صحافة دولية

لعنة النفط تصيب البنوك.. اهتزاز الاقتصاد وزيادة التضخم

أزمة الطاقة هزت الاقتصاد وزادت من التضخم وهو الأمر الذي وضع مصرف كريدي سويس في موقف صعب- جيتي
نشرت صحيفة" لوتون" السويسرية مقال رأي لكاتب العمود لوران هورفاث، تحدث فيه عن النفط الذي تم اعتباره المشتبه به (رقم واحد) في كل أزمة مالية تقريبا.

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي 21"؛ إنه منذ سبعينيات القرن الماضي، تم اعتبار النفط المسؤول الرئيسي عن كل أزمة مالية تقريبًا، وخاصة في سنة 2008. فمن كانون الثاني/ يناير 2007 إلى أيلول /سبتمبر 2008، وتحت ضغط الاقتصاد المحموم، استمر الطلب على النفط في الزيادة إلى حد تجاوز قدرات الاستخراج والانخراط في دوامة تصاعدية؛ فمن سعر 50 دولارا للبرميل، تخطت أسعار النفط حاجز 100 دولار، لتصل إلى حدود 147 دولارا للبرميل.

وبيَّن الكاتب أن هذه الظاهرة تسببت في حدوث تضخم مزمن، من خلال زيادة تكلفة النقل وإجمالي إنفاق الأسرة. ولمواجهة هذه الظاهرة؛ كان على البنوك المركزية، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، استخدام السلاح الوحيد المتاح لها والمتمثل في زيادة أسعار الفائدة. وعلى ضوء ذلك -ولكونهم غير قادرين على سداد أقساط قروض الرهن العقاري الخاصة بهم-، فجّر أصحاب العقارات أزمة الرهن العقاري.

اهتزاز الاقتصاد وزيادة التضخم

وأوضح الكاتب أنه كان يجب انتظار وصول النفط الصخري الأمريكي للمساعدة في إعادة تشغيل محرك الاستهلاك العالمي؛ حيث فتحت هذه المكاسب غير المتوقعة فرصا جديدة للبنوك.

وذكر الكاتب أنه في قلب تلك الأزمة؛ نجد شركة بلاك روك الأمريكية لإدارة الاستثمار والبنك الوطني السويسري، فعلى الرغم من أن ميثاق الاستثمار المالي للبنك الوطني السويسري، ينص على "أنه يمتنع عن شراء أسهم الشركات التي تتسبب بشكل منهجي في إلحاق أضرار جسيمة بالبيئة"، إلا أنه غمر نفسه في عمليات شراء ضخمة للنفط والغاز الصخري والفحم في السوق الأمريكية. وبعد مواجهته بشكل مفاجئ مع قائمة كاملة بالأسهم المملوكة؛ رفض رئيس البنك الوطني السويسري جان ستودر ومديره توماس جوردان شرح هذا السلوك غير الأخلاقي، الذي يتعارض مع ميثاقهما وغطى على الخسائر المقدرة بمليارات الدولارات؛ نتيجة إفلاس شركات البترول. كعقوبة؛ تم تعيين توماس جوردان رئيسا للمؤسسة.

وتابع الكاتب قائلا؛ إنه اليوم - مرة أخرى - تهز أزمة الطاقة الاقتصاد وتزيد من التضخم، وهو الأمر الذي وضع مصرف كريدي سويس في موقف صعب، يتمثل فيما يُعرف "بتأثير الدومينو"؛ أي ارتفاع أسعار الفائدة، فلقد تم الإعلان عن زيادة في أسعار الفائدة منذ أشهر، ولم يتوقع أي من كبار المسؤولين التنفيذيين الثلاثة عشر بالبنك حدوثها.

لكن الواقع مختلف تماما؛ حيث كان من المنتظر ضخ 104 مليارات دولار في الاجتماع العام لمساهمي البنك. ومن قبيل الصدفة، تبين أن المساهمين الرئيسيين في البنك هما المملكة العربية السعودية وقطر.

وأفاد الكاتب؛ أنه بهذه الطريقة، يحمل بنك "يو بي إس" الجديد نعش بنك مات في المعركة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وهو بنك لديه كل الخصائص التي تجعله يتحول إلى "فرانكشتاين/مؤسسة كبرى"، خاصة أنه قبل هذا الإعلان مباشرة، أكدت وكالة الطاقة الأمريكية أن الولايات المتحدة يجب أن تصل إلى مستوى إنتاج نفط يبلغ 12.5 مليون برميل يوميا بحلول سنة 2025.

وحسب شركة شيفرون للنفط؛ يأتي القلق من معدل النضوب السريع للغاية للودائع. فمن جانبها -بسبب الحظر الغربي-، لن تتمكن روسيا من إمداد العالم بموادها الهيدروكربونية الصخرية، التي كان من المفترض أن تتولى المهمة عن الأمريكيين.

وفي الختام، أشار الكاتب إلى أنه في غضون بضعة أشهر، في نهاية فترة الركود، هل يجب أن نشير إلى أن النفط سيؤثر بكل ثقله على النمو الاقتصادي، وأن بنوك سويسرا ستكون غير مستعدة على الإطلاق للتغيرات التي قد تحدث؟؛ مشيرا إلى أنه على ما يبدو أن لعنة النفط لا تنطبق فقط على الدول المنتجة، وإنما تعد الدول الغنية جدّا وغير القادرة على التكيف أيضا من بين ضحاياها.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع