باراك أوباما، حيث لعب دور المساعد له لمدة 8 أعوام.
ورأى الكاتب أن بايدن ربما يكون "تحلل
بايدن من ماضيه في الداخل ولكن ليس في الخارج. فمثل أوباما فهو حذر، وقراره
المتحمس تزويد أوكرانيا بأحسن الأسلحة استفز بوتين لتدمير واسع، وهو دمار كان يمكن
تجنبه. ولا تزال تايوان دون استراتيجية واضحة وأسلحة يمكنها رد الغزو
الصيني. وفشلت دبلوماسية الاتفاق النووي مع إيران، أما السياسة الإسرائيلية-
الفلسطينية، فهي فراغ تحدث فيها الأشياء السيئة. وكان انسحابه من أفغانستان كارثة
عارا. وعندما يتعلق الأمر بالكفاح الذي يترك آثاره المهمة؛ الحريات العالمية
والقوانين والقيم، يخسر بايدن أرضية في كل مكان".
واستعرض الكاتب وعود بايدن بشأن الديمقراطية في
العالم، وقال: "صحيح أن أوكرانيا نجت، لكن ماذا عن الجارة بيلاروسيا؟ حيث راقب
الغرب دعاة الديمقراطية وهم يسحقون، وماذا عن ميانمار؟ حيث دعمت الصين الطغمة
العسكرية وانتهاكاتها اليومية وجرائمها ضد الإنسانية؟ وفكر أيضا بهونغ كونغ، حيث
أصبحت حرية التعبير ذكرى، وفكر بالمسلمين المضطهدين في شنجيانغ، كشمير، فنزويلا،
نيكاراغوا، سوريا، الضفة الغربية، اليمن، التيغراي، مالي، كمبوديا، وكل ثقوب الديمقراطية، حيث
فشلت الولايات المتحدة وحلفاءها التحرك فيها أو غضت طرفها أو كانت متواطئة.
واعتبر أن هذا هو البديل المضاد لرواية بايدن،
وهو واقع معقد عن عالم منقسم لعدة أقسام، وليس إلى قسمين، بين الديمقراطيات
المتحدة وروسيا والصين والقوى الصاعدة في القرن الحادي والعشرين بعالم الجنوب، والتي لم تعد تلتزم بالقيم الأوروبية الأطلنطية النابعة من القرن الثامن عشر، الجمعية
الصينية أو المدرسة الشمولية السوفييتية القديمة. وفكرة شن الغرب حربا
عالمية ناجحة للديمقراطية الحديثة أو حربا باردة ثانية، تصم أذنها للتاريخ، وتتعامى
عن التغيير وإمبريالية جديدة، وأكثر من هذا فهي حملة فاشلة من البداية.
وختم بالقول: "ربما كانت نية بايدن صادقة،
ولكن أثر العجز باد عليه، وخطابه المبهرج الذي عفا عليه الزمن هو
تعبير عن طريق جيوسياسي مسدود، فقد تحرك العالم للأمام، ومثل مبارزه الروسي، لم
يتغير بايدن".